الراعي يدقّ ناقوس الخطر المالي: لإجراء تقني يسمح بالمعالجة جعجع: قانون الانتخابات أهم من المصارف… «الوطني الحر»: لا للتهويل

على الرغم من دقّ البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، ناقوس الخطر الدّاهم على الاستقرار النقدي والمالي، داعياً «القوى السياسية والمجلس النيابي إلى القيام بإجراء تقني يسمح بمعالجة هذه القضية المالية»، بقيت مواقف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب على حالها من المقاطعة حتى الآن، بانتظار نتائج الاتصالات الجارية على كل الخطوط لإيجاد مخارج تُقنع الجميع بالحضور، علماً أنّ «قوى 8 آذار» وكتلة «المستقبل» متمسّكان بـ«تشريع الضرورة» وعدم امتداد الشلل إلى المجلس النيابي.

وفيما توّلت بكركي الاتصالات مع الكتل المسيحية التي تشترط لحضور الجلسة بحث موضوع قانون الانتخاب، أوضح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع بعد لقائه الراعي في بكركي أول من أمس، أنّه سيعلن موقفه النهائي من الجلسة النيابية، أما موقف التيار الوطني الحر فلا يزال موضع تشاور مع «القوات» من جهة، والحلفاء في «8 آذار» من جهة أخرى.

تنبيه البطريرك

في الأثناء، نبّه البطريرك الراعي في عِظة الأحد، «من خطر داهم على الاستقرار النقدي والمالي في لبنان»، داعياً «القوى السياسية والمجلس النيابي إلى القيام بإجراء تقني يسمح بمعالجة هذه القضية المالية التي تفاقمت حتى على صعيد المجتمع الدولي». ورأى أنّ «في ظلّ الفراغ الرئاسي لا يمكن التشريع بشكلٍ عادي، ولا الخلط بين الضروري الوطني وغير الضروري، وبالتالي لا يجوز انقسام المجلس وتعطيل كل شيء»، مشدّداً «مرة أخرى على التقيّد بالدستور»، ومعتبراً أنّ «أولوية العمل في المجلس النيابي تبقى انتخاب رئيس للجمهورية»،

وتساءل: «لماذا مثلاً، التردّد بشأن بتّ مشروعي قانون هما مطلبان وطنيان تُصرّ عليهما كتل سياسية ونيابية مثل: درس قانون جديد للانتخابات مطروح أصلاً في اتفاق الطائف، ومشروع اقتراح قانون معجّل مكرّر، خاص بتحديد شروط استعادة الجنسية المقدم منذ العام 2001. ولماذا عرقلته بإدخال مواد تختصّ باكتساب الجنسية. فاستعادة الجنسية شيء ولها قانونها، واكتساب الجنسية شيء آخر يجب وضع قانون خاص به».

وقال: «إنّنا نصلّي لكي يمس الله ضمائر المسؤولين السياسيين، فيتجرّدوا من مصالحهم الخاصة، ويتحرّروا من المواقف التي تأسرهم، ويضعوا في أولويات اهتماماتهم حماية الجمهورية، لكي يسلم الجميع».

وكان الراعي التقى جعجع في بكركي أول من أمس وحضر جانباً من اللقاء أمين سرّ تكتّل التغيير والإصلاح النائب إبراهيم كنعان، موفداً من رئيس التكتل النائب ميشال عون.

وأكّد جعجع بعد الاجتماع أنه ليس ضدّ القوانين المالية، مشيراً إلى أنّ «قوانين المصارف وتبييض الأموال مهمّة، ولكنها ليست أهم من قانون الانتخابات الذي ما زال منذ عشر سنوات في مجلس النواب».

وقال: «هناك غيرنا من يقف ضدّ القوانين المالية، وحين يريدون أستطيع تذكيرهم بمن يقف ضدّها»، مضيفاً: «قانون الانتخابات الجديد وقانون استعادة الجنسية هما قانونان مهمّان، والباقي تفاصيل».

وعن قول الفريق الآخر بأنّ عدم حصول الجلسة التشريعية كارثة، سأل جعجع: «أليسَ بقاء النفايات على الطرقات كارثة أيضاً؟». وختم: «للبحث صِلَة».

من جهةٍ أخرى، ردّ جعجع عبر «تويتر» على النائب وليد جنبلاط الذي اعتبر أنّ الكتل المسيحية التي تقاطع الجلسة تنتحر، بالقول: «صديقي وليد جنبلاط كلّك لطف وعاطفة وذوق ومحبة… ولكن أحياناً من الحب ما قتل».

بدوره قال كنعان لدى مغادرته الصرح البطريركي: «إننا مع الأولويات، أكانت مالية أو اقتصادية أو اجتماعية، ولكن هذه الأولويات تسبقها أولويات مزمنة، كاستعادة الجنسية وقانون الانتخاب».

ورأى أنّ «الأزمات التي نعيشها هي من واقع الخلل الذي نعيشه، كأزمة الرئاسة التي هي أزمة سياسية وطنية بامتياز، ناتجة من مخالفة الدستور ومخالفة وثيقة الوفاق الوطني لجهة انبثاق السلطة من مجلس نيابي، وقانون انتخاب يحترم الشراكة الوطنية والمناصفة الفعلية».

وختم: «نحن جاهزون بالشراكة لتحمّل مسؤولياتنا الوطنية، ولكن علينا احترام هذه الشراكة، فلا نهوّل ولا نزايد على بعضنا».

وفي السياق قال عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب آلان عون: «لا قرار نهائياً لدى التيار الوطني الحر للمشاركة في الجلسة التشريعية المُقبلة أو عدمها»، مشيراً إلى «أنّ الاتصالات مستمرة قبل موعد الجلسة لتحديد الموقف»، وقال: «الهدف ليس تعطيل الجلسة بل الأخذ بمطالب التيار المحقة».

أما حزب الكتائب فقد كرّر رئيسه النائب سامي الجميّل، خلال لقاء حواري في قصر المؤتمرات في الضبية، «أنّ لا تشريع في غياب رئيس الجمهورية».

اتصالات بين «14 آذار»

وفي الموازاة، أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني، أنّ «الاتصالات لا تزال مستمرة بين قوى «14 آذار» لإيجاد قاسم مشترك في ما يخص الجلسة التشريعية المقبلة»، مشدّداً على «ضرورة بتّ بعض الملفات المالية والاقتصادية بشكلٍ عاجل».

وإذ وصف في تصريح «الجلسة المقبلة بالإنقاذية»، أكّد أنّ الاتصالات لم تنقطع يوماً بين «تيار المستقبل» والبطريرك الراعي.

«التحرير والتنمية»

من جهةٍ أخرى، ردّ عضو «كتلة التحرير والتنمية» النائب أيوب حميد، في حديث خاص لدائرة الأنباء الإذاعية في «الوطنية للإعلام» على سؤال عن الضمانات التي يمكن أن يقدّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري لـ«التيار الوطني الحر»، قائلاً: «الحديث عن ضمانات هو في غير موضعه، لأنّ المجلس النيابي هو سيّد نفسه». وسأل «هل يُراد من الرئيس بري أن يُجبر أعضاء المجلس النيابي لانعقاد الهيئة العامة، على التصويت لاقتراح أو مشروع قانون بعينه؟ هل يستطيع الرئيس بري أن يفعل ذلك؟ هذا أمرٌ في غير محلّه، وطلبٌ في غيرِ محله، المجلس النيابي هو الذي يقرّر إقرار أو رفض أو تعديل أي اقتراح أو أي قانون».

ونبّه عضو الكتلة أيضاً النائب ميشال موسى، إلى «أنّنا اليوم أمام جلسة مصيرية، ليس بتداعياتها السياسية، بل المالية. ذلك أنّ البلد اليوم أمام مخاطر كبيرة. نحن نتحدث عن اتفاقات دولية، خصوصاً أنّ لا مصلحة للبنان، البلد الصغير الذي يتأثر بجمود الاستثمار نتيجة الحروب المشتعلة في المنطقة، في أن يعرّض نفسه للمشكلات، في وقتٍ يشكّل المغتربون أهم دخل لنا، وتالياً فإنّ أي حظر أو تضييق على أموالهم وعلى سواها من الملفات، وعدم توقيع الاتفاقات الدولية، سيعرّضنا لمخاطر كبيرة جداً لا يستطيع لبنان تحمّلها. نحن اليوم أمام أزمة، وليس أمام واقع سياسي يحمل حسابات دقيقة».

وشدّد موسى على أنّ «الأمر ليس موضع سجالات. نحن اليوم أمام أزمة كبيرة جداً، للأسف البلد «مكربج» ، من عدم انتخاب رئيس للجمهورية، إلى وقف جلسات مجلس الوزراء، إلى انقطاع جلسات مجلس النواب، لكننا أمام خطر داهم محدّد، لا طابع سياسياً له، بل طابع وطني اقتصادي. من واجبنا عقد هذه الجلسة لإقرار مشاريع دقيقة ومهمّة»، متسائلاً: «ما نفع وضع قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة في غياب الحدّ الأدنى من الاتفاق في شأنه»؟ لافتاً إلى أنّ «من الممكن وضعه على جدول الأعمال في أي وقت إذا تأمّن الاتفاق بشأنه».

وعن العلاقة على خط الرابية – عين التينة، أكّد موسى أنّها «على المستوى العام ثابتة لأنها قائمة على مفاهيم سياسية كبيرة، لكن وجهات النظر تختلف، كما يحصل مع الفريق الآخر، لكن هذا الأمر لا يُفسد للود قضية».

و رأى عضو كتلة التحرير والتنمية النائب قاسم هاشم، في تصريح بعد لقائه فاعليات اجتماعية وبلدية من قرى العرقوب، أنّ «عدم انعقاد الجلسة سيتحمّله فعلاً من سيساهم في ذلك، لأنّ الظروف والتحديات الكثيرة تتطلّب مزيداً من الإيجابيات والنقاش والابتعاد عن لغة الإثارة والتشنّج والمواقف السلبية، والتفتيش عن أيّة مساحة للتفاهم والتوافق».

إلى ذلك، أيّد النائب أحمد كرامي «انتقاد» جنبلاط الكتل المسيحية لموقفها من الجلستين التشريعيتين، منبّهاً من خطورة «عدم إقرار قوانين لها علاقة بمالية الدولة وبالاقتصاد»، داعياً «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» إلى «حضور الجلستين لإقرار قوانين ضرورية لاستمرار الاستقرار المالي».

وشكّك بألّا يعقد الرئيس بري الجلستين التشريعيتين «لأنّ حضور نواب «تيار المردة» وحزب «الطاشناق» إضافةً إلى المسيحيّين المستقلين، كفيل بإعطاء التشريع الميثاقية»، وسأل: «هل الميثاقية تتوقف فقط عند حضور نواب «القوات» و«التيار الوطني الحر؟».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى