قوى العدوان على اليمن ستقرّ بهزيمتها…

هشام الهبيشان

يبدو واضحاً، تيقن النظام السعودي وحلفائه «ناتو العرب» بعد مرور ما يزيد على سبعة أشهر من حربهم العدوانية على اليمن، من عدم جدوى العمليات العسكرية لإجبار اليمنيين على الرضوخ لإرادة النظام السعودي، وهذا ما أكد حقيقة أنّ اليمن قرّر الخروج من تحت العباءة السعودية، وهذا ما سيدفع النظام السعودي في القريب العاجل بحسب المؤشرات الواردة من أرض المعركة الى إيقاف عملياته العسكرية، في محاولة منه لاستعادة واستيعاب صدمة خروج اليمن من تحت العباءة السعودية، ومحاولة الحصول على بعض المكاسب على طاولة المفاوضات والحلول السياسية المقبلة الخاصة باليمن، مع بدء اندفاع رياح الحلّ السياسي، كبديل من الحرب العدوانية التي شنتها السعودية على اليمن.

وهنا لا يمكن أبداً أن يتمّ الحديث عن أيّ نصر حققته هذه الحرب، لأننا وبعد عملية التقييم الواقعي للأضرار والانتكاسات والخسائر التي لحقت بالنظام السعودي وحلفائه، سنخلص الى نتيجة مفادها أنّ الجميع قد خسر من نتائج وتداعيات هذه المغامرة السعودية، وهنا لا يمكن أبداً التقليل من نتائج وآثار هذه الحرب العدوانية على اليمن، اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، والأهمّ من ذلك هو الملف المجتمعي، الذي هو في حاجة الآن الى عمل مضنٍ لإعادة بناء وترميم البيت الداخلي المجتمعي اليمني، وخصوصاً بعد سلسلة التباينات والشروخ التي خلفتها المغامرة السعودية بين أبناء الوطن الواحد في اليمن.

ورغم حجم الخسائر والتضحيات الذي أفرزته هذه الحرب للشعب اليمني، ورغم حرب الاستنزاف للجيش اليمني وأنصار الله، فما زالت الدولة اليمنية ممثلة بالقوى الوطنية قادرة على أن تبرهن للجميع أنها قادرة على الصمود، والدليل على ذلك قوة وحجم التضحيات والانتصارات التي يقدمها الجيش اليمني وحلفاؤه «أنصار الله» بعقيدته الوطنية والقومية الجامعة، والتي انعكست أخيراً بظهور حالة واسعة من التشرذم لما يسمّى «قوى التحالف وأنصار هادي» و«القاعدة» و«داعش»، إنّ حالة التشرذم داخل هذه المجاميع المسلحة وقوى التحالف، تقابلها حالة صمود وصعود لقوة الجيش اليمني وحلفائه في الميدان، وهذا الصعود والصمود من شأنه أن يضعف الجبهة الساعية الى إسقاط اليمن بكلّ الوسائل والسبل.

وبالانتقال الى ما يجري بالساحة اليمنية عسكرياً، وتحديداً في محافظتي مأرب وتعز بأقصى شمال شرقي وشمال جنوبي البلاد وببعض المدن بشمال وشمال جنوبي اليمن فقد شهدت معظم هذه المدن خلال الأشهر الثلاثة الماضية، صراعاً دموياً كبيراً مدعوماً بأجندات خارجية، في محاولة لإسقاط هذه المدن الاستراتيجية من قبل قوى العدوان لفرض واقع جديد على الأرض، وقد استخدمت قوى العدوان بمعركتها العبثية بهذه المدن تكتيكات واستراتيجيات عسكرية مختلفة وانتهجت أسلوباً تدميرياً واسعاً، بمحاولة لفرض واقع جديد بهذه المدن، ومع كلّ هذا وذاك فقد تكسّرت جميع هذه المحاولات على صخرة صمود الجيش اليمني وأنصار الله.

قوى العدوان بدورها تدرك جيداً أنّ المشهد اليمني يزداد تعقيداً مع مرور الأيام، وخصوصاً مع عجز قوى العدوان عن تحقيق أيّ خرق ميداني استراتيجي، وازدياد حجم الخسائر لديها في اليمن، تزامناً مع تعالي الأصوات الدولية المطالبة بفتح الملف الإنساني للحرب على اليمن، وعلى صعيد آخر لا يمكن للأنظمة العربية التي ساهمت، ولو بشكل معنوي، في توفير الغطاء وإعطاء الشرعية للنظام السعودي للقيام بهذه المقامرة والمغامرة في اليمن أن تستمر طويلاً بتوفير هذا الغطاء، لأنها حينها ستكون أمام واقع جديد، فالسعودية قد تجرّهم الى مغامرات جديدة في المنطقة، وسيكون ثمن هذه المغامرات كبيراً في المقامرات والمغامرات السعودية المقبلة، وعلى محور منفصل لا يمكن أبداً فصل دور القوى الوطنية اليمنية المؤتمر الشعبي الذي يتزعّمه صالح أو انصار الله وحلفائهم، أو استثناء دورهم، كشريك في الحلّ، وهناك إجماع شبه كامل في المنطقة على دور هذه القوى الوطنية ومجموعة الحركات التي تنتمي اليها تحت هذه المظلة، لتكون بمجموعها شريكاً وركناً أساسياً للحل، وهذا مايؤكد بمجموعه حقيقة فشل المغامرة السعودية باليمن.

ختاماً، إنّ جميع القوى الإقليمية والدولية كانت تدرك منذ البداية حقيقة فشل وخطورة المغامرة السعودية الأخيرة على حدودهم الجنوبية مع اليمن، فهذه المغامرة كادت أن تؤدي الى إشعال فتيل حرب وصراع جديد في المنطقة مسرحه الجديد هو اليمن، ما سيكون له بشكل عام تداعيات خطرة على مستقبل استقرار المنطقة الهش والمضطرب بشكل عام، اليوم ومع تيقن النظام السعودي وحلفائه من حقيقة فشل حربهم العدوانية على اليمن، ستكون للحلول السياسية الكلمة الفصل وفق نتائجها المنتظرة في ايّ حديث مقبل عن تسويات للأزمة اليمنية ومعظم ملفات الإقليم العالقة وتغيير كامل ومطلق بشروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم، فالمرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهنات والتساؤلات بل واحتمال المفاجات الكبرى، حول طبيعة ومسار هذه التفاهمات السياسية، فهذه التفاهمات ستكون لها أبعاد مستقبلية ومرحلية عدة، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسار هذه التفاهمات سيخضع لقوانين الحرب والرابح والخاسر فيها، ومن هنا سننتظر الأيام العشرة المقبلة لنستوضح مزيداً من المعلومات التي ستمكننا من قراءة المشهد المستقبلي أمنياً وسياسياً بخصوص تطورات التفاهمات السياسية لنهاية الحرب العدوانية السعودية على اليمن.

كاتب وناشط سياسي- الاردن

hesham.habeshan yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى