حصيلة شهر بعد الإسهام الروسي في الحرب على الإرهاب
حميدي العبدالله
الإعلام الغربي، والإعلام العربي المرتبط بالدول المنخرطة في الحرب على سورية، يتحدّثان عن عدم حصول أيّ تحوّل في مجريات الميدان بعد بدء الطائرات الروسية في توجيه ضربات جوية لمعاقل الجماعات الإرهابية المسلحة. فهل صحيح أنّ التدخل الروسي لم يؤدّ إلى أيّ تغيير، وأنّ الوضع الميداني لا يزال على ما كان عليه قبل التدخل الروسي، وأنّ المعادلات هي هي، وبالتالي إذا كان قصف دول التحالف الأميركي لم يؤدّ إلى نتيجة فإنّ القصف الروسي لا يختلف عنه في مآله؟
إذا تمّ تجاوز قلب المعادلات الإقليمية والدولية جراء الدخول العسكري الروسي، حيث تبخّرت الآمال نهائياً باستفراد الدولة السورية، وإقامة منطقة آمنة، فإنه لا يمكن لأيّ رصد موضوعي لمجريات الميدان تجاوز الحقائق التالية الناجمة عن الإسهام الجوي الروسي في مكافحة الإرهاب إلى جانب الدولة السورية خلال الشهر الأول على هذا الإسهام.
أولاً، انقلاب مسار المواجهات الميدانية، فبعد أن كان الجيش السوري في وضعية الدفاع والجماعات المسلحة في وضعية الهجوم على كافة الجبهات، تحوّل الوضع في جميع هذه الجبهات باتجاه معاكس تماماً، أيّ أنّ الجيش السوري في وضعية الهجوم، والجماعات الإرهابية المسلحة في وضعية الدفاع.
ثانياً، حقق الجيش السوري في جميع الجبهات تقدّماً ملحوظاً على حساب التشكيلات الإرهابية المسلحة، فعلى جبهة ريف دمشق، أخرج المسلحين من المناطق التي سيطروا عليها على طرفي الطريق الدولي في حرستا قبل دخول القوات الجوية الروسية، وحقق تقدّماً على جبهة مرج السلطان، كما حقق تقدّماً على جبهة داريا حتى وإنْ كان هذا التقدّم طفيفاً ولكنه يأتي بعد أكثر من سنتين من توقف المعارك على هذه الجبهة. كما حقق الجيش تقدّماً في جبهة درعا المدينة والشيخ مسكين، وتقدّماً مماثلاً على جبهة القنيطرة بعد استعادته مزارع الأمل والسرية الرابعة، وعلى جبهة حمص حقق تقدّماً في استعادة الأمن في أكثر من بلدتين، وعلى الرغم من أنه تقدّم محدود، ولكنه يشير إلى وجهة المعارك. وعلى جبهة ريف حماة الشمالي الغربي حقق الجيش تقدّماً واستعاد بلدتين، وفي ريف اللاذقية سيطر الجيش على أخطر منطقة وهي قرية غمام والمرتفعات المحيطة بها، إضافة إلى التقدّم في محيط بلدة سلمى، وفي جبهة حلب حقق تقدّماً في الريفين الجنوبي والشرقي وكان تقدّماً ملحوظاً قلب المعادلات الميدانية في أكبر المحافظات السورية.
ثالثاً، ردّت القوى المعادية على هذا الهجوم بهجمات معاكسة كان أبرزها السيطرة على طريق اثريا – خناصر، والتقدّم على المحور الدولي باتجاه حماة، إضافة إلى سيطرة «داعش» على بلدة مهين. بالنسبة لطريق اثريا خناصر تبدّد الهجوم، وزاد الجيش مكاسبه بالسيطرة على مواقع كان يسيطر عليها «داعش». ولم يبق من هجوم الجماعات المسلحة المضادّ من إنجازات سوى بلدة مهين التي سقطت نتيجة انقلاب أهلها على المصالحة، ومدينة مورك في محافظة حماة، لأنّ بلدة سكيك وتل سكيك وعطشان التي سيطرت عليها الجماعات المسلحة على هذا المحور، حرّرها الجيش مؤخراً بعد التدخل الجوي الروسي.
في ضوء هذه الوقائع يمكن القول إنّ الإنجاز الوحيد للهجوم المعاكس للمسلحين هو مدينة مورك، ولكن هذه المدينة على أهمّيتها لا تعادل المكاسب التي حققها الجيش السوري على امتداد الجبهات الأخرى.
بهذا المعنى، فإنّ التدخل الروسي لم يكن فاشلاً، بل حقق النتائج المتوقعة في شهره الأول.