بوتين يقترح إلغاء التفويض باستخدام الجيش في أعمال عسكرية في أوكرانيا

أعرب الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والنمساوي هاينتز فيشر عن أملهما في تقارب موقفي بلديهما حول الشأن الأوكراني، وفي افتتاح المحادثات التي بدأت في القصر الملكي بالعاصمة النمساوية فيينا أمس، قال فيشر إن هذا التقارب سيكون في مصلحة كلا البلدين وفي مصلحة القارة الأوروبية بأسرها.

وأشار بوتين إلى وجود مواقف متطابقة بين موسكو وفيينا إزاء بعض جوانب الوضع في أوكرانيا، لكن هناك أيضاً مسائل تستدعي حلولاً يتفق بشأنها. وأضاف إن الحوار ضروري لإيجاد هذه الحلول، مشيراً إلى أنه ينوي أن يبحث مع نظيره النمساوي كذلك العلاقات الاقتصادية والتعاون الإنساني بين البلدين.

وقد اقترح بوتين على مجلس الاتحاد الروسي إلغاء التفويض باستخدام قوات روسية في أراضي أوكرانيا، إذ قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الرئاسة الروسية يوم أمس، إن الرئيس بوتين أرسل إلى مجلس الاتحاد قبيل توجهه بزيارة رسمية إلى فيينا اقتراحاً خاصاً بإلغاء قرار مجلس الاتحاد الصادر في 1 آذار الماضي بخصوص استخدام القوات المسلحة الروسية في أراضي أوكرانيا، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى تطبيع الوضع وتسوية الأزمة في شرق أوكرانيا وبسبب إطلاق المفاوضات الثلاثية، و قال إن المجلس سيبحث إلغاء التفويض في جلسة تعقد يوم الأربعاء 25 حزيران.

تجدر الإشارة إلى أن قرار المجلس فوّض الرئيس الروسي باستخدام القوات المسلحة الروسية في أراضي أوكرانيا لتطبيع الوضع السياسي في هذا البلد، وتبنى المجلس الأعلى للبرلمان الروسي القرار المذكور وفقاً للدستور بطلب من الرئيس بوتين حرصاً على أمن المواطنين الروس وكذلك أفراد وحدات القوات المسلحة الروسية المرابطة في أراضي أوكرانيا جمهورية القرم ذاتية الحكم في إطار الاتفاق الدولي.

وفي السياق، ناقش الرئيس بوتين مع نظيره الأميركي باراك أوباما في اتصال هاتفي مختلف جوانب الأزمة الأوكرانية وسبل تنفيذ خطة السلام التي قدمها الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو. وأكد الرئيس بوتين خلال الاتصال أن وقف العنف والأعمال القتالية وبدء الحوار المباشر بين طرفي الصراع، يعتبر أولوية لتطبيع الأوضاع في المناطق الجنوبية الشرقية من أوكرانيا، مشدداًعلى أهمية حل القضايا الإنسانية الملحة، بما في ذلك تقديم المساعدة العاجلة للسكان المتضررين. وخلال تبادل وجهات النظر حول القضايا الأخرى، أعرب بوتين وأوباما عن بالغ قلقهما من نشاط المجموعات الإرهابية في العراق، وخصوصاً الدولة الإسلامية في العراق والشام، وأعرب الرئيس الروسي عن دعمه لجهود الحكومة العراقية المبذولة في مكافحة المتشددين وسعيها لإحلال السلام والأمن في البلاد، وتطرق الرئيسان إلى الوضع في سورية في ضوء الانتهاء من إزالة مكونات الأسلحة الكيماوية، فضلاً عن مناقشة البرنامج النووي الإيراني.

وعقد مجلس الأمن الدولي أمس جلسة حول الوضع في أوكرانيا، إذ أعلن مكتب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة أن أعضاء المجلس سيستمعون في الجلسة إلى تقرير مساعد الأمين العام لحقوق الإنسان إيفان شيمونوفيتش.

وكان المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين قال في مؤتمر صحافي في وقت سابق إنه لا يستبعد إجراء لقاء حول أوكرانيا في القريب العاجل مضيفاً أن سيكرس للتطورات الأخيرة في أوكرانيا بشكل عام وليس فقط لتقرير شيمونوفيتش.

وفي حديثه عن تقرير مراقبي الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في أوكرانيا الذي قدم في 18 حزيران قال تشوركين إنه غير موضوعي، إذ يكرر ما تقوله السلطات الأوكرانية بشكل تام، مضيفاً أن كييف تشوه بشكل مستمر موقف الأمم المتحدة وتقدّمه في شكل يخدمها.

وكان المكتب الصحافي للرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أعلن في بيان صدر عنه يوم السبت أن بان كي مون عبر في مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني عن تأييده خطة السلام التي اقترحها بوروشينكو، مشيراً إلى أهمية البند حول إنشاء منطقة عازلة يبلغ عرضها 10 كيلومترات على الحدود بين روسيا وأوكرانيا.

وأضاف تشوركين: «لسوء الحظ فإن السلطات الأوكرانية تعود لعرض موقف المجتمع الدولي والأمم المتحدة في شكل مفيد بالنسبة لها. سيدهشني إذا اتضح أن الأمين العام ذكر هذه المنطقة العازلة التي أعلن عنها بوروشينكو، لأنه ليس من المفهوم ما هي هذه المنطقة.

وذكر أن السلطات الأوكرانية كانت قد شوهت منذ أشهر عدة أقوال المنسق الخاص للأمم المتحدة روبرت سيري الذي قام بزيارة كييف، مضيفاً أن محاولات تصحيح موقف الأمم المتحدة ليتفق مع مصالح السلطات في كييف ليست ممارسة جيدة.

ورفض المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان ديوجاريك التعليق على هذا البيان، ودعا إلى الاعتماد على «أقوال الأمين العام للأمم المتحدة التي قدمها المتحدث الرسمي باسمه»، وكانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق أن بان كي مون «قيم عالياً خطة السلام التي قدمها الرئيس الأوكراني».

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن خطوات الاتحاد الأوروبي في المرحلة الحالية تثير شكوكاً حول الطابع الاستراتيجي للشراكة مع روسيا، مشيرة في بيان صدر عنها لمناسبة مرور 20 عاماً على توقيع اتفاقية الشراكة والتعاون بين الاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية، إلى أسفها بشأن رفض بروكسيل مواصلة العمل على إعداد اتفاقية جديدة لتحل محل الاتفاقية القديمة.

ولفتت الخارجية الروسية إلى أن هذا العمل الهادف إلى تعزيز العلاقات المتبادلة المنفعة بين مواطني الجانبين وأوساط العمل الروسية والأوروبية توقف، وذلك يتناقض مع المصالح الاستراتيجية لشعوب أوروبا، مؤكدة أن اتفاقية الشراكة الروسية الأوروبية وضعت أساساً متيناً لإقامة تعاون وثيق بين الجانبين، وأن الحوار السياسي الروسي الأوروبي أصبح آلية مفيدة لتنسيق المواقف بشأن أبرز القضايا الإقليمية والدولية.

كما أكدت الخارجية الروسية أن اتفاقية الشراكة تبقى الوثيقة الرئيسية للعلاقات الروسية ـ الأوروبية والإطار للتعاون بين موسكو وبروكسيل، بما في ذلك لتسوية الأزمة الحالية في أوكرانيا.

كذلك ناقش وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير ورئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس الوضع في أوكرانيا، إذ أشار شتاينماير إلى وجود تقدم في محاولات تهدئة الوضع في شرق البلاد.

وذكر المكتب الصحافي للرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أن الرئيس أجرى يوم الأحد الماضي مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مضيفاً أنها عبرت عن دعمها لخطة السلام التي اقترحها بوروشينكو وكذلك استعدادها للمساعدة في إجراء المحادثات بين كل الأطراف المعنية».

من جهته قال الرئيس بوروشينكو إن المساعدة والمشاركة الشخصية لميركل والقادة الآخرين شرط مهم لتسوية النزاع في شرق أوكرانيا، مشيراً إلى ضرورة تنفيذ المشاريع الألمانية ـ الأوكرانية المشتركة لإعادة إعمار البنية التحتية في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك.

وفي السياق، نفت «جمهورية دونيتسك الشعبية» اتهامات كييف بتجاهل قوات الدفاع الشعبي للهدنة، مؤكدة في الوقت نفسه أن القوات الأوكرانية تواصل إطلاق النار، حيث نقل عن ميروسلاف رودينكو نائب المجلس الأعلى للجمهورية وممثل حركة «حزب نوفوروسيا» السياسية الاجتماعية قوله أمس «كانت القوات المسلحة التابعة لسلطات كييف تواصل يوم الاثنين قصف مدينة سلافيانسك. لا يجوز القول إن إطلاق النار كان من جانبنا».

من جهة أخرى، أعلن المكتب الصحافي لـ»جمهورية لوغانسك الشعبية» أن امرأة قتلت في إطلاق النار من قبل الجيش الأوكراني على قرية بريفوليه الواقعة بالقرب من مدينة ليسيتشانسك في «الجمهورية» الليلة الماضية.

واتهمت السلطات الأوكرانية قوات الدفاع الشعبي بإطلاق النار على نقاط تفتيش تابعة للجيش في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك. وأكد المتحدث باسم العملية العسكرية فلاديسلاف سيليزنيوف أن قوات الدفاع الشعبي كانت تقوم في الساعات الـ24 الأخيرة بإطلاق النار على نقطة تفتيش تابعة للجيش من أراضي التجمعات السكنية القريبة من سلافيانسك. وأضاف أن الشيء نفسه وقع في مقاطعة لوغانسك حيث أطلقت قوات الدفاع الشعبي النار على نقطة تفتيش في الطريق بين مدينتي سيفيرودونيتسك وستاروبيلسك.

من ناحية ثانية، أفادت وكالة «أونيان» الأوكرانية أن المتطوعين من كتيبة «آزوف» التي يمولها الملياردير الأوكراني إيغور كولومويسكي، أدوا اليمين وتوجهوا إلى شرق أوكرانيا للقتال ضد قوات الدفاع الشعبي. وتضم هذه الكتيبة حالياً 70 جندياً جديداً بالإضافة إلى الجنود المحترفين ليبلغ العدد الإجمالي لجنودها 500 شخص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى