فوز حزب أردوغان… أم فشل المعارضة؟
حميدي العبدالله
فاز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية المطلقة التي تؤهّله لتشكيل الحكومة التركية بمفرده.
وأقام الحزب احتفالات عارمة في أنحاء مختلفة من تركيا، ومن حقه أن يحيي مثل هذه الاحتفالات بعد أن حقق فوزاً لم يتوقعه حتى قادته، الذين ظلوا حتى ساعات قليلة من اكتمال عمليات فرز الأصوات يتوقعون الحصول على 45 من الأصوات. قد يعتقد البعض أنّ السبب الرئيسي لفوز حزب العدالة والتنمية هو السياسات التي اعتمدها الحزب، ولا سيما قادته وعلى رأسهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الحكومة أحمد داوود أوغلو وحملاتهم الانتخابية المكثفة، وسياسة الترهيب التي مورست ضدّ أحزاب المعارضة، ولا سيما حزب الشعوب الديمقراطي. لكن الصحيح أنّ زعماء العدالة ذاتهم قادوا حملة 7 حزيران بنفس القوة، واعتمدوا السياسات ذاتها ورفعوا شعارات لا تختلف عن شعارات حملتهم في الانتخابات الأخيرة، ولكن في 7 حزيران فشل الحزب في الحصول على الأغلبية المطلقة، في حين أنه في انتخابات 1 تشرين الثاني حصل على هذه الأغلبية التي تمكّنه الحكم بمفرده من دون أيّ إزعاجات.
في التفاصيل فوز حزب العدالة والتنمية ناجم عن انتقال أصوات حزب الحركة القومية، أو استعادة الأصوات التي خسرها في انتخابات 7 حزيران وذهبت إلى الحركة القومية وإلى الأكراد.
حدث هذا لسببين أساسيين، السبب الأول، أنّ حزب الحركة القومية يعتمد السياسات ذاتها التي يعتمدها حزب العدالة والتنمية، ربما باستثناء الموقف من سورية، وتحديداً السياسات إزاء القضايا التركية الداخلية ومنها الموقف من الأكراد والسياسات الاقتصادية، وبديهي أن يكون الانتقال سهلاً في تصويت الناخبين بين الحزبين. السبب الثاني أنّ حزب الحركة القومية لم يستفد من التفويض الذي منحه له الناخبون وعاد إلى الحكم عبر تشكيل حكومة ائتلافية، فكان يرفض بقوة تشكيل هذه الحكومة من قوى المعارضة، وهو الذي عطل إمكانية أن يكون هناك بديل لحكم حزب العدالة والتنمية، على الرغم من أنّ الأحزاب الثلاثة المعارضة كان بمقدورها تشكيل ائتلاف حكومي والحصول على ثقة مجلس النواب التركي.
لقد برهنت تجربة ما بعد انتخابات 7 حزيران أنّ المعارضة غير مؤهّلة للحكم، وأنها لا تزال أسيرة خلافاتها، ولأنّ ثمة شريحة في المجتمع تنشد الاستقرار عن أيّ طريق كان، فمن البديهي أن ترى هذه الشريحة أنّ الطريق الأقصر والمضمون للاستقرار هو إعادة حزب العدالة والتنمية إلى الحكم طالما أنّ ائتلاف الأحزاب المعارضة في حكومة واحدة أمر متعذّر، فإعادة إنتاج معادلة 7 حزيران يعني إبقاء تركيا في أزمة سياسية مفتوحة، وهذا ليس بخيار، ولهذا يمكن القول إنّ المعارضة هي التي أهدت الفوز في 1 تشرين الثاني لحزب العدالة والتنمية من خلال فشلها في الاتفاق في ما بينها وعجزها عن تشكيل بديل لحكم أردوغان وحزبه.