هكذا تُقرّ «إسرائيل» بتورّطها في التفجيرات الثلاثة
ليس وارداً بالنسبة إلى أي جهة استخباراتية تستمع إلى الموقف «الإسرائيلي» بعد تفجيرات باريس، سوى رفع مستوى دائرة الشكوك حول معلوماتها والتوقف عندها بما يتعلق بتفجيرات باريس التي قال بعدها، بنيامين نتنياهو إنه يعرف ما يساعد في التحقيقات ولديه معلومات عن خلايا لـ«داعش» جمعتها استخباراته، أي جهاز «الموساد».
أرسل نتنياهو رسالة إلى الرئيس الفرنسي يتحدث فيها عن معلومات تربط بين إسقاط الطائرة الروسية والاعتداءات في بيروت وباريس، مُستفيداً من المناخ الذي أرسته تفجيرات فرنسا لدخول تل أبيب على خط التحقيقات، كمساعد وحريص على كشف الحقيقة ليتبين أنه يملك الكثير، زاعماً أنّ «الموساد» تمكن من التنصُّت على خلية مركزية تابعة لـ«داعش»، آملاً أن تصبح «إسرائيل» لاعباً مركزياً في الحرب على الإرهاب.
تشرح هذه المبادرة «الإسرائيلية» دقة المشهد وتكشف عن حقيقته أكثر فأكثر، فـ»إسرائيل» التي تعرف حساسية دخولها على ملفات أمنية كهذه، تدرك أنّ لها فيها مصلحة كبرى، وعلى هذا الأساس لم تتوان عن عرض المساعدة للعالم هذه المرة، طالما أنها قادرة على مساعدة الروس واللبنانيين والفرنسيين في كوارثهم، وهنا تتوضح النوايا «الإسرائيلية» في العمل على فكّ العزلة الدولية والحصار اللذين لا تستطيع كسرهما بحيث شعرت، لأول مرة منذ الاتفاق النووي مع طهران، بدقة الوضع وصولاً إلى مؤتمر فيينا الذي كاد يرسم خطوطاً عريضة للنجاح كونه المؤسِّس لحلّ الأزمة السورية، بمعزل عن أي دور أو تطمين لـ«إسرائيل» في المشهد المقبل. وعلى هذا الأساس، يتوجب الدخول «الإسرائيلي» السريع على خطّ المفاوضات والتسويات.
المستفيد الأكبر من التفجيرات الثلاث هي «إسرائيل» التي تُرسل رسائل إلى الأطراف الثلاثة، مفادها عدم القدرة على تخطي تل أبيب، كلاعب إقليمي قادر على الحلّ والربط، وربما هذه التفجيرات أتت بعد اللقاء الأهم في واشنطن الذي جمع منذ حوالي أسبوع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» نتنياهو والذي لفت الأنظار بكونه يحمل الكثير من الانسجام بعد الأجواء السيئة والعلاقة المتدهورة بين الرجلين التي سادت المرحلة الماضية، وخصوصاً ما أظهره أوباما بعدم استقباله نتنياهو غداة الخطاب الشهير أمام الكونغرس حول إيران.
في ختام اللقاء بينهما، أكد الجانبان أهمية الحدّ من أنشطة حزب الله و«داعش»، وكأنّ «إسرائيل» تريد اليوم التأكيد للعالم أنها قررت خوض معركة الإنسانية ومكافحة الإرهاب من بوابة فرنسا، وهي تسعى بذلك، إلى تبييض صورتها المقيتة أمام العالم وما أفرزته انتفاضة السكاكين من أعمال صهيونية قذرة، عدا عن كلّ مجازرها في حقّ الفلسطنيين واللبنانيين. والعجب كلّ العجب إعلانها الصريح عن نوايا لمكافحة إرهاب ليس إلا صنيعتها.
على هذا الخط، يُفاخر وزير الحرب «الإسرائيلي» موشيه يعالون بأنّ «إسرائيل» نجحت في ردع تنظيم «داعش» في سورية وأنّ مقاتلي التنظيم المتشدّد لم يفتحوا جبهة ضدّ «إسرائيل» في هضبة الجولان وأنّ استخبارات بلاده تعمل على رصد تحركات «داعش» في سورية وتراقب أنصاره في قطاع غزة والضفة الغربية.
يُفاخر يعالون بقدرة دولة العدو على عزل الإرهاب عنها عنوة عن كلّ العالم، مطمئناً الجبهة الداخلية واستثمار حكومته للتفجيرات المتنقلة. وعلى هذا الأساس، إذا كانت «إسرائيل» قد جمعت كلّ هذه المعلومات عن خلايا «داعش»، لماذا لم تعرض مساعدتها على الرئيس المنكوب بسلوكه وقصر نظره طيلة الأزمة السورية فرانسوا هولاند قبل وقوع التفجيرات؟ كيف يمكن لجهاز «الموساد» أن يتفوق على كلّ الأجهزة في المنطقة ويدخل على خط معلومات تفجيرات دقيقة وخطيرة وهي الطائرة الروسية وتفجيرا بيروت وباريس؟
الأسئلة وما تحتويها من شكوك تؤكد إقرار «إسرائيل» بتورطها الأضخم واستغلالها للتداعيات ومخاوف الدول الكبرى من أجل الدخول على خط التسويات.
عزلة «إسرائيل» قاتلة لكنها ضُبطت بالجرم المشهود.
«توب نيوز»