إيران ولقاء فيينا

حميدي العبدالله

وجه الإمام علي الخامنئي انتقادات واضحة لما تضمّنه لقاء فيينا من مداولات، وتساءل كيف يحقّ لدولة مثل السعودية أو غيرها أن تطالب بأن يكون هذا الشخص أو ذاك مسؤولاً في دولة مستقلة وذات سيادة، وهل تقبل دولة مثل السعودية أن تجتمع دول مثل اجتماع فيينا وتحدّد من يكون ومن لا يكون في سدّة المسؤولية فيها؟ وبعد هذه التصريحات ألمحت إيران، ردّاً على مواقف السعودية الاستفزازية في لقاء فيينا، إلى احتمال الانسحاب من هذا اللقاء.

لا شك أنّ الموقف الإيراني ينطوي على دلالات كثيرة إضافة إلى ما تضمّنه من مواقف مبدئية إزاء سورية، وإزاء أيّ دولة أخرى في العالم عبر استنكار إمكانية خلق بدع وسوابق في العلاقات الدولية ستقود إلى كوارث وحروب وفوضى.

من أبرز هذه الدلالات أنّ إيران التي حققت من خلال مشاركتها في مؤتمر فيينا كسر الفيتو الذي فرض عليها لفترة طويلة وتقويض سياسة الكيل بمكيالين المعتمدة من قبل الحكومات الغربية، لم تعد منذ الآن في وضع يدفعها لتقديم التنازلات من أجل مجرد الحضور في مثل هذه اللقاءات، فبأيّ حق مثلاً يُسمح للسعودية والولايات المتحدة بالمطالبة بأن لا يكون الرئيس بشار الأسد مسؤولاً في سورية وهو منتخب من قبل غالبية السوريين، أو الاعتراض على مشاركة إيران بذريعة أنها جزء من الأزمة في سورية وليست جزءاً من الحلّ، في حين تشارك السعودية والولايات المتحدة في مثل هذه اللقاءات وهي تجاهر بدعمها لتنظيمات إرهابية، أو تنظيمات مسلحة ينطبق عليها الوصف القانوني أنها جماعات متمرّدة، وحتى الإعلام الغربي يؤكد هذه الصفة.

ثاني هذه الدلالات، أنّ إيران وحلفاءها في سورية ليسوا على المستوى الميداني في وضع يدفعهم إلى استجداء الحلول من السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة، وبالتالي لا يحق لأيّ دولة من هذه الدول وضع الشروط المسبقة على المشاركة الإيرانية، كما لا يحقّ لها انتزاع الحقّ الحصري للشعب السوري في أن يقرّر بنفسه مستقبل بلاده السياسي ويحدّد من يكون ومن لا يكون في سدّة المسؤولية.

ثالث هذه الدلالات، إذا ما استمرّت لغة التعالي والتعطيل، فلن تشارك إيران في لقاء فيينا المقبل، والحاجة إلى تعاون إيران لمكافحة الإرهاب تفرض على الجميع إعادة النظر بمواقفهم وسياساتهم إزاء إيران وإزاء ما يجري في سورية، ومن لا يتحلى بالواقعية على هذا الصعيد عليه أن يتحمّل تبعات موقفه، وعندها سيكون هذا البعض هو المسؤول عن تعطيل التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب ووضع حلول سياسية لأزمات المنطقة تعيد الاستقرار وتنهي حالة الاضطراب والفوضى القائمة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى