لحود: ربحنا المعركة والدولة في سورية لن تسقط ولكن الحرب لم تنته مراد: المشروع الأميركي – الصهيوني لن يستهدف إلا الدول التي تأثرت بعبد الناصر

لمى نوّام

جولة أفق سياسية وعسكرية أجراها الرئيس إميل لحود مع وفد النّشطاء الأوروبيين، الذي التقاه أمس ضمن جولته على عدد من القيادات اللبنانية. «الرئيس العماد المقاوم» استهلّ حديثه بعرض تجربته في قيادة الجيش لاستخلاص العِبَر في كيفيّة تعاطي بعض المسؤولين اللبنانيين المُرتَهنين للخارج مع القضايا الوطنية. وبخبرته العسكرية المتراكمة في الجيش ضابطاً وقائداً، تناول الوضع وتطوراته في سورية، جازماً بأنّنا ربحنا المعركة لكن الحرب لم تنته بعد، لافتاً إلى دعم أميركا والخليج للإرهابيّين للنيل من سورية الأسد المقاومة. وأكّد لحود أنّ النظام في سورية لن يسقط، علماً بأنّ الغرب وبعض العرب راهنوا على سقوطه سريعاً.

وكان استهل اللقاء في دارة الرئيس لحود في اليرزة بحضور النائب السابق ناصر قنديل، رئيس «تجمّع المغتربين من أجل سورية»، عمران الخطيب بكلمة جاء فيها: «أُهنّئ نفسي وجميع أعضاء الوفد، لوجودنا في حضرة الرئيس المقاوم الصديق لسورية الأسد ، في حضرة القامة الشامخة، وأُبدي امتناني لاستقباله لنا، نحن فريق من جنسيات ومجالات مختلفة، جئنا لنقول لكل رموز المقاومة إنّنا معها ونُؤيّدها، ونفخر بأننا من هذا النهج».

الرئيس لحود

وردّ الرئيس لحود مرحّباً بالوفد وقال: «في الحقيقة، اليوم أصبح جليّاً للعالم كلّه ما يجري في الشرق الأوسط، خصوصاً أنّ في الماضي، كان العالم كلّه مغشوشاً بالمال الذي يُصرَف من الخليج».

وعرض لحود لتجربته في قيادة الجيش وعملية دمج الأولوية وعلاقته بالمقاومة، قائلاً: «في اليوم الأوّل من تعييني قائداً للجيش، كان هناك عملية على الحدود. اتصل بي السفير الأميركي حينذاك وطلب مني أن يُسلِّم المقاومون سلاحهم، فكان جوابي هم يُدافعون عن أرضهم».

وتابع: «للأسف في لبنان منذ الاستقلال، يعتبر المسؤولون السياسيون أنّ لبنان دولة صغيرة، والجيش لا يُمكنه أن يُحارِب «إسرائيل» وأنّها مُحيّدة عن فلسطين، وأنّ ولاءنا هو للغرب فقط. عندما عُيِّنتُ قائداً للجيش لم أكُن أعرف قائداً سورياً، وعندما تسلّمت القيادة غيّرتُ فكرة التسييس الطائفي».

وأضاف: «ما جرى، لا أحداً من المسؤولين السياسيين آنذاك كان يريده، ولم يكُن حزب الله موجوداً، فقمتُ بالدمج وتوحيد الجيش، لأنني أردت أن يكون جيشاً للوطن أجمع».

وتابع: «عندما طُلِب منّا أن ندخل الجنوب، بعد تراجع السلطة السياسية عن رأيها، فمنذ 28 سنة، لم يكُن الجيش موجوداً أو دخل أرض الجنوب، فأعطيت حينها دعماً مُطلقاً للمقاومة، وعندها بدأت معادلة الشعب والمقاومة والجيش، التي أنقذت لبنان من الطائفيّة المذهبيّة».

ولَفَتَ إلى أنّ «الدول الغربية لم تكُن راضية عن هذا الأمر فأميركا من دون «الأواكس» تسقط، وهي تدفع مع السعودية للأصوليّين، فالتاريخ هو المستقبل، ويمكن أن يُعاد، لذلك أُخبركم تجربتي».

وعن الوضع في سورية قال لحود: «الحل آتٍ في سورية، والشعب هو الذي يُقرّر، بعيداً عن تدخُّلات السعودية التي تصرف أموالاً باهظة على الكذب والتضليل الإعلامي وتشويه الحقائق، فهم يتعمّدون العمل على الفتنة الطائفية والمذهبيّة، ولكن ما حصل في سورية لم يتوقّعوه، لأنّ قائد سورية الرئيس بشار الأسد، لديه ضمير حيّ، ولديه شعب آمن حتى خلال الأزمة المستمرة، منذ خمس سنوات، بالعلمانيّة والوطنيّة التي علّمه إياهما الرئيس الراحل حافظ الأسد، ولديه أيضاً جيش عقائديّ بناه الأب وأكمل نهجه الإبن».

وأكّد لحود أن «النظام السوري باقٍ، ولا أحد في العالم يستطيع إسقاطه، وأصبح هذا الأمر واضحاً أمام العالم»، وقال: «في السابق كانوا يقولون إنّ النظام لن يصمد وسيسقط، لكن الآن أصبحوا يتحدّثون عن إمكانية إيجاد حلول، أو إيجاد حلّ مؤقّت، ويصرّح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند آنذاك، أنّ على الرئيس الأسد أن يكمل مدّته في الرئاسة، وبعدها يتنحّى. وهذا أمر مخالف للديمقراطية الانتخابية، فالشعب هو الذي ينتخب و يُقرّر. ويقول مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان أيضاً، لنترك الأحداث تجري لوحدها في سورية، ونهتمّ سريعاً بانتخاب رئيسٍ في لبنان، وبعدها كل شيء يتغيّر».

وقال: «أنا وطني لبنان، لم آتِ من بيئةٍ سوريةٍ ولا إيرانية، أنا متعلّم في بريطانيا، لكني وطني لبناني، أؤمن بالتعدديّة، وأن لبنان وطننا، وحين أتيتُ قائدَ جيشٍ اكتشفتُ، بحمايتي وبمسؤوليتي عن حماية بلدي، أمرين: أولاً، أنّ الوحدة الوطنية ممنوعة حين حصلت تدخُّلات في عملية توحيد الألوية، وثانياً أنّ «إسرائيل» محميّة حين تدخّلت وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت العام 2000، لحماية المطالب «الإسرائيلية»، وعندما لا يستطيع الأميركان أن يتدخّلوا مباشرة، يُدخلون السعودي. والدليل المبادرة العربية للسلام وما حصل فيها، فعندما تفشل السعودية تستخدم الرشوة».

وأضاف لحود: «هذا هو المجتمع الدولي، يتكيّف حسب مصالحه الآنيّة، ومنها للأسف مصالح شخصيّة، ولكن نحن لن نربح إلاّ إذا ربحنا الحرب. ما حصل في سورية هو معركة، «إسرائيل» و أميركا تعلّمان الفساد لأن مبادئهما تُبنى على الرشوة والقوة والمصالح. «إسرائيل» تحكم بأموال الخليج لتشتري ضمائر المسؤولين الذين يرون أنهم قادرون على التأثير في العالم العربي، وفي الوقت نفسه، تفتعل الفتنة والمذهبية. فهي تحكُم بهذه الطريقة، لتستطيع أن تلغي هذا الأمر، لذلك قلت لكم لم تنتهِ الحرب بعد على الرغم من أنّنا ربِحنا المعركة».

و أكّد لحود «أنّ الحرب ستبدأ من لبنان لأنه النقطة الأضعف في محور الممانعة، ستبدأ من حزب الله لبنان إلى سوريا الأسد إلى روسيا بوتين إلى الصين. رأسها في لبنان، لأنّ «إسرائيل» افتعلت ربيعاً عربياً في الشرق الأوسط، ووصلت أخيراً إلى أنها ستخسر في سورية، فماذا ستفعل؟ لو انتخبنا أصلح رئيس جمهورية في لبنان، وأنا كنت رئيساً للجمهورية، ولكن مع مجلس نواب كهذا الموجود حالياً في لبنان و الذي لم يستطِع أن يُزيل النفايات عن الطرقات، وأنا قلتها منذ زمنٍ، وليس الآن، أنهم سيصلون إلى وقت يصبحون فيه عاجزين، لأنهم مدّدوا لأنفسهم».

و تابع لحود: «لأنّ لبنان انتصر على «إسرائيل»، افتعلت وأميركا نزاعاتٍ مذهبيةً لإنشاء دويلات تتحكم فيها لأنها دولة عنصريّة دينها اليهودية».

وشكر لحود للوفد زيارته ومساندته المقاومة وسورية، في ختام اللقاء.

الصيداوي

وعقّب مدير «المركز العربي للدراسات السياسية والاجتماعية» في جنيف رياض الصيداوي: «أتينا كوفدٍ من أوروبا إلى لبنان وسورية لدعم صمود سورية والمقاومة. لقد التقينا عدداً من الشخصيات، واليوم الرئيس لحود الذي تحدّث بكلِّ عفوية عمّا حدث خلال فترة حكمه».

وأضاف: «أنّ مشروع المؤامرة على سورية ليس وليد اليوم، بل منذ سنواتٍ وقبل الأزمة، وقد أكّد الرئيس لحود أنّ ما يحدث في سورية هو مؤامرة كبيرة مُحاكة منذ سنوات وسنوات بسبب نصرتها للمقاومة، والمستفيد الأول من كل ذلك هو العدو «الإسرائيلي». نحن نستغرب كيف أنّ هذه المليارات التي تُصرف من السعودية وقطر وغيرهما، لم تُدفع لتحسين الأحوال المعيشية في البلدان العربية وبناء مجتمع عربي واحد موحد، إنّما تُدفع لتدمير الوطنية والقومية التي تركها جمال عبد الناصر».

لويس

وقال النائب السابق في البرلمان البلجيكي لوران لويس، بدوره: «لقد التقينا اليوم برجل دولة كبير، رجل دولة يحافظ على الوطنية والأخلاق الوطنية، رجل يرفض الرشوة والفساد ويحافظ على المبادئ. إنّه رجلٌ نادرٌ في زمننا هذا، حيث يسشتري الفساد في كل شيء».

وأضاف: «الرئيس لحود رجل شجاع. فبمجرّد إعلانه لهذه المواقف يخاطر بحياته، فالكثير استُهدف لوقوفه إلى جانب المقاومة والحق، وهو وقف في وجه اللوبي الصهيوني الذي يحرّك المنطقة عبر العملاء».

وأشار لويس إلى أنه التقى «بالكثير من الشخصيات، لكن نادراً ما ألتقي بشخصية نادرة وقوية وشجاعة، خصوصاً بالصدق الذي تكلّم به لحود».

وختم: «بالنسبة لسورية، اكتشفنا أنّ المؤامرة كانت قديمة وتمتدّ إلى التعبئة الكونية الشاملة على سورية، لكن المقاومة واجهت ذلك. اليوم نرى سورية والمقاومة تنتصران، ولكن للأسف العدو الصهيوني يستغل النّعرات الطائفية التي سيتمّ الانتصار عليها بالوطنية».

مراد

واختتم الوفد زيارته لبنان بِغداءٍ أقامه رئيس حزب الاتحاد، الوزير السابق عبد الرحيم مراد على شرفهم في حَرَم الجامعة اللبنانية الدولية في بيروت. وتحدث في البداية عمران الخطيب الذي قال: «نقدّم الشكر والامتنان للوزير مراد على استقبالنا وإعطائنا من وقته الثمين هذا الحيّز، وهو قامة من قامات الأمة العربية، وهو رمز من رموز المقاومة».

وأضاف: « نحن مجموعة من نُشطاء أوروبيين جئنا إلى هنا، إلى بلد المقاومة، إلى أطهر أرض. الأرض التي أعادت لنا عزّنا وكرامتنا، وقهرت العدو «الإسرائيلي» الغاصب، جئنا لنتبارك أوّلاً، ولنُعبّر عن تأييدنا الكامل لهذه المقاومة، إن كانت في لبنان، أو في سورية، أو في العراق، أو في اليمن، أو في جميع أنحاء الأمّة العربيّة. وجئنا أيضاً لنكون شهود حقيقيّين على ما يحصل من أحداث لنعبّر عن هذه الأحداث بمنتهى الصدق والشفافية أمام دولنا و حكوماتنا الغربيّة».

و رحّب مراد بالوفد وقال: «نحن نعلم أنّ الدول الأوروبية والغربية تأتي إلى بلادنا لتفتح الجامعات منذ زمن طويل، هنا في لبنان تحديداً، هناك الجامعة الأميركية والألمانية والفرنسية، ليس في لبنان فقط، ولكن في معظم الدول العربية».

وأشار إلى أنّ «المشروع الأميركي – الصهيوني لن يستهدف إلا الدول التي كان لجمال عبد الناصر وثورة 23 يوليو تأثير فيها، سواء في الجزائر أو في تونس أو ليبيا أو السودان أو اليمن أو سورية أو العراق. وهذه الدول التي تأثّرت بثورة 23 يوليو، وصنعت الثورات، وجاء المشروع الأميركي – الصهيوني ليثأر من كل هذه الثورات والتغيّرات».

وتابع: «العام 1967، كان هناك هزيمة عربية للأسف الشديد، عندما قام العدو الصهيوني بالحرب الشهيرة آنذاك، وهذا ما أدى إلى انعقاد قمّة عربية في الخرطوم التي أصدرت ثلاثة مبادئ وهي: لا صلح، لا اعتراف، ولا تفاوض مع العدو الصهيوني. ولكن بعد النصر الذي حقّقه الجيشان المصري والسوري على «إسرائيل» العام 1973، رُفعت شعارات جديدة تصالحت مع العدو الصهيوني في كامب ديفيد، وفي وادي عربة، وفي أوسلو. وسقطت شعارات قمّة الخرطوم نتيجة تأثير المشروع الأميركي – الصهيوني».

وأشار مراد إلى أنّ الدول العربية التي عقدت اتفاقيات مع «إسرائيل» هي فلسطين ومصر والأردن، وأكثرية الدول العربية الأخرى أقامت تحالفات مع العدو الصهيوني تحت الطاولة وليس مباشرةً.

وأضاف مراد: «بقيت سورية هي الدولة العنيدة التي رفضت أن تُقيم، بأيّ شكلٍ من الأشكال، لا مباشرةً ولا مداورةً، أيّة علاقة مع العدو الصهيوني، وكان شعارها الوحيد دائماً أنّ القضيّة الفلسطينيّة هي قضية العروبة الأولى، والقضية الوطنية الأولى. ونحن نعتقد أنّ من لا يعتبر أنّ فلسطين هي قضية العرب الأولى، لا يكون عربيّاً أصيلاً ولا إسلاميّاً أصيلاً، ولا مسيحيّاً أصيلاً».

وأكّد مراد أنّ «الهجمة البربرية التي استهدفت بهذا الحجم والحشد الإرهابي الذي حُشد من كافة دول العالم، أصبحت حرباً دولية على سورية، لأنها تُمثّل قلب العروبة والإسلام المعتدل الذي يُشكّل نموذجاً ناجحاً يُحتذى به في الدول العربية كلّها».

وبعد اللقاء غادر الوفد بيروت إلى دمشق، على أن يعود إلى لبنان بعد عشرة أيام لمتابعة لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى