فيرنوشيه: لا نستطيع التأثير على قرارات الحكومة الفرنسية فقط إنما إسقاطها

حاورهم سعد الله الخليل

على رغم الضخّ الإعلامي السياسي الممنهج والموجّه نحو الحرب على سورية، وبينما كانت المساعي الخليجية ـ الأوروبية تسير نحو إسقاط سورية شعباً وجيشاً وقيادةً ودولةً، تمكن أصدقاء سورية ـ وما أكثرهم ـ من إحداث فجوة في جدار تضليل الرأي العام العالمي. ويوماً بعد يوم، كبرت كرة الثلج، وبدأت تتوضح معالم ما خُطّط ودُبّر لسورية، وصارت الصورة واضحة.

من التضامن مع سورية في عواصم القرار، إلى دمشق التي زارتها الوفود الداعمة، تعدّدت أشكال الدعم والهدف واحد: دعم صمود سورية. ومن الزيارات الأخيرة، زيارة نظّمها وفد أوروبي ـ عربي، ممثّل ببعض الشخصيات السياسية والبرلمانية والإعلامية.

«البناء» و«توب نيوز»، التقتا عدداً من أعضاء الوفد ومنظّمي الجولة. وكانت تصريحات محورها دعم سورية في مواجهة التضليل الظلامي العالمي.

فيرنوشيه: المعركة معركة كلمة

الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي جون ميشال فيرنوشيه، لفت إلى انحياز المواقف الأوروبية حيال السير في العملية السياسية لحلّ الأزمة السورية، عقب الدخول الروسي إلى خطّ الأزمة السورية. مشيراً إلى تغيّر المواقف في الدول الأوروبية، لكنه ليس جذرياً، إنما هو تغيير باتجاه صحيح. وأضاف: سياسات الغرب لم تعد متشدّدة كما في السابق إزاء المسألة السورية، ويبقى التشدد حيال قضية بقاء الرئيس بشار الأسد حيث تدور المداولات الفرنسية حول مصير الرئاسة السورية، وحول السياسات الفرنسية وتبعيتها للموقف السعودي. إذا رسمنا خطّاً من باريس إلى السعودية نراه يمر بـ«تل أبيب»، ونجد أن اللوبي الصهيوني موجود بشكل فعّال في الحكومة الفرنسية. ولذلك تأتي القرارات وفق الأهواء «الإسرائيلية».

وحول تأثير القيم الفرنسية في سياسات باريس يقول فيرنوشيه: فرنسا خليط غريب، يحكمها أناس فرنسيون ولكنهم ليسوا فرنسيين، إذ يخدمون مصالح غير فرنسية.

وعن دور المثقفين الفرنسيين في توضيح حقيقة ما يجري على الأرض أمام الرأي العام الفرنسي يقول: سأكتب مقالاً عن زيارتي إلى سورية، وسأنشره في مواقع إلكترونية هي الأكثر قراءةً، وسأشرح ما رأيته في سورية كمقاوم مثقّف. لأنّ المعركة ليست حرباً بالسلاح، إنما هي معركة كلمة. وقال: نحن لا نستطيع أن نؤثر على قرارات الحكومة الفرنسية فقط، بل نستطيع إسقاطها.

عبود: راغبون بحمل السلاح مع الجيش

ميرزا عبود، رئيسة مجلس أمناء «مؤسسة شباب دمشق التطوّعي» من فريق تنظيم زيارة الوفد، رأت أنّ العمل التطوّعي انتقل من عمل اجتماعي قبل الأزمة إلى عمل وطني مع الجيش، ومساعدة جرحاه، ومع عائلات الشهداء.

وتضيف: في بداية الأزمة، حاولنا تقديم المساعدات، خصوصاً في الساحات لنوصل رسالة إلى الشباب السوري عن الإرهاب ومفهومه. إنّ الأزمة لم تؤثر بالعمل التطوعي، لا بل على العكس، زادت عدد المتطوعين باتجاه العمل الوطني. انتشرت سياسة التطوع في سورية قبل الأزمة بوتيرة سريعة جدّاً، ونظّمنا المؤتمر الأول للتطوع برعاية السيدة أسماء الأسد، والذي أقرّ دراسات لإدخال التطوّع في المناهج المدرسية.

وأشارت عبود إلى أن المتطوّع يقدّم جزءاً من وقته، ويقابله من يتبرّع بالمال لهدف خدمي أو اجتماعي، ويوازيهما ما يقوم به المسؤول من تقديم النصائح والإرشادات والتوجيهات، ليستطيع الجميع إيصال الرسالة الصحيحة، ليستمر هذا العمل.

وقالت: بداية التواصل كانت عن طريق موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، ثم جرى تبادل أفكار وأفلام، لتتوضح الصورة حتى بات الشباب داعمين للموقف السوري. وأُسّست «حركة شباب العرب في العالم»، لتشكلّ تجمّعاً شبابياً في عالم المغترب لدعم سورية. عام 2012 خرجنا بمسيرة في بروكسل داعمة بشعارات عنوانها «جئنا نؤيدك يا رئيس بشار»، كما شارك بالانتخابات السورية من يستطيع المشاركة، أما غير السوريين، فطلبوا أن يُسمح لهم بالمشاركة حتى لو بالبصم بالدم، اعترافاً منهم بأنه قائد عربيّ.

واعتبرت عبود أنّ الفكرة من قدوم الوفد العربي ـ الأوروبي، تتمثل بالتعبير عن الوقوف ضدّ الإرهاب، ودعم سورية جيشاً وشعباً وقائداً كما كان من قبل عن طريق التواصل الاجتماعي. ولفتت إلى أن التدخل الروسي العلني بطلب من الحكومة السورية، شجّع الوفد على القدوم. وأعلن أعضاء الوفد في المؤتمر الصحافي الذي عقد في وزارة الأعلام، عن رغبتهم في السماح لهم كشباب عرب، أن يحملوا السلاح ضدّ التنظيمات الإرهابية كـ«جبهة النصرة» و«داعش».

الخطيب: المغتربون أبناء بَرَرة

وأكد عمران الخطيب، رئيس «تجمّع المغتربين من أجل سورية»، أنّ المغترب السوري جزء لا يتجزّأ من الشعب السوري، وهو يقدّم واجبه كمواطن سوري. في المغترب، واجبنا أن نكون أوفياء لبلدنا ولشعبنا، ونأسف لأننا لم نستطع حتى تلآن أن نقدّم ما يقدّمه الجيش السوري من دماء وأرواح، على رغم أننا نبذل من المال الكثير، ونحاول أن نرضي أنفسنا في تأدية واجبنا الوطني.

وأشار الخطيب إلى تبدّل الرأي العام الأوروبي، وإن كان ذلك ليس جذرياً. ولفت إلى أنّ صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية العريقة والرائدة، أجرت استطلاعاً للرأي وسط الفرنسيين حول شعبية الرئيس بشار الأسد والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فحصل الرئيس بشار على 72.5 في المئة، والرئيس الفرنسي على 25 في المئة. وهو تغيّر هائل في الرأي الفرنسي. ولفت الخطيب إلى تأثر القرار الحكومي الفرنسي بالفكر الصهيوني، ما يكشف عمق الأزمة في الحكومة الفرنسية. مستذكراً العشاء الذي أقيم ليهود فرنسا، والذي يدعى إليه كلّ أعضاء الحكومة الفرنسية. وألقى رئيس «الكريف» المنظمة اليهودية الفرنسية كلمة طالب فيها ـ بلهجة الآمر ـ فرنسا بأن تعاقب إيران، ما يدلّ على مدى خضوع الحكومة الفرنسية لتطلّعات الصهاينة.

ويؤكد الخطيب أن دور المغتربين في دعم صمود الشعب السوري نابع من إيمانهم بأنهم أبناء أبرار بهذا الوطن، يفرض عليهم ضميرهم أن يساعدوا الوطن بكل ما استطاعوا. وقريباً، سيرسل «تجمع المغتربين من أجل سورية» دفعة من المساعدات، تنطلق من فرنسا إلى مرفأ اللاذقية.

ويفرّق الخطيب بين المهاجر إلى الدول الأوروبية لأغراض مختلفة، وبين اللاجئين الذين أساء قسم كبير منهم إلى سورية. وقال: سنحاول معهم ومع من غرّر بهم، فعلى رغم أنّ المواطن العربي يتوق للهجرة إلى الخارج، فإن الحصار الاقتصادي والأزمة شجعا كثيرين من العرب للإقدام على هذه الخطوة، وما زاد في ذلك، التصريحات المشجعة. فعندما تخرج «مدام ميركل» لتستقبل اللاجئين كأم حنون، فإن ذلك يعدّ تغريراً بالعرب. وحتى الآن، ما من لاجئ يعرف ما الذي ينتظره.

وأضاف: أراد الغرب بعدما عجز عن قهر سورية عسكرياً، أن يحاول إشعال الحرب الديموغرافية الأخلاقية، وأن يوهم المحتاجين المهدّدين بأمنهم، بأنه الحضن الحنون. وشدّد الخطيب على أنّ ألمانيا تحتاج إلى العقول والأيدي العاملة، وتحاول سرقة العقول السورية، إذ إنّ إمكانية الاستفادة منهم كبيرة. والباقون سيذهبون إلى الدول الفقيرة كاليونان والمجر وبلغاريا مقابل البدل المالي الذي ستدفعه ألمانيا لتلك الدول، كونها لا تقارن مع الدول الأوروبية من حيث حاجتها إلى النخب من المهاجرين الذين سيغرّرون بالمال كنوع من العبودية الحديثة، إذ تستغل الحالة الإنسانية ليقبل المهاجر بأقل أجر يمكّنه من إنقاذ نفسه وأسرته.

قسّومة: القارة العجوز بحاجة للمهاجرين

وتحدث الصحافي الفرنسي جمال قسّومة عن المواقف الأوروبية والدوافع من وراء السخاء الأوروبي على اللاجئين. مشيراً عن تموضع هذه المشكلة في الصف الأول من الدول الأوروبية. وقال: ما نعلمه، أن الأوضاع الاقتصادية في الدول الأوروبية، تعاني مشاكل كثيرة، وهذا السخاء على اللاجئين نوع من التضليل والتغطية على المشاكل الداخلية. المشكلة في أوروبا، أنّها منقسمة إلى قسمين: العجوز، والحديثة التي أغلقت أبوابها في وجه المهاجرين، فيما استقبلتهم أوروبا العجوز لحاجتها إليهم من أجل دعم مصالحها الاقتصادية. نستطيع أن نقول إنّ أوروبا العجوز تعاني نقصاً في اليد العاملة الشابة. فألمانيا تحتاج إلى 800 ألف عامل، وبالتالي ليس كرماً أن تستقطب اللاجئين، إنما هذا نوع من تحقيق المصالح.

وعن الخلافات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي وتهديد كاميرون بالانسحاب من منظومة بروكسل ما لم يؤخذ بالتحفّظات البريطانية إزاء اللاجئين قال قسّومة: إنكلترا ليست تماماً في أوروبا، وهي لم توافق على معاهدة شينغين ولم تنضمّ إلى العملة الأوروبية. ولو أرادت الانضمام لخسرت كثيراً. لا مستقبل للعلاقة بين بريطانيا وأوروبا، لا بل إن الأمور تسير نحو الانفصال، فبريطانيا ميّالة للأميركي، ومن يفكّر وفق الطريقة الأميركية لا يمكن أن يكون جزءاً من أوروبا. أعتقد أن مشكلة اللاجئين تمثل الشعرة التي تقصم ظهر البعير، إذ تجد بريطانيا ذريعة في المهاجرين لتترك أوروبا، وهي ليست الوحيدة التي قد تفعل ذلك، إذ إنّ مشكلة اللاجئين أثارت القلاقل في الاتحاد الأوروبي.

يُبثّ هذا الحوار كاملاً الساعة الخامسة من مساء اليوم ويعاد بثه الساعة الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» على التردّد 12034 ـ قمر «نيل سات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى