«لم نعد صغاراً» لمهى جرجور… محاكاة للمراهق بعصرية ناجعة
ليندا نصّار
تعتبر المراهقة من المراحل الأساسية في حياة الإنسان، وترافقها عدّة مشاكل، فيعاني المراهق من عدم تفهّم الآخرين له، ويعيش حالة اللااستقرار، وتنعكس هذه الأمور والمشاكل على شخصيّته في ما بعد.
في مجموعتها الثانية، تسير الدكتورة مهى جرجور على خطى المجموعة الأولى التي حملت العنوان نفسه «لم نعد صغاراً»، فتنتقل من القصص إلى الاستثمار التربويّ. وهي لا تكتفي بمجرّد إيصال رسالة إلى المراهقين، إنما تسعى إلى توظيف أفكارها في سبيل تحسين لغتهم والعمل عليها، محقّقة الفائدة للجميع.
تتوجّه الكاتبة إلى المراهق وتتعامل معه على أنّه ناضج وواعٍ، وتحاول تغيير نظرته إلى نفسه من دون أن تتعرّض إليه أو تكسر تمرّده وعنفوانه وطبعه الناريّ الذي يحكم هذه السنّ. إنها تحاكي المراهق بطريقة عصرية، فهي تضع نفسها مكانه مراعية ظروفه.
الأمثلة كثيرة على العمل المتقن في هذه المجموعة. ففي قصّة «لا أريد»، تطرح الكاتبة موضوع المراهق الرافض تصرّفات معيّنة من قبل الأهل، وتلفت النظر إلى سوء التفاهم الذي ينتج من عدم تفهّمهم له، ما يؤدّي به إلى أن يتعرّض للتجارب ولا يكترث للملاحظات الموجّهة إليه إلا بعد الاختبار.
تتوجّه مهى جرجور إلى المراهق، والأهمّ أنّها تتقبّل كل تصرفاته، فتضعها على طاولة النقاش، بغية الإفادة منها وتعلّم درس يحمله الشباب في حياتهم فلا يكرّرون الأخطاء نفسها. وتتطرّق الكاتبة إلى مواضيع تربوية، إضافة إلى تأثير الأهل واستعداد المراهق إلى تقبّل الملاحظات لاكتساب خبرات حياتية.
المواضيع كثيرة في هذه المجموعة، فقد استطاعت الكاتبة على طريقتها أن تدرج في قصصها علاقة الأصدقاء ببعضهم، وتخطيهم المشاكل المدرسية. وتدخل أكثر لتتغلغل في المشكلة لتنقذهم من ضياع قد يصيب المراهق في هذه المرحلة الحسّاسة، إذ تجده أحياناً يصوّب نظره نحو نفسه وتعتريه تساؤلات عنيفة، فيكون من الصعب تقبّل ذاته خصوصاً بسبب العوائق التي تعترضه، ما يجعل ردود فعله عصبية، فيتسرّع في إطلاق الأحكام على من حوله باعتبار أنّه مضطهد والكلّ ضدّه.
لا يسعنا إلّا أن نقول إنّ مجموعة «»لم نعد صغاراً» الصادرة عن «دار كتابنا»، هي من القصص التي تتسرّب إلى ذهن المراهق. فخلال مطالعته إياها، سيعتريه شغف القراءة، وسيشعر كأنّ أحداً دخل إلى تفكيره فعبّر عمّا في نفسه.
الجدير ذكره، أنّ هذه المجموعة تدلّ على ثقافة صاحبتها، خصوصاً أنّها تربوية وعلى اطّلاع بهذا العمر، إذ يبدو جليّاً المجهود في البحث عن موضوع المراهقة للإحاطة به من عدّة نواحٍ، لتعميم الفائدة وتفهّم وضع الشاب الذي يُحدَّد مستقبله انطلاقاً من هذه المرحلة.