موسم «السياحة الانتحارية السعودية» يصل إلى الروشة والأمن العام يقدم نفسه من جديد كبش فداء لحماية المواطنين
استمرّ مشهد التفجيرات الإرهابية متصدّراً واجهة الأحداث المحلية، لكنه هذه المرة كان انتحاراً بكلّ ما للكلمة من معنى، بعدما تمكّن رجال الأمن العام من دفع الإرهابي إلى قتل نفسه داخل الغرفة التي كان ينزل فيها في فندق «دو روي» ـ الروشة.
وفي حين ودّعت المديرية العامة للأمن العام شهيدها وشهيد لبنان المفتش الأول عبد الكريم حدرج الذي افتدى مواطنيه ودفع عنهم جزية الدم الزكي، ومنع الانتحاري من تنفيذ جريمته في منطقة الطيونة منتصف ليل الاثنين ـ الثلاثاء، مجنّباً المنطقة وأبناءها مجزرة كارثية، سجل للأمن العام أمس إنجاز جديد في مواجهة الانتحاريين الإرهابيين ومخططاتهم الحاقدة التي تهدف إلى تفجير الوضع في لبنان.
فأثناء مداهمة وحدة من الأمن العام لفندق «دو روي» في منطقة الروشة، قام انتحاري بتفجير نفسه، ما أسفر عن إصابة 11 شخصاً، 7 منهم مدنيين و4 من عناصر الأمن العام بينهم ضابط برتبة نقيب، وقد نقلوا جميعاً إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت.
وأفادت المعلومات بأنّ الانتحاري الذي فجّر نفسه في الفندق سعودي الجنسية في العشرين من عمره ويدعى عبد الرحمن الحميقي.
وقد تعدّدت الروايات في شأن العمليات التي كان ينوي الانتحاريان تنفيذها، وأفادت مصادر أمنية بأنّ الانتحاري الأول كان ينوي تفجير نفسه قرب تجمع سكني والثاني بين تجمع للناس.
وأفادت مصادر خاصة أنّ وجهة الانتحاريّيْن كانت مستشفى الرسول الأعظم ومطعم الساحة على طريق المطار، على أن يفجر الانتحاري الأول نفسه، ثمّ بعد تجمّع المواطنين والقوى الأمنية يقوم الانتحاري الثاني بتفجير نفسه ليوقع أكبر قدر من الخسائر في الأرواح.
ونفت مصادر أمنية أن يكون أحد العاملين أو الموجودين داخل الفندق هو من أعطى المعلومة للانتحاري بأنّ هناك دورية للأمن العام.
كذلك أفيدَ أنّ استخبارات الجيش قامت بعمليات دهم لفندقين قريبين من فندق «دو روي» في الروشة ولم تعثر على شيء. وأورد موقعا «النشرة» و»ملحق» معلومات مفادها أنّ الأمن العام نفذ عمليات دهم قرب مطعم الساحة على طريق المطار بحثاً عن أحد المطلوبين بقضايا الإرهاب».
كما أفادت معلومات خاصة لـ»ملحق» أنّ الأمن العام داهم أوتيل غاليريا في الجناح واعتقل مواطناً سعودياً.
بيان الأمن العام
وقد أصدرت المديرية العامة للأمن العام بياناً أوضحت فيه تفاصيل عملية المداهمة التي أتت «في إطار الجهود التي تقوم بها المديرية العامة للأمن العام في مكافحة الإرهاب، وبعد عمليات استقصاء ومتابعة قام بها مكتب شؤون المعلومات في المديرية، أسفرت عن رصد شخصين موجودين في فندق «دو روي» في منطقة الروشة يشتبه في تحضيرهما لعمليات تفجير إرهابية. قامت مجموعة من قوات النخبة في المديرية العامة للأمن العام مساء يوم الأربعاء 25/06/2014 بمداهمة الفندق المذكور، وعند وصول عناصر المجموعة إلى باب الغرفة حيث يقيم المشتبه بهما في داخلها، قام أحدهما بتفجير نفسه بحزام ناسف أدى إلى مصرعه وجرح ثلاثة عناصر من المجموعة نقلوا إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت وهم يخضعون للمعالجة، وتمّ توقيف المشتبه به الثاني حيث يتمّ التحقيق معه بإشراف القضاء المختص».
وأضاف البيان: «إنّ المديرية العامة للأمن العام تؤكد مجدّداً أنها، وبالتنسيق مع الأجهزة العسكرية والأمنية، لن تتهاون في ملاحقة الإرهابيين، ولن تدخر جهداً لمنعهم من تنفيذ مخططاتهم في ضرب استقرار لبنان وجره إلى الفتنة، وهذا ما لن يُسمح به إطلاقاً مهما بلغت التحديات والتضحيات».
وخلال تفقّده الجرحى، في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، أكد المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم أنّ «لبنان مستهدف، وليس الأمن العام فقط هو المستهدف»، وقال: «لسنا في حاجة إلى خطابات ولا إلى من يعلّمنا ماذا نفعل، ندرك ما نفعله».
المشنوق
بدوره، أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق من موقع التفجير «أنّ اللبنانيين سينتصرون على الإرهاب»، مشيراً إلى «أنّ ما يحصل هو حرب بين كلّ اللبنانيين وبين الإرهاب»، لافتاً إلى «أنّ الإجراءات الأمنية التي تتخذ تمنع الانتحاريين من تنفيذ عملياتهم، وهذا أمر كبير يجب تقديره للأجهزة الأمنية اللبنانية كلها من دون استثناء».
وكشف المشنوق «أنّ الانتحاري في الروشة كان ينوي تفجير نفسه في مكان آخر ولكن العملية التي قام بها الأمن العام كانت استباقية».
ورداً على بيان لما يُسمّى «لواء أحرار السنة» والذي أعلن انتماء انتحاري الروشة إليه، قال المشنوق: «إنّ أحرار السنة هم أحرار الاستقرار والعدل والأمن»، معتبراً أنه «ليس هناك من أحرار يقتلون الآخرين بواسطة الانتحار»، مؤكداً «أنّ التفجيرات الثلاثة التي حصلت في كلّ من ضهر البيدر والطيونة والروشة أثبتت جاهزية الأجهزة الأمنية التي حمت المدنيين من هذه التفجيرات».
كما عاين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكري القاضي صقر صقر مكان الانفجار في الروشة.
من جهته، طلب وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور من المستشفيات استقبال جرحى التفجير على نفقة وزارة الصحة.
تشييع الشهيد حدرج
في وقت سابق شيّعت المديرية العامة للأمن العام وأهالي الضاحية الجنوبية أمس، المفتش أول في الأمن العام الشهيد عبد الكريم حدرج في موكب مهيب انطلق من أمام منزله الكائن قرب مكان الانفجار في الطيونة.
وعلى وقع موسيقى الموت التي عزفها عناصر من قوى الأمن الداخلي، تقدم ضباط المديرية العامة للأمن العام والأجهزة الأمنية والعسكرية موكب التشييع حاملين الأكاليل، وبعد إقامة الصلاة على روح الشهيد ووري الثرى في جبانة روضة الشهيدين.
وألقى العميد موسى كلمة اللواء ابراهيم، وقال: «يا أهل الفقيد الغالي، يا شهيد الغدر والإرهاب. تعود اليوم إلى معانقة تراب الأرض التي أطلعتك، فأحببتها والتزمت الدفاع عنها. وافتديتها كما افتديت الطيّبين الذين كانوا على موعد مع موت يسرق منهم الفرح وحب الحياة».
وأضاف: «تمضي اليوم إلى ملاقاة وجه ربك شهيداً ملتحقاً بمواكب الأبطال الذين تقدموك إلى جنات الخلد. أبطال الأمن العام، الجيش، قوى الأمن الداخلي، أمن الدولة، الذين فتحت لهم أبواب النعيم بعدما جاهدوا الحسن، وقدموا أغلى ما يملكون في سبيل أن يبقى لبنان واحداً موحداً، أرضاً وشعباً ومؤسسات، محصناً في وجه الفتن الجوالة التي تبدّل لبوسها، لكنها تظلّ واحدة في إطلالاتها الدامية والعبثية».
وتابع: «لن نفسح مكاناً للإرهاب، سنضربه من دون هوادة. وسنعمل على اقتلاع جذوره ومنابته. ولن ندخر جهداً إلا وبذلناه في هذا السبيل. ولن نتسامح مع من يختلق التبريرات ويجد الأعذار لهذه الجرائم الموصوفة. فالإرهاب هو الإرهاب، والإجرام هو الإجرام.