السنيورة يُدخِل السلسلة في بازار الصفقات

هتاف دهام

ينتهج رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة منذ عام 2006 نهج الابتزاز في التعاطي مع المكوّنات السياسية لحلّ الملفات العالقة… من ضبط الأوضاع الأمنية، الى تسهيل تشكيل الحكومات، وتسيير أعمال المجلس النيابي وصولاً الى الانتخابات الرئاسية.

يخوض السنيورة سياسة المقايضة لتسهيل عمل المؤسسات، وهو لا يتورّع عن طرح صفقة تقضي بتمرير سلسلة الرتب والرواتب والموازنة العامة للعام 2014 والتي أعلنها وزير المال علي حسن خليل في مقابل طي صفحات الماضي، ونسيان ما قام به يوم كان في سدّة المسؤولية، وما تخلل تلك الفترة من هدر ونهب وسرقات من الخزينة العامة، لا سيما قصة الـ11 مليار دولار الشهيرة.

وضع السنيورة في مقابل إقرار الموازنة والسلسلة الـ69 مشروع قانون المرسلين من حكومته المبتورة وغير الشرعية نتيجة انسحاب 6 وزراء منها عام 2007 والموضوعين في أدراج المجلس النيابي. يريد السنيورة تشريع التجاوزات في مقابل التشريع وإعطاء الناس حقوقهم.

انسحب نواب تيار المستقبل: جمال الجراح، غازي يوسف، عاطف مجدلاني من جلسة لجنة المال والموازنة الثلاثاء الماضي بحجة الانتقائية في إدراج مشاريع القوانين على جدول أعمال اللجنة، مطالبين بمعرفة مصير الـ 69 مشروع قانون المذكورين آنفاً، على أمل إيجاد الحلّ السياسي لها خارج إطار اللجنة، على رغم انه كان في إمكانهم حضور الجلسة والمعارضة من داخلها، إلا انهم لجأوا الى تعطيل النصاب.

رفض نواب المستقبل إقرار مشروع القانون الرامي الى إبرام اتفاقية قرض إضافي الرقم 745 وإبرام اتفاقية تعديل القرض الإضافي لتمويل مشروع الأبنية التعليمية في بيروت وتعديل اتفاقية القرض الرقم 650 المبرمة بموجب القانون الرقم 552 تاريخ 20/10/2003 المعقودة بين الجمهورية اللبنانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والمشروع الرامي الى طلب الموافقة على إبرام اتفاقية قرض بين حكومة الجمهورية اللبنانية والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع إعادة تأهيل منشآت الكهرباء المتضرّرة من العدوان «الاسرائيلي»، مشترطين ان تقرّ One package لا بالمفرّق.

يدرك السنيورة أنّ أيّ إقرار لمشاريع القوانين لن يحصل من دون تسوية سياسية. انتهج سيناريو التعطيل على رغم أنّ المشروعين اللذين وضعهما رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان على جدول الأعمال أحيلا إلى اللجنة من المجلس النيابي، بصفتهما مشروعين حيويّين لا يشكلان محط خلاف بين الفريقين، ويجب إقرارهما لأنهما قروض، بعضها دفع الى الدولة اللبنانية لذلك يجب ان ينظم وضعها القانوني وأخرى يجب أن تقرّ لكي لا يخسر لبنان هذه القروض.

ولما كانت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قد انتقت هذين المشروعين واحالتهما الى المجلس موقعيْن من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، بموافقة الرؤساء الثلاثة سليمان، نبيه بري، وميقاتي ، فإنّ المشاريع الأخرى لم تُحلْ الى المجلس لأنّ لا إجماع حولها من الكتل النيابية، فغالبيتها مرتبطة باتفاقات وقروض كباريس-3 والمحكمة الدولية التي لم تموّل لمرة واحدة بالطريقة العادية، بل كانت تموّل التفافاً من طريق الهيئة العليا للإغاثة.

وأمام ذلك، يمارس رئيس المستقبل نهج التعطيل المتعمّد والابتزاز الموصوف بمنعه البرلمان من التشريع. فإما السير بكلّ المشاريع وعفا الله عما مضى أو أنه ونواب كتلته لا يمرّرون الموازنة ولا السلسلة، ليزيد لبنان عاماً إضافياً على الأعوام التسعة التي مرّت من دون موازنة، ولكي لا تقرّ سلسلة الرتب والرواتب من دون الحصول على صفقة في المقابل.

يُحمّل تيار المستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية وضع المشاريع الـ69 في أدراج المجلس النيابي، على رغم علم نواب المستقبل بأن الرئيس بري كان اتفق والرئيس السنيورة على سيناريو يقضي بأن يأتي السنيورة بتوقيع الرئيس سليمان على مشاريع القوانين. وقال له بري في الاجتماع الذي عُقد الأربعاء الماضي في المجلس النيابي: «أنت يا فؤاد لم تتابع الأمر، ولم تأتِ بأي توقيع على أي مشروع، فأنت من يتحمّل المسؤولية وفي المقابل يعطل نوابك اجتماع لجنة المال».

فعل السنيورة ذلك عن عمد. فهو لو أتى بتوقيع سليمان يومذاك لكان أقرّ بأنّ المشاريع التي صدرت عن حكومته غير شرعية. فيما يلجأ اليوم الى استغلال البلد الذي يعيش على كفّ عفريت لتمرير التسويات التي لم تنجح حتى الساعة، إلا مع رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون الذي يكاد يسحب «الإبراء المستحيل» من التداول، ويثبت مقولة المستقبل «الافتراء المستحيل»، فرئاسة الجمهورية والمصلحة العامة تقتضيان الترفّع عن الصغائر إنقاذاً للبلد. لا تروق هذه السياسة لبعض نواب التكتل الذين يعتبرون انّ المستقبل يستغلّ سعي العماد عون إلى الرئاسة في مقابل المقايضة على أمور لا يمكن المساومة عليها.

لن يتغيّر شيء في جلسة لجنة المال والموازنة يوم الثلاثاء المقبل التي ستناقش في جدول الأعمال نفسه، الى ان تحلّ القصة في شكل كامل، فتيار المستقبل يرى أنّ إقرار تلك المشاريع من شأنه أن يساعد البلد، لا سيما انّ عجزالموازنة العامة للعام 2014 قدر بحوالى 7670 مليار ليرة.

سيبقى السنيورة يحاول استغلال تداعيات الاضطرابات الاقليمية للضغط في مقابل تسيير عمل المجلس النيابي. وسيلجأ هذه المرة إلى إدخال السلسلة في بازار صفقة الـ 11 مليار دولار والمشاريع الـ69 لإبراء ذمته… المستحيل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى