إيران متحفظة وتضع أولويتها تدعيم عسكري لهجوم معاكس على داعش
يوسف المصري ـ خاص
كشف مصدر دبلوماسي لـ«البناء» معلومات عن أهمّ بنود الخطة للحلّ الانتقالي للأزمة العراقية التي قدمها وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى مسعود البارزاني خلال زيارة الأول لإقليم كردستان.
ووفق هذه المعلومات فإنّ هدف خطة كيري إيجاد بداية عملية جديدة تهدف إلى إخراج العراق من انسداد الأفق السياسي الذي دخل فيه بعد أحداث الموصل وتمدّد داعش فوق مساحات واسعة من الديموغرافيا العراقية.
وبيّنت هذه المعلومات أنّ كيري اعتبر أنّ حجر الزاوية في خطته يعتمد على دور نشط وأساسي لمسعود البارزاني في إطلاق دينامية سياسية عراقية تتجاوز حضور رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي.
وبحسب ما كشفه المصدر الدبلوماسي عينه فإنّ خطة كيري تقوم على مجموعة بنود اطلع عليها بشكل خاص مسعود البارزاني، جاء في أبرزها ما يلي:
أولاً – ضرورة أن ينعقد مجلس النواب العراقي في خلال الأيام القريبة حدّ أبعد يوم الثالث من تموز المقبل من أجل انتخاب مسعود البارزاني رئيساً للجمهورية بدلاً من جلال طالباني. وشدّدت خطة كيري على أن يكون البارزاني هو رئيس الجمهورية لأنّ الخطة الأميركية تعطي له دور حجر الزاوية في إنجاز العملية السياسية الانتقالية الجديدة في العراق. وأكثر من ذلك فإنّ خطة كيري تعتبر انتخاب البارزاني رئيساً للعراق جزءاً من الحل الذي تتصوره إدارة أوباما.
ثانياً – تحضّ خطة كيري على أن تتطلع العملية السياسية التي ستبدأ بانتخاب البارزاني للتوصل إلى إنتاج حكومة اتحاد وطني تضمّ كافة مكونات الشعب العراقي، مع مراعاة مطالب «السنة المعتدلين». وأطلق كيري على هذا البند مصطلح «توحيد المكونات العراقية».
ثالثاً – تعتبر خطة كيري أنّ الحراك الذي تقوم به داعش في العراق يشكل خطراً ليس على الأمن العراقي فقط بل على الأمنين الإقليمي والعالمي. وبالتالي يجب التوحد في مواجهته مع تعهّد أميركي بأن الولايات المتحدة ستقوم بدعم العراق في مواجهة إرهاب داعش، ولكن انطلاقاً من تلازم ذلك مع تقدم المسار السياسي.
رابعاً – لم تتطرّق الخطة إلى مستقبل العراق السيادي، ولم تسجل موقفاً من طموحات كردستان العراق بالاستقلال، علماً أنّ البارزاني خلال لقائه بكيري عرض عليه هذه الرغبة عن طريق «تلميح يقارب حدّ التصريح»، حيث قال إنه بعد أحداث الموصل أصبح هناك عراق جديد، وهذا ما جعل كل مكوناته لا تستطيع العودة الى الوراء في لحظ أنهم موجودون في واقع سياسي لا يمت بصلة إلى العراق ما قبل أحداث الموصل.
وكشف أن السلطة المركزية لم تستطع حماية كركوك ما جعل البشمركة تدخل لحمايتها، وشدد على أن الكرد ليسوا في وارد الخروج منها، في ظلّ معطيات ولادة عراق جديد. ونبّه البارزاني كيري إلى أن حدود إقليم كردستان تقع الآن مع حدود داعش، وهذا أمر يجب أخذه في الحسبان خلال النظر إلى مطالب الكرد العراقيين.
وقال البارزاني لكيري إنّ المطالبة بأقاليم خاصة لم يعد حالياً مطلب الكرد، بل إن السنة يطالبون بإقليم خاص بهم وكذلك شيعة كثيرون أيضاً. وكشف أن العراق الآن هو ثلاثة مكونات إقليمية لا تربط بينها سلطة مركزية، هم: السنة والشيعة والكرد.
ويقول المصدر إنّ محادثات كيري مع البارزاني كان سبقها تنسيق كردستاني مع محافل داخل الخارجية الأميركية على صلة بالملف العراقي، ويبدو أنّ هذه المحافل هي التي أوصت كيري بأن يُضمّن خطته حول العراق دور أساسي لبارزاني في قيادة العملية السياسية الجديدة لإنتاج صيغة جديدة للحكم.
أربيل تستضيف مؤتمراً عراقياً تأسيسياً
وكشف المصدر عينه أنه منذ ما بعد أحداث الموصل، توجهت وفود تمثل عدداً كبيراً من عشائر العرب السنة في العراق إلى أربيل، حيث يستضيفهم بارزاني تحت عنوان مشاركتهم في نقاش تأسيسي لإنتاج صيغة جديدة للحكم في العراق.
وقالت إنّ محادثات هذه الوفود مع بارزاني مستمرة في أربيل بعيداً عن الإعلام منذ عدة أيام، وإن البارزاني أجرى اتصالات لإضافة شخصيات شيعية إليها. كما جاءت زيارة كيري بصحبة خطته التي تعطي للبارزاني دوراً أساسياً في قيادة العملية السياسية واعتبار انتخابه لرئاسة الجمهورية جزءاً من الحلّ في العراق، لتدعم المسار النقاشي التأسيسي الجاري الآن في أربيل لإطلاق مسودة دستور جديد للعراق يقوم على فيديرالية يرأسها البارزاني.
هل يصل هذا المسعى إلى خواتيم إيجابية؟
يشكك المصدر عينه بذلك نظراً إلى ثلاثة أمور:
الأول أنّ إيران لن توافق على خطة كيري وتعتبرها استثماراً غير أخلاقي في أحداث الموصل التي قادتها داعش بغطاء أو برفع إبط إقليمي، للانقلاب على نتائج الانتخابات العراقية.
ثانياً – لأنّ خطة كيري الراهنة وحتى حراك أربيل السياسي الحالي يقوم على أساس أنّ موازين القوى العسكرية الجديدة في العراق مستقرة، وليس وارداً أن يتمّ تغييرها، ما يسمح للعملية السياسية بأن تجري انطلاقاً منها ومن ثم العمل لهزيمة داعش. ولكن من يضمن أن لا يحدث انقلاب في موازين معادلة القوى العسكرية، وذلك من نوع أن تقوم قوات المالكي بدعم من إيران بإحداث اختراقات عسكرية للمناطق التي سيطرت عليها داعش وحلفائها الموقتين.
ثالثاً – إذا كانت واشنطن تربط دعم حكومة العراق لقتال داعش بحدوث تغيّرات سياسية على مستوى الحكم في العراق، فإنّ هناك معلومات تفيد بأنّ ايران بدأت تتحرك على خلفية أنّ الأولوية الآن هي لضرب الإرهاب المتمثل بداعش، وهي بدأت بتقديم دعم عسكري للجيش العراقي، وهناك معلومات تفيد بأنها أفرجت أو هي بصدد الإفراج عن نحو 100 طائرة ميغ من أنواع مختلفة بينها طرازات متطوّرة كان الرئيس صدام حسين أرسلها لكي يحميها في إيران عشية بدء حملة الغزو الأميركي ضدّ العراق عام 2003.