من دمشق إلى فيينا… عذراً ليلة الأنس في كويرس

سعدالله الخليل

فيما تتجه أنظار السوريين والعالم إلى فيينا، حيث يحضر الفاعلون والمنفعلون في الشأن السوري، خطف أبطال الميدان الأضواء وقالوا كلمتهم. وحيث يحضر الحلفاء والأشقاء والخصوم والأعداء، يبقى أصحاب الشأن غائبين عن طاولة فيينا والتي يبدو أنها قد ترسم معالم المستقبل السوري.

ربما يكون الغياب عن دهاليز السياسة مبرّراً، إلا أنّ البطل حاضر على الأرض السورية بفاعلية، وانطلاقاً مما يجري على الجبهات السورية، يبدو أنّ ليالي الأنس لن تكون في فيينا، بل وفق مجرياتِ المعارك التي ترتب أطراف السياسة أوراقها وفق مقتضياتها لتقول كلمتَها، وبدم السوريين تُكتب تفاصيل السياسة.

كالعادة، وقبل كلّ جولة تفاوض أو لقاء يُعنى بالشأن السوري، تتبادل الأطراف الدولية الرسائل والرسائل المضادّة وتستعرض بعضَ أوراق قوتها، لتستبق موسكو وطهران بقية الأطراف بالرسائل. فقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ الإصرار على حصر نقاشات فيينا ببحث مصير الرئيس السوري بشار الأسد سيؤدي إلى فشل المباحثات وهو ما أغلق الباب على السعودية وتركيا ـ أردوغان للعودة إلى أسطوانتها «المشروخة» باشتراط تنحي الرئيس الأسد، للسير في أي عملية سياسية في سورية، أعقبته تصريحات إيرانية بأنّ مشاركتها رهن بإجابات واشنطن عن تصرفات بعض الأطراف المشاركة من دون التشاور مع البقية، في أول اختبار فعلي لسياسات واشنطن حيال الملف السوري، والتي ستخضع لجلسات تقييم روسي ـ أميركي مشترك، واحدة على مستوى وزراء الخارجية وثانية خلال قمة بوتين ـ أوباما في أنطاليا، على هامش قمّة العشرين، بالتزامن مع لقاءات فيينا حيث تتوضح النوايا.

استبقت موسكو لقاءات فيينا بمفاجأتين من العيار الثقيل، الأولى تمثلت بتسريب صحيفة «فيدوموستي» الروسية نقلاً عن مصادر في شركتي «روستيخ» و»روس أوبورون إكسبورت» لصناعة الأسلحة، معلومات عن حزمة عقود لتوريد الأسلحة الروسية إلى المملكة العربية السعودية بقيمةٍ تصل إلى 10 مليارات دولار يتم التوقيع عليها خلال الزيارة المحتملة للملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود نهاية الشهر الجاري لموسكو، ما يعني كسر الاحتكار الأميركي للتسليح السعودي.

أما المفاجأة الثانية، فقد تمثلت بكسر الاحتكار الأميركي أيضاً للمعارضة السورية وبالكشف عن جرعة التنسيق الروسية المتزايدة مع المعارضة السورية التي قدمت معلومات ساهمت في استهداف مقرّات الإرهابيين في أكثر من محور على الأرض السورية، فعلت فعلها في التقدم الميداني وآخرها في ريف حلب حيث نجح أبطال نمر سورية في الوصول إلى مطار «كويرس» العسكري وفكوا الحصار المطبق عليه منذ ما يقارب 30 شهراً سطرت خلالها حاميته أروع ملاحم البطولة وقادت أشرس المعارك متحدّية عشرات السيارات المفخخة وهجمات تنظيم «داعش» الإرهابي، لتسرق الأضواء مما يدور في فَلك السياسة وتؤكد أنّ كلمة الفصل لن تكون إلا للميدان.

من دمشق إلى فيينا، رسالة غائبين عن الطاولة ربما، لكننا حاضرون على الأرض السورية وبقوة، فليلة الأنس لن تكون في فيينا النمساوية إنما في كويرس السورية.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى