قمة أنطاليا… بين «المهمّ والأهمّ»
فاديا مطر
منذ آخر لقاء للرئيسين الأميركي «باراك أوباما» والروسي «فلاديمير بوتين» في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي، تأتي قمة العشرين في منتجع أنطاليا التركي في 15 ـ 16 تشرين الثاني الحالي لتكون إطاراً للقاء ثنائي غير معلَن بين الرئيسين الأميركي والروسي بعد تصريح مستشار الكرملين «يوري يوشاكوف» بأن الرئيس بوتين سيجري «لقاءات ثنائية عدة» على هامش القمة المستمرة يومين، لكن لا لقاء مع الرئيس أوباما على جدول الأعمال، إلا أن سيطرة قضايا الإرهاب واللاجئين على القمة الاقتصادية أدّت إلى قمة روسية ـ أميركية على هامشها جمعت الرئيسين «بوتين ـ أوباما» حول الوضع السوري، ليخرج تصريح للبيت الأبيض بـ 15 تشرين الثاني الحالي يشير إلى أن الرئيسين اتفقا على عملية انتقال سياسي في سورية يقودها السوريون بأنفسهم بعد محادثات ترعاها الأمم المتحدة.
فانعقاد القمة على صفيح توترات دولية وأزمات أرخت بثقلها من بيروت إلى باريس المتألمة من نار الإرهاب جعلت الموضوع السوري أبرز ما يمكن طرحه على طاولات أنطاليا الرسمية وكواليسها الداخلية، فتأكيد مساعد الرئيس الروسي «يوري يوشاكوف» أن موسكو وواشنطن متقاربتان في الأهداف الاستراتيجية لمحاربة تنظيم «داعش»، لكنهما «مختلفتان في التكتيك» أوضح أن أحداث باريس الأخيرة والتهديدات اللاحقة الإرهابية لعواصم غربية بدأت تأخذ مفعولها في الجسم السياسي الأميركي، خصوصاً بعد التقدم الدبلوماسي الذي تمّ مؤخراً في محادثات «فيينا» حول سورية، وما تصريح مسؤول غير معلن في البيت الأبيض أن الرئيسين اتفقا على أن «التحول السياسي في سورية يقرره السوريون بأنفسهم» إلا إعلان عن تقدم «الأهم على المهم»، وتصريح المسؤول في البيت الأبيض أن اتفاق الرئيسين الروسي والأميركي على إيجاد حل في سورية هو أمر إلزامي أصبح أكثر إلحاحاً بعد الهجمات الإرهابية في باريس، وما هو إلا تأكيد على أن تقاسم الأهداف الاستراتيجية المتقاربة قد تمّ، بحسب مستشار السياسة الخارجية الروسية «يوري يوشاكوف»، رغم الاختلاف حول «السبل التي تحقق ذلك».
فقمة أنطاليا عقدت بهذا التوقيت على حبال متشابكة وصعبة العُقد في السياسة والاقتصاد والأمن يكسبها أهمية لا يمكن إنكارها على مستوى قمة العشرين التي تنعقد على مستوى القادة منذ العام 2008، وما استجد من إرهاب بدا يُغرز أظافره في العواصم الداعمة له، وتقليمها في الشراكة السورية ـ الروسية العسكرية في ظل وضع اقتصادي أمني وعالمي غير مستقر، ما هو إلا إنذار خطير لبعض الدول المشاركة التي ساهمت به، رغم وجودها في قمة العشرين «الأنطالية» والتي عملت على مفاهيم جديدة تساند من يغمس يده في إرهاب الأرض السورية ويزيد من نزيف دمائها ليكون ما يضرب في العراق وسورية ولبنان باليد نفسها ضرب ويضرب في باريس وغيرها من المرشحين للوقوف مكانها.
لذلك هناك من يتوقع أن تكون القمة ذات تأثير بالغ على المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، وعلى المشهد الأمني في مناطق أخرى من العالم والذي أدت إليه الصراعات الإيديولوجية والحروب الممولة من اقتصادات كبرى واستخبارات رسمت خرائط جديدة أثقلت كاهل السياسات والاقتصادات العالمية. فالمحور سورية وما يتفرّع منها يتعلق بملفات العالم بأكملها كونها ستضع ملامح ما يُستجد من ملفات إقليمية ودولية لتبقى قمة الأمم المتحدة حول التغيير المناخي المقرّر عقدها بأواخر تشرين الثاني الحالي في باريس على محك التغيّر في السياسات والأولويات لمن كان يُقدّم «المهم على الأهم»، فهل اتفاقات الرؤية المتقاربة ستجعل البصر حاداً؟