سيناريوات أردوغان
نظام مارديني
لم تكن الانتخابات التي أجريت أمس عادية بل هي انتخابات كانت للاختيار بين تركيا القديمة، البرلمانية العلمانية، التي وضع حجر أساسها كمال أتاتورك، وتركيا الجديدة، الإخوانية التي طمع رجب طيب أردوغان، الأناضولي ذو الجذور العثمانية، في بنائها.
وبعد أن كان أردوغان استرضائياً في تعليقاته لخصومه بعد انتخابات حزيران الماضي ستبدو اليوم هذه النبرة متعالية وفيها من الخيلاء الزهو بالانتصار كما في الانتخابات المحلية والانتخابات الرئاسية في الفترة الأخيرة، وهو سيُعيد تموضعه وانتشاره من جديد، متمترساً خلف ما يُسمى الأمن القومي لبلاده، في حين يستبطن «إخوانيته» الشاردة، فهل رغبت الولايات المتحدة الأميركية في توريط «العدالة والتنمية» وجره إلى تنفيذ مذبحة ضد كل من السوريين والعراقيين… وضد أكراده؟
في ضوء ذلك، فإن قراءة خارطة النتائج وأين ستكون مصالح بلادنا فيها، لا تحتاج لكثير من الجهد بعد هذا العرض. يُضاف إلى ذلك أن هذا الانتصار للثنائي أردوغان ـ أوغلو سينعش مكاتب «داعش» و«النصرة» الإرهابيتين، وهذا ليس سراً على أحد، فبشهادة الإعلام الغربي هناك مكاتب شبه علنية لـ «داعش» في مدن تركيا التي صارت حاضنة للتنظيمات الإرهابية، والجسر الذي يعبر منه الإرهاب إلى سورية والعراق للقتل. وكما تستر حزبه الإخواني وراء اسم علماني «العدالة والتنمية»، أو كما سماها الباحث الصديق توفيق شومان بـ«العلمانية المؤمنة»، كذلك أدعى أردوغان أنه يحارب الإرهاب «الداعشي»، ولكنه في الوقت نفسه يعادي كل جهة تحارب «داعش»، لذلك ألغى اتفاقية السلام المعقودة بين حكومته وحزب العمال الكردستاني PKK ، وشنّ عليه عمليات دموية، بعد أن نَعِم الشعب التركي بسلام لعامين، كما ألغى الاتفاقية بعد أن ألحق الأكراد في مدينة كوباني عين العرب السورية، هزيمة ماحقة بقوات «داعش»، الأمر الذي أزعج أردوغان، فسهّل قيام انتحاريي «داعش» بتفجيري تموز الماضي وتشرين الأول المنصرم والتي ذهب ضحيتهما مئات من الضحايا الأكراد واليساريين في المدينة.
مشكلة أردوغان أن كل أوراقه باتت مكشوفة داخل تركيا وخارجها. فالحرب التي زعم أنه يشنها ضد الإرهاب تحولت حرباً ضد قواعد حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في شمال العراق وضد أكراد سورية، ليس هذا فقط بل وعلى الحزب السياسي الذي يمثل أكراد تركيا داخل البرلمان التركي أي «حزب الشعوب الديمقراطي».
السيناريوات المحتملة لتركيا الإخوانية المتجددة، ورغم إيحائها بالنصر إلا أنها ستنعكس على أردوغان، وعلى حزب العدالة والتنمية، بنتائج عكسية. والأسئلة التي يطرحها المراقبون تتلخص بالتالي:
1 – ما هي تداعيات الانتخابات؟
2 – لماذا تقدّم العدالة والتنمية؟
3 – هل تنزلق تركيا نحو الاضطراب؟
ولا شك في الأيام والأسابيع المقبلة الجواب المبين!