كلّكم فاشلون… بعد إهدار المخزون النّقدي يرهنون المخزون العقّاري لنظام بن علي

توفيق بن رمضان

كلّهم فاشلون… بعد استنزاف المخزون المالي الذّي تركه نظام بن علي، وبعد إغراق الوطن في القروض، وبعد الفشل المسترسل للحكومات المتتالية، ها هم الفاشلون يلجأون إلى المخزون العقّاري الذّي أنجز في فترة حكم بن علي، حقّاً لو لم يكونوا فاشلين لما رهنوا مشاريع قائمة أنجزت في فترة حكم بن علي، فمن الأحرى استعمال هذه الطّريقة من التّمويل الإسلامي في إنشاء مشاريع جديدة من التّي تعطّلت، وعلى رأسها ميناء المياه العميقة في النّفيضة أو مشاريع البنية الأساسيّة من طرقات ومترو خفيف وغيرها من المشاريع المعطّلة.

وللتّذكير أقول: قبل 14 كانون الثاني 2011 كان السّواد الأعظم من التّونسيين «بالعين» ألسنتهم ويسيطر عليهم الخوف والرّعب واللاّمبالاة السّياسية، وقد كنّا ننشط في أحزاب المعارضة القانونية، وقد كنّا نعاني من المضايقات… وقد كان الكلّ يتجنّب مجالستنا والتّواصل والتّعامل معنا، حتّى أنّ الأصدقاء والأقارب هجرونا في المقاهي والأماكن العامّة، وقد كنّا نتعامل مع مجتمع من البكم لا يتحدّثون في الشأن العام والسّياسة، وبقدرة قادر بعد إخراج بن علي، الكلّ تحوّلوا إلى زعماء وأبطال وعناتر وفطاحل في السّياسة وفقهاء مفوّهين في النّقاشات والحوارات السّياسية.

والآن بعد خمس سنوات من الفوضى والتّناحر الحزبي والسّياسي، وبعد ما دمّروا الوطن بالاعتصامات والصّراعات، خاصة تحت حكم أحزاب التّرويكا لإفشالهم وإسقاطهم، وهكذا يضمنون عدم تجديد الثّقة لهم وإعادة انتخابهم، وقد كان العراك من الأطراف السّياسية على أمن وتنمية البلاد، وعلى قوت ووظائف العباد، وقد دمّروا المؤسسات وأغرقوا البلاد في الهاوية، وبتناحرهم الأعمى تضاعف عدد العاطلين وزادوا الفقراء تفقيراً بالغلاء والتّضخّم وزيادة الأسعار العشوائيّة دون محاسب أو رقيب.

وبعد وصولهم إلى الحكم باستعمال أساليب غير أخلاقية، بتدمير البلاد وتهديد أمنها بالتّحريض على التّحرّكات والاعتصامات والإضرابات وبتعطيل دواليب الدّولة وإعاقة التّنمية وضرب الاقتصاد بانعدام الأمن والاستقرار، ها هم وصلوا إلى السّلطة ولكنّهم تسلّموا دولة دمّروها بأيديهم تحت حكم التّرويكا، وها هم يحكمون منذ سنة ولكنّهم لم يحقّقوا شيئاً من وعودهم، بل ازداد البؤس والفقر والانكماش الاقتصادي والدّمار في كلّ المجالات، فقد تسلّموا دولة مدمّرة بسبب أنانيّتهم وتناحرهم وتكالبهم الحزبي على حساب رزق الشّعب وأمن واستقرار وازدهار الوطن «راهم لعبوا بخبزة الشّعب» ولكن المصيبة أنّ الشّعب انتخبهم لأنّهم زوّروا إرادته بفعل سحرة الفراعنة من الإعلاميّين الذّين جنّدوهم.

وبعد سنة من الفشل والعجز، وبعد إهدار ما تركه بن علي من مخزون نقدي، وبعد ما باعوا الأملاك المصادرة وأنفقوا أموالها، ها هم الآن يستنجدون بالمخزون العقّاري الذي أنجز تحت حكم بن علي علّه يساعدهم على سدّ عجزهم وفشلهم وعلّها تجنّبهم الانهيار الاقتصادي والتنموي المحتوم، ها هم يلجأون إلى المشاريع التّي أنجزت في عهد بن علي ليرهنوها لتمويل ميزانياتهم المجحفة التّي موّلت البنوك المفلسة ودعمت رجال الأعمال الفاشلين في المجال السياحي، علّهم يتمكنون من زحزحة «البركة» الاقتصادية والتنموية التّي أوقعونا فيها بتناحزهم السّياسي والحزبي الذّي وصل إلى درجات الإجرام والتّي من المفروض يعاقب عليها القانون، ولكن لا يعاقب إلا الضّعفاء في هذا الوطن الجريح.

وفي النّهاية سؤال يُسأل: يا ترى هل ستكون إنجازات نظام بن علي من العقّارات والمنشآت الوطنية هي قارب النّجاة للفاشلين الذّين تصدّروا المشهد السّياسي منذ سنة 2011، والذين دمّروا البلاد وأضرّوا بالعباد والاقتصاد، وزادوا الفقراء تفقيراً وعقّدوا كلّ الأوضاع، إنْ كانت اجتماعيّة أو تنمويّة أو اقتصاديّة بأنانيّتهم وانتهازيّتهم المقيتة، وبصراعهم وتناحرهم الحزبي المدمّر، وبتآمرهم الذي صدّعوا به رؤوسنا و«طلّعوا» به أرواحنا، وأوصلونا إلى وضعيّة أصبح الكثير من التونسيين يترحّمون على أيّامات حكم بن علي، وجعلت الكثير يقول «مبركك يا راجل أمّي الأوّل» فقد «فدّدونا وكرّهونا» في السّياسة والسّياسيّين والأحزاب والتّحزّب والمتحزّبين.

نائب سابق وكاتب وناشط سياسي تونسي

romdhane.taoufik yahoo.fr

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى