بوتين: تمويل «داعش» يتم من 40 دولة بينهم دول من مجموعة العشرين
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أعقاب مشاركته في قمة العشرين بأنطاليا التركية إنه قدم لنظرائه معلومات عن قنوات تمويل الإرهاب وعرض عليهم صوراً فضائية تظهر أبعاد إتجار تنظيم «داعش» بالنفط.
وقال في مؤتمر صحافي أمس في أنطاليا التركية: «إننا بحثنا هذا الموضوع مع النظراء. وإنني آمل في أننا سنواصل هذا العمل الذي يكتسب أهمية بالغة لمكافحة الإرهاب»، مؤكداً ضرورة وقف تجارة النفط غير الشرعية التي يمارسها الارهابيون، قائلاً «عرضت على زملائنا كذلك صوراً من الفضاء والطائرات تبيّن بوضوح أبعاد تجارة النفط ومشتقاته غير الشرعية، حيث تمتد قوافل السيارات والناقلات لعشرات الكيلومترات على مد البصر وتشاهد من على ارتفاع 4-5 آلاف متر. ويبدو ذلك كأنظمة أنابيب نفط».
ولفت الرئيس الروسي الى أن بلاده أظهرت خلال قمة العشرين أمثلة لتمويل الإرهابيين في سورية من قبل أشخاص من 40 دولة، بما فيها دول من «مجموعة العشرين»، وقال إن «هذا الموضوع كان من المواضيع المحورية، خصوصاً بعد الأحداث المأسوية المتمثلة باختطاف ومقتل الناس في باريس».
وأضاف: «لقد ضربت أمثلة متعلقة بمعلوماتنا عن تمويل أشخاص، من مختلف الدول، لأقسام مختلفة من داعش. وحددنا أن التمويل يأتي من 40 دولة، بما فيها من بعض دول العشرين».
ولفت بوتين الى أنه «تم بحث ضرورة تنفيذ مشروع قرار مجلس الأمن الذي بادرت به روسيا الخاص بمنع التجارة غير الشرعية للأشياء الأثرية التي يستحوذ عليها الإرهابيون من المتاحف والمناطق التي يسيطرون عليها».
من جهة أخرى، دعا الى وقف النقاشات حول مدى فعالية النشاط الروسي والتحالف الدولي برئاسة الولايات المتحدة داخل سورية، وتوحيد الجهود في محاربة الإرهاب، وقال: «أعتقد أن الوقت الآن غير مخصص للحديث عمن كان فعالاً ومن ليس فعالاً… والوقت الآن ليس لاعتبار من هو أفضل ومن هو أسوأ، ولماذا كانت التصرفات السابقة أقل فعالية أو أكثر فعالية… يجب الآن النظر الى الأمام، ويجب توحيد الجهود لمحاربة التهديد المشترك».
ونوه الرئيس الروسي في هذا السياق الى أن الطيارين الفرنسيين ضاعفوا في الآونة الأخيرة طلعاتهم العسكرية في سورية، معتبراً أنه «إذا نظرتم الى كمية الطلعات التي نفذها طيارونا الروس في الفترة الأخيرة فسيمكنكم فهم كثافة العمل العسكري».
وأكد بوتين أن جزءاً من المعارضة السورية المتشددة جاهز لمحاربة «داعش» بدعم روسي، وقال إن «جزءاً من المعارضة المسلحة تعتبر أن هناك إمكانية لبدء أعمال عسكرية فعالة ضد المنظمات الإرهابية، وقبل كل شيء ضد «داعش»، في حال الدعم الجوي، ونحن مستعدون لتقديم مثل هذا الدعم لهم».
وأشار إلى أن الحرب المشتركة بين الجيش السوري والمعارضة السورية ضد «داعش» من الممكن أن تصبح أساساً جيداً للتسوية السياسية المقبلة، وقال: «يتخيل لي أنه من الممكن أن يصبح ذلك قاعدة جيدة وأساساً جيداً للعمل المقبل على ساحة التسوية السياسية».
وفي سياق متصل، أكد الرئيس الروسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ضرورة توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب وذلك في أول لقاء بين الجانبين منذ عام تقريبا.ً
جاء ذلك في مستهل لقاء عقده الزعيمان الروسي والبريطاني على هامش قمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا التركية أمس واستكملاه خلف الأبواب المغلقة.
وقال بوتين في مستهل اللقاء: «الأحداث المأسوية الأخيرة في فرنسا تشير إلى أننا مضطرون لتوحيد الجهود في مكافحة هذا الشر، وكان يجب أن نفعل ذلك منذ زمن بعيد»، مؤكداً أن العلاقات الروسية ـ البريطانية تمر عبر مرحلة حرجة، داعيا إلى تحليل التعاون السابق وإعداد خطة محددة لتطوير العلاقات في المستقبل.
من جانب آخر، أكد كاميرون توافقه مع الرئيس الروسي بضرورة التعاون في مكافحة الإرهاب، خصوصاً بعد الأحداث البشعة في باريس، معرباً عن تعازيه لكارثة الطائرة الروسية في مصر.
ودعا كاميرون عقب اللقاء إلى التعاون مع روسيا في المجالات التي يوجد تفاهم بشأنها بين البلدين، مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود «خلافات كبيرة مع بوتين حول أوكرانيا وسورية»، لافتاً إلى انحصار الخلافات بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، وقال: «كانت هناك خلافات كبيرة بين هؤلاء الذين كانوا يعتقدون بضرورة رحيل الأسد فوراً، وأولئك الذين دعموه ويواصلون دعمه مثل الرئيس بوتين»، مضيفاً «أعتقد أن الخلافات قلّت. وآمل في أننا سنتمكن من تقليلها أكثر في المستقبل، إلا أن ذلك يتطلب تنازلات من الجانبين».
فيما أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن بوتين وكاميرون لم يبحثا خلال لقائهما في أنطاليا إجراء عمليات مشتركة ضد «داعش» في سورية، مشيراً إلى أن المحادثات تناولت الوضع في سورية وآفاق التسوية السياسية.
وأكد بيسكوف عدم وجود موقف موحد للغرب بشأن مكافحة الإرهاب، قائلاً: «ممكن القول إن هناك تفاهماً لضرورة التعاون، إلا أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاقات بين روسيا والغرب، لأن لا يوجد مثل هذا المفهوم، لأن لكل دولة موقفها بشأن مختلف جوانب قضية مكافحة الإرهاب. وإن كنتم تعتقدون بأن الغرب موحد في مواقفه مئة في المئة فإنكم مخطئون».
وفي السياق، أكد بيسكوف أن لقاء الرئيس بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما لم يكن نقطة انعطاف، مشيراً إلى أن توقع «حدوث انقلاب في العلاقات الثنائية» خلال لقاء استمر 20 دقيقة أمر غير واقعي. وقال إن هناك خلافات باقية بين البلدين، لكنه يوجد إدراك عدم وجود بديل للحوار الثنائي.
كما أجرى الرئيس الروسي مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز لقاء ثنائيا على هامش قمة «مجموعة العشرين» في أنطاليا. وذكر موقع الكرملين أن هذا اللقاء الذي جرى خلف الأبواب المغلقة هو الأول بين بوتين والعاهل السعودي.
من ناحية أخرى، أكد الرئيس أوباما أن واشنطن ستكثّف ضرباتها الجوية لـ»داعش» وتزيد تسليح وتدريب «القوى المعتدلة» في سورية، داعياً الدول إلى زيادة مشاركتها في المعركة ضد المتطرفين.
وقال في ختام قمة العشرين المنعقدة في أنطاليا أمس، إن «الاستراتيجية التي وضعناها هي الاستراتيجية التي ستستمر حتى نهاية المطاف»، مستدركاً أنها «ستستغرق وقتاً»، مؤكداً أنه سيكون من الخطأ إرسال قوات أميركية لمحاربة «داعش» على الأرض، في رد على بعض الدعوات التي أطلقها الساسة الأميركيون، ومنهم مرشحون جمهوريون للرئاسة. وشدد أوباما على أن مكافحة التهديد الإرهابي لتنظيم «داعش» يتطلب مشاركة المدنيين في العراق وسورية لنبذ التطرف الفكري. واعترف أن الهجمات الارهابية في باريس كانت «انتكاسة مروعة ومقززة» في الحرب ضد التنظيم الإرهابي.
الى ذلك، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن عدو بلاده تنظيم «داعش» الإرهابي وليس الرئيس السوري بشار الأسد.
وفي كلمة أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الفرنسي أمس قال هولاند: «نحن نبحث في سورية عن الحل السياسي للأزمة بلا كلل. ولا تكمن الأزمة في بشار الأسد، بل في عدونا في سورية، وهو «داعش».
وأكد الرئيس الفرنسي أنه سيلتقي نظيريه الروسي والأميركي خلال الأيام القادمة لبحث الجهود المشتركة لمكافحة «داعش»، من دون أن يحدد صيغة اللقاء.
جاء ذلك في وقت أكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن الدول الغربية والعربية وروسيا وإيران اتفقت بشأن خطة للتسوية في سورية، لكنها لم تتوصل بعد إلى توافق بشأن مصير الأسد، وقال: «في فيينا توصلنا إلى اتفاق بشأن خطة تسوية لسورية، وحول ضرورة تطبيق نظام وقف إطلاق النار وضرورة التحرك نحو تعديل الدستور وإجراء الانتخابات».
وأضاف الوزير الفرنسي أن المشاركين في المفاوضات لم يتمكنوا من التوصل إلى توافق حول مصير الرئيس السوري، قائلاً: «ثمة 3 خيارات على الأقل لمستقبله». وتابع أن هناك دلائل على حصول تقارب في مواقف روسيا والغرب حول سبل تسوية الأزمة في سورية.
وأوضح: «نعم، هناك تقارب يتعلق بالدرجة الأولى بصيغ لتنفيذ العمليات العسكرية في سورية. عندما توجد في سماء سورية في آن واحد طائرات روسية وسورية من جانب، وطائرات تابعة لدول الغرب من جانب آخر، لا مفر من تبادل المعلومات». لكنه أشار أيضاً إلى تقارب في المواقف من مسألة التسوية السياسية.
وفي تطرقه إلى تكثيف عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» في العراق وسورية، قال فابيوس إن باريس تعارض إرسال قوات برية إلى سورية، باعتبار أن ذلك «سيؤدي إلى نتائج عكسية».
وأوضح أن «التحالف الدولي يقدم المساعدات للجيش السوري الحر. هل علينا أن نرسل قوات برية؟ الجواب لا. وفي حال إرسالها ستتحول إلى قوة احتلال، ما سيؤدي إلى نتائج عكسية لما نريد تحقيقه».
ميدانياَ، سيطرت وحدات من الجيش السوري ومجموعات من الحزب السوري القومي الاجتماعي «نسور الزوبعة» على قرى دير حنا وتلتها والدغمشلية وبيت عياش ومنطقة مضخات غمام في ريف اللاذقية الشمالي، بعد اشتباكات عنيفة مع المسلحين.
كما تمكن الجيش السوري مدعوماً بمجموعات نسور الزوبعة والعشائر من السيطرة على بلدة الحدث في محيط مهين في ريف حمص الشرقي، اضافة إلى إحراز هذه الوحدات تقدماً في الكسارات ومدينة التمثيل الشرقية غرب تدمر، ومحور مقالع القديمة بالريف الغربي للمدينة وتمكنوا من السيطرة على السفوح الغربية لجبل طار.
الى ذلك، تمكنت «قوات سورية الديمقراطية» من السيطرة على قريتي المشيرفة وأبو شاش في ريف الحسكة الشرقي، كما سيطرت على قريتي فيدال وتل بارود وطريق أبيض في ريف الحسكة الجنوبي، إضافة إلى قرية حقل تشرين جنوب غربي بلدة الهول في الحسكة.