عرسال ما زالت مخطوفة فهل تذبح ؟

حسين حمّود

عادت عرسال عقب التفجير الذي استهدف اجتماعاً لـ»هيئة علماء القلمون» في البلدة أول من أمس وأوقع قتلى وجرحى من المسؤولين البارزين في الهيئة، إلى الواجهة الإعلامية بفعل ضخامة الحدث ومدلولاته السياسية والعسكرية والأمنية.

لكن عرسال لم تغب أبداً عن اهتمام التنظيمات الإرهابية، إذ لم يكن ينقضي يوم من دون حصول إشكال أو اعتداء مسلح أو عمليات خطف ضدّ مواطنين عرساليين أو سوريين نازحين إلى البلدة، من دون تركيز إعلامي عليها باعتبارها «حوادث متفرّقة»، وإنْ كانت صادرة عن عناصر في تنظيمات إرهابية تواصل القوى الأمنية ملاحقتها وتوقيفها في كلّ المناطق بناء على عمليات استقصاء كثيفة ودقيقة.

وبالرغم من ضخامة عملية التفجير أول من أمس من جهة التوقيت ونوع الهدف وطريقة التنفيذ، حصل أمس حادث أخطر تمثّل بتعرّض دورية تابعة للجيش أثناء مواكبتها دورية لقوى الأمن الداخلي في حيّ السبيل – عرسال، لانفجار عبوة ناسفة كانت مزروعة إلى جانب الطريق، ما أدّى إلى تضرّر ناقلة جند وإصابة خمسة عسكريين كانوا في داخلها بجروح غير خطرة. أما مهمة دورية قوى الأمن فقد كانت الكشف على موقع التفجير الأول يوم الخميس الماضي والتحقيق في ملابساته.

وقد أعقب العملية حسب المعلومات، إطلاق نار من داخل مخيمات النازحين في البلدة، ثم اشتباك محدود بين الجيش والمسلحين، ما طرح تساؤلات عما يُحضّر لعرسال التي كانت ولا تزال تشكّل عامل استزاف للجيش في ظلّ الخطوط الحمر الإقليمية ومن بعض الجهات المحلية التي تمنع حسم المعركة، علماً أنّ المعلومات المتداولة تشير إلى قرب تفجير الجبهة على نطاق واسع كما حصل في آب العام 2014 ارتباطاً بالتطورات العسكرية في سورية، والتي يتكبّد خلالها الإرهابيون خسائر بشرية كبيرة في الأرواح والمواقع التي ينسحبون منها، إضافة إلى قرب بدء معركة حلب التي يصرّ محور المقاومة على الانتصار فيها مهما كلّف ذلك من شهداء.

وفي هذا السياق جاء استهداف دورية الجيش أمس، وقبله تفجير مكتب «هيئة علماء القلمون» من دون أن يحجب ذلك فرضية امتداد المواجهات العسكرية بين تنظيم «داعش» و»جبهة النصرة» من سورية إلى لبنان، والتي أيضاً ستؤدّي إلى النتيجة نفسها وهي تفجير عرسال مجدّداً وإدخال لبنان إلى أتون حرب جديدة.

عرسال، إذن، وفق ما شهدته ليس فقط في اليومين الماضيين، بل على مدى فترة طويلة سابقة، تقترب من فوهة البركان ما يستدعي، بحسب مصادر سياسية، استنفاراً سياسياً وعسكرياً وأمنياً وتحضيرات لوجستية وتعبئة شعبية، لحسم الوضع على الأرض سريعاً، لإعادة ترسيخ الأمن في عرسال والبقاع عموماً وضبط مخيمات النازحين التي تكاثر فيها السلاح وبات استعماله أمراً «طبيعياً». أيّ في الخلاصة تحرير عرسال المخطوفة من قبل الإرهابيين، على حد تعبير وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، والذي لاقى اعتراضاً من بعض قيادات تيار المستقبل وعدد من رجال الدين، لكن ما حصل في عرسال التي تعرّضت لعمليتين إرهابيتين في أقلّ من 24 ساعة يؤكد صوابية رأي وزير الداخلية، علماً أنّ الخاطفين اعتادوا ذبح المخطوفين إنْ كانوا بشراً أو مدناً أو بلاداً كما يجري في المحيط، وكما حصل لعدد من العسكريين المخطوفين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى