حرب عالمية بالوكالة وروسيا في دائرة الاستهداف

تبدو المنطقة على شفير انقلاب يغيّر مجرى الأحداث فيها ويرسم هوية سياسية جديدة من خلال المعركة القائمة بين الأمم والدول، والتي لا تزال مستمرة منذ أحداث «الربيع العربي»، ايّ منذ خمس سنوات.

كلما ازدادت أسباب الانفراج فتحت أسباب للتدهور، وكلما ربح حلف جبهة واجهه الخصم بجبهة أخرى، حتى انّ هذا الكباش لم يهدأ يوماً واحداً، ولم تعرف سوى المواجهة وهي مواجهة الآتي من الأيام التي باتت ملامحها تتوضّح، وبالمشاركة بالمعارك العسكرية في سورية بزخم كبير تكشف روسيا أهمية الاستحقاقات المقبلة، وتكشف ايضاً أهمية المعركة بالنسبة اليها، والتي تتعدّى مكافحة الارهاب، والذي اصبح واحداً من المسلمات عند موسكو، لأنّ الذي يجري اليوم في خواطر الاميركيين هو نفسه ذلك الأمر الذي يتعدّى مكافحة الارهاب عند روسيا، وهو عودتها ككابوس اميركي استفاق ورفع الصوت وأمسك بقبضته على الجزء الأهمّ من ملفات العالم، فالشرق الاوسط هو قلب العالم السياسي، وروسيا دخلت خطوطه الاميركية الحمراء تحت العين الاميركية ـ «الاسرائيلية» من دون ان يتمكن احد منهما عرقلة المهمة.

مسؤول اميركي يقول انّ الروس وكأنهم يقولون لنا نحن الاميركيين اليوم: «لقد عدنا»، وهذا ما لا يمكن تخطيه معنوياً عدا عن انه تحوّل سياسي يصف النفوذ الاميركي المنحدر بالشرق الاوسط بخصوص الملف السوري بالتحديد، وعلى هذا الاساس بدأت واشنطن وحليفتها تل ابيب اللعب على مختلف الحبال التي يمكن استخدامها للضغط على موسكو لكي توقف الحملة التي تتوّجها قائدة للعالم في هذا المجال، اي في مجال إثبات أنه بالإمكان القضاء على «داعش» لا بل الأخطر إثبات أنّ لـ«داعش» أصولاً وجذوراً وأسساً استخبارية مع الاميركيين و«الاسرائيليين».

فجأة تسقط طائرة مدنية روسية فوق سيناء وتتوالى التحليلات والمعلومات ليتبيّن اليوم في أكثر الطروحات ترجيحاً انّ الطائرة انفجرت جواً بعد زرع قنبلة فيها حسبما تبيّن من الصندوق الاسود، وهذا الحداث هو الأخطر والأشدّ عمقاً وتأثيراً على روسيا التي تلقت رسالته هذه جيداً، وهي الرسالة الموقعة من «إسرائيل» وواشنطن كعناصر مقرّرة في هذا الأمر، فملف مثل هذا لا يمرّ عند الروس الضالعين بالأعمال الأمنية الكبرى مروراً عادياً، فهم يعرفون أنه نتاج عمليات تجسّس وخروق لا يمكن لـ«داعش» الدخول فيها ارتجالاً عدا عن انّ «داعش» ليست الا عنصراً منفذاً وهي أبعد عن أن تكون عنصراً مقرّراً.

طائرة روسية أخرى مخصصة للشحن تسقط جنوب السودان، ليُضاف الى الحادثتين العثور على مليونير روسي ووزير إعلام سابق مقرّب من الرئيس بوتين، ميتاً في فندق بواشنطن، وكأن اللعب كله اصبح على المكشوف، والرسائل مباشرة لبوتين بأننا قادرون على استهداف المقرّبين منك من دون كشفنا او إمساك دلائل، لكن عليك ان تتجاوب معنا.

بوتين الذي قرأ الرسائل يعرف انّ ما يجري اليوم هو حرب عالمية بالوكالة، وهو عودة للحرب بين الاميركيين والروس لكن بطريقة غير مباشرة هذه المرة، وهو يعرف انها الأشدّ بعدما بدأت بالحلفاء وانتقلت لتصبح مواجهة مباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا، والأخيرة لن تستسلم لا للقدر ولا لفكرة العدول عن اقتناص فرصة لن تتكرّر في أن تعيد لها قبضة كسر الأحادية القطبية الاميركية والمشاركة كدولة عظمى شريكة في اختيار مصير العالم السياسي.

استهداف روسيا المباشر واحد من حلقات الحرب العالمية الكبرى اليوم بيد الإرهاب والتكفير، و لكن هذا الاستهداف زاد الامور تعقيداً لأنّ المعلومات تشير إلى أنّ الرئيس الروسي ينوي الانتقام وهنا… لقد أعذر من أنذر و حذار ايها الاميركيون من تكرار هذا العبث، وربما لقد أعذر من انذر… انها الحرب الجنونية تحط رحالها، كفيل يتخبّط في كلّ اتجاه علّه يصيب اكثر عدد ممكن من الخسائر التي تخفف عليه وطأة الهزيمة، وهذا الفيل هو الفيل الاميركي «الاسرائيلي» في الشرق الاوسط.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى