نصرالله حذّر من الفتنة: لا مستقبل لـ«داعش» وعمره قصير
ركّز الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في كلمته المتلفزة عبر قناة المنار مساء أول من أمس، على الجريمة الوحشية التي ارتكبها تنظيم «داعش» في برج البراجنة يوم الخميس الماضي. وأوضح أنّ من أهداف التفجير وتمرير أسماء مفترضة للانتحاريين هو إحداث فتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين، وبين أهالي الضاحية ومخيم برج البراجنة، ولاحقاً المخيمات الفلسطينية، داعياً إلى تعطيل الأهداف التي يسعى إليها المعتدي سواء أكان «إسرائيلياً» أو تكفيرياً.
وتوجّه السيد نصر الله بالتعزية إلى أهالي الشهداء في برج البراجنة، داعياً لهم بالصبر والسلوان، وسائلاً الله أن يمنّ على جميع الذين أصابهم هذا الألم بالثبات والتماسك لتجاوز هذه المحنة. كما توجّه بالشكر لكلّ من ساعد منذ اللحظات الأولى في عمليات الإنقاذ، خصوصاً جمعيات الإسعاف والإطفاء والمستشفيات والجيش اللبناني والقوى الأمنية والدفاع المدني ووسائل الإعلام، وكل من تعاطف مع لبنان وشعبه، وشاكراً كلّ المسؤولين في لبنان والجهات الدينية.
ولفت إلى أنّ ردّ فعل أهالي الضاحية الجنوبية بعد الاعتداء يؤكّد تمسّكهم بعقيدتهم ومقاومتهم، وخطّهم.
مسؤولية «داعش» محسومة
وأكّد السيد نصر الله أنّ الصورة أصبحت واضحة لدى الأجهزة الأمنية الرسمية وأجهزة المقاومة حول الاعتداء المزدوج في الضاحية، مشيراً إلى أنّ الموقوفين لدى الأجهزة الأمنية في اعتداء الضاحية اعترفوا بارتباطهم بـ«داعش»، وأعلن أنّه بحسب التحقيقات، ثبت حتى الآن وجود انتحاريين اثنين، أحدهما سوري الجنسية. كما رأى أنّه أصبح من المحسوم مسؤولية «داعش» عن هذه الجريمة، إذ اعترف المعتقلون الآن لدى الأجهزة الأمنية بتلقّيهم التعليمات والأوامر من التنظيم.
وتحدّث السيد نصر الله عن المداهمات التي أُجريت إبّان التحقيقات، موضحاً أنّه جرى إلقاء القبض، من قِبل فرع المعلومات والأمن العام، على موقوفين لهم علاقة بهذه العملية الإرهابية، بمن فيهم الشخصيات الأساسية في تدبيرها. كذلك، أكّد أنّ الموقوفين، حتى الآن، ليس بينهم أي فلسطيني، مشيراً إلى أنّهم «استفادوا من شقق موجودة في بيروت ومن إحدى الشقق في مخيم برج البراجنة».
وفيما نوّه بتعاون الأجهزة الأمنية، لفت إلى أنّ العمل على الأرض اللبنانية لا يكفي فقط لمواجهة هكذا نوع من العمليات، قائلاً: «لا بدّ أيضاً من الذهاب إلى منابع ومصادر شبكات التفخيخ والاغتيال الإرهابية، واعتقال الرؤوس المدبّرة للعمليات الإرهابية، كما اتّبع الأسلوب نفسه مع شبكات تفخيخ السيارات، أي بالذهاب للقبض وتجفيف منابع هذه الشبكات والعمليات». واعتبر أنّ ما حصل في الأيام الماضية من اعتقالات ومداهمات وغيرها يأتي في هذا السياق.
لعدم تحقيق أهداف المعتدين
وأشار السيد نصر الله إلى «أنّنا أمام هذا النمط المستخدم من قبل «داعش» والجماعات التكفيرية وهو ليس جديداً، وهم يعملون بهذا الأسلوب عندما يفشلون في إيصال الشاحنات والسيارات لأنهم يفضلون ذلك لقتل أكبر عدد من الناس»، لافتاً إلى «أنّ الإرهابيين يلجؤون إلى الإنتحاريين في ظلّ عجزهم عن إيصال السيارات والشاحنات المفخخة، ويجب العمل على مواجهة ذلك كما حصل في السابق مع السيارات المفخخة».
ونبّه السيد نصر الله إلى أنّ «في مقابل الأهداف التي يسعى إليها المعتدون يجب تحمّل المسؤولية وعدم السماح بتحقيق أهداف هؤلاء لكي لا تكون إساءة للشهداء والناس الصابرين والصامدين».
وأضاف السيد نصر الله أنّه «تمّ استغلال قرب المخيم من مكان التفجير وتسويق أسماء الإنتحاريين في شكل سريع والتحريض على الفلسطينيين عبر بعض مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا كله يؤكد
أنّه كان يُراد الدفع إلى إحداث فتنة مع الفلسطينيين، والنيل من النازحين السوريين».
ورأى أنّ «تحديد اسم الانتحاري السوري هدف إلى إحداث مواقف بشعة ضدّ النازحين السوريين»، مذكّراً بأنّ «الفتنة تخدم مشروع الإرهابيين والتكفيريين لأن مشروعهم تدمير الأوطان والمجتمعات، ويصرّون على دفع لبنان إلى الهاوية».
وتوجّه السيد نصر الله إلى «اللبنانيين وخصوصاً شعب المقاومة» بالقول: «يجب أن يكون في بالنا دائماً أن «إسرائيل» والإرهابيين يهدفون دائماً إلى إحداث حرب أهلية في لبنان، والإنجاز أنّه تمّ تجنّب الانحدار نحو الهاوية التي أعدّها هؤلاء».
ونوّه السيد نصر الله بـ«الأخوة الفلسطينيين في المخيمات، وخصوصاً الفصائل» معلناً أنهم «معنيّون بالمساعدة وضبط الأوضاع في المخيمات، والمساعدة في منع تحوّل مكان ما في المخيمات إلى قاعدة لانطلاق الإرهابيين»، مشيراً إلى أنّ «الفلسطينيين إخواننا ولهم قضيتنا نفسها، وهم يحاربون الاحتلال الصهيوني».
وحذّر السيد نصر الله من «أنّ هناك من يريد تحويل الشعب الفلسطيني إلى عدو للمصريين والسوريين واللبنانيين وهكذا.. للقول إنّ عدونا الذي يقتلنا هو الشعب الفلسطيني»، مشدّداً على أنّه «لا يمكن تحميل الفلسطينيين المسؤولية عن جرائم ارتكبها أفراد في مكان ما».
وشدّد السيد نصر الله على «أنّ أحداً لا يملك الحق في التعرّض للّاجئين السوريين في حال تبيّن أنّ أحد الإرهابيين هو سوري»، متوجّهاً إلى النازحين السوريين بالقول: «أيّاً يكن موقفكم السياسي فإنّ وجودكم في لبنان ومصلحتكم ومصلحة لبنان والشعب اللبناني ألاّ تسمحوا لأيٍّ من هذه الجماعات أن تستغل وجودكم أو موقفكم».
وقال: «حتى لو تمّ اعتقال لبناني من طائفة معينة مثل الطائفة السنية الكريمة في شبكة إرهابية، فلا يمكن لأحد أن يتّهم هذه الطائفة بذلك لأنها منزّهة عن ذلك وعلماؤها وقياداتها وناسها بريئون من ذلك، ويستنكرون ذلك».
وشدّد السيد نصر الله على «وجوب عدم السماح بتسلّل أي أحد يريد أن يقدّم خدمات لـ«إسرائيل» أو التكفيريين»، مؤكداً أنّ «اعتداء الضاحية الجنوبية لن يحقق أهدافه الفتنوية، بل ستكون له نتائج عكسية».
الضغط على المقاومة
واعتبر السيد نصر الله أنّ من أهداف التفجير أيضاً الضغط على المقاومة، مضيفاً: «إذا هم يفترضون أنّ قتل رجالنا ونسائنا وأطفالنا وهدم بيتوتنا وحرق أسواقنا يمكن أن يضعف الإرادة والعزم لدى المقاومة أو يغيّر في رؤيتنا وبصيرتنا فإنّهم مخطئون، بل هذا يزيدنا عزيمة، وبعد ذلك نحن سنبحث عن جبهات مع «داعش» ليكون حضورنا أقوى للوفاء للشهداء الذين سقطوا في هذه التفجيرات».
وأعرب عن إدانة حزب الله واستنكاره للجريمة الإرهابية التي ارتكبها إرهابيو «داعش» في فرنسا، وعبّرعن «مواساتنا وتعاطفنا مع كل الأبرياء»، مؤكّداً أنّ «شعوب منطقتنا تعرف تماماً هذا الإرهاب الذي يقوم به تنظيم «داعش».
ورأى السيد نصر الله أنّ «داعش» بالتحديد هو من بين الجماعات التكفيرية عمرها قصير. وهي تخسر بشكل مستمر، وتخسر أراضي في العراق وسورية. و«داعش» لا مستقبل له لا في الحرب ولا في السلم»، مشيراً إلى أنّ «من يدعم «داعش» بات يدرك أي وحش ربّوه»، معتبراً أنّه في التسوية السياسية في فيينا لا مستقبل لـ«داعش» وهذه المعركة ستلحق الهزيمة بـ«داعش» وأهدافها.
تجديد الدعوة إلى التسوية
وفي الشأن اللبناني، جدّد السيد نصر الله الدعوة إلى تسوية سياسية شاملة تُخرج البلاد من أجواء الشلل والتعطيل والعجز، داعياً إلى «الاستفادة من الجو الإيجابي والتعاطف الوطني الكبير بعد الانفجار والاستفادة من هذا المناخ لتسوية وطنية شاملة تطال رئاسة الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وقانون الانتخاب».
وشدّد السيد نصر الله على أنّ «هذه التسوية لا شأن لها بالمؤتمر التأسيسي، وندعو إلى الاستفادة من كل الأجواء الإيجابية والعالم منشغل عنا، وفقط نحن نستطيع أن نحصّن بلدنا في مواجهة كل الأعاصير».
اتصالات وبرقيات تعزية
من جهة أخرى، تلقّى السيد نصر الله اتصالاً هاتفياً من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، الذي عبّر فيه عن إدانته للتفجيرين الإرهابيين في برج البراجنة مقدّماً تعازيه بالشهداء، وأكّد «تعاطف ووقوف الشعب الفلسطيني إلى جانب الشعب اللبناني في مواجهة هذا المصاب الأليم».
كما تلقّى السيد نصر الله اتصالاً هاتفياً من نائب رئيس المكتب السياسي للحركة اسماعيل هنية، للغاية نفسها.
وتلقى السيد نصر الله برقية من «كتائب الشهيد عز الدين القسام»، تقدّمت فيها «بأسمى آيات التعزية والمواساة لحضرتكم ولذوي الشهداء والجرحى في الحادث الإجرامي الأخير على الأيدي السوداء. نحن أمة قدَرُها أن تطرق دوماً أبوابها الشهادة، فالشهادة هبة يمنحها الله للخاصة من عباده».
ورأت أنّ «الحدث الأخير بمثابة تجديد إعلان الثبات على درب مشروع الجهاد والولاء للمقاومة في عرس يوم الشهيد من جهة، ومن جهة أخرى دعوة مجدّداً، للعقلاء، للنظر والتدقيق في أسباب النشوء الأولى لهذا الطاعون الأسود – خوارج العصر الحديث».