لافروف: فرص التجاوب مع «مطلب رحيل الأسد» معدومة

أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن الإرهابيين ليست لهم حاضنة في سورية ويمكنهم أن يكونوا أقوياء ما داموا يتمتعون بدعم دول مختلفة سواء في الشرق الأوسط أو الغرب، مشيراً إلى أن تدريبهم يتم بدعم من تركيا وقطر والسعودية.

ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع تلفزيون «راي» الإيطالي إلى أن الغرب يتحمل المسؤولية الرئيسية، لأنه دعم الإرهابيين الذين أسسوا تنظيم «داعش» في سورية، و«جبهة النصرة»، بمنحهم المظلة لحماية المنظمات الإرهابية.

وأشار إلى أن الإرهابيين هم العقبة الرئيسية في وجه أي تقدم سياسي، لافتاً إلى أنه من غير المجدي تحديد أي جدول زمني للحل السياسي، قبل الحاق الهزيمة بالإرهاب، مؤكداً أن الإرهابيين يتلقون الدعم من الأتراك والسعوديين والقطريين ومن بعض السياسات الغربية التي دعمت الإرهابيين بمختلف الطرق منذ بداية الأزمة.

وقال الرئيس السوري إن «القاعدة» تأسست من قبل الأميركيين وبدعم مالي وإيديولوجي سعودي، ولفت إلى أن تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» هما فرعان للقاعدة، موضحاً أن «داعش» تأسس في العراق عام 2006 وكان قائده الزرقاوي الذي قتلته القوات الأميركية.

وعن عملية الانتقال السياسي في سورية التي تناولها مؤتمراً فيينا وأنطاليا الأسبوع الماضي، قال الأسد إن بيان مؤتمر فيينا لا يحوي شيئاً عن الرئيس، فلفت إلى أن البيان أشار إلى أن كل ما يتعلق بالعملية السياسية مرهون بما يتفق عليه السوريون.

وعن الجدول الزمني للخروج من الأزمة أكد الرئيس السوري أن ذلك يعتمد على الاتفاق الذي يمكن أن يتوصل إليه السوريون، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق خلال ثمانية عشر شهراً، مشيراً إلى أن الأولوية للخروج من الأزمة ستكون أولاً عن طريق إلحاق الهزيمة بالإرهاب، فلفت إلى أنه لا يمكن تحقيق أي شيء سياسي في الوقت الذي يستولي فيه الإرهابيون على العديد من المناطق في سورية.

أما عن مستقبله كرئيس لسورية وأهمية بقائه في السلطة أو مستقبل سورية، فرأى الأسد أنه لا يمكنه أن يكون آمناً إذا لم تكن سورية آمنة، إلا أنه أكد أنه لا يجوز الربط بين الأمرين، معتبراً أن هذا جزء من البروباغاندا الغربية، وقال: «إذا أراد الشعب السوري أن أكون رئيساً فإن المستقبل سيكون جيداً، وإذا لم يرغب السوريون بوجودي وأردت التمسك بالسلطة، فسأكون رئيساً سيئاً لسورية».

وفي مقابلة أخرى مع مجلة «فالور اكتويل» الفرنسية استغرب الأسد تصريحات للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال فيها إن الرئيس السوري لا يمكن أن يكون هو الحل لأنه جزء من المشكلة.

وتساءل: «هل كلف هولاند من قبل الشعب السوري بالتحدث نيابة عنه؟»، واعتبر أن مثل هذه التصريحات تشكل إهانة للشعب السوري. وفي الوقت نفسه شدد الرئيس السوري على أن «ذلك لن يؤثر في الوقائع بسورية… لأن الوقائع لن تتأثر بمثل هذه التصريحات».

واعتبر أنه إذا لم تكن الحكومة الفرنسية جادة في محاربة الإرهاب، فلن تضيع وقتها بالتعاون مع بلد أو مع حكومة أو مؤسسة تدعم الإرهاب، وتساءل: «كيف يمكن أن تقيم علاقات جيدة وأن تبني صداقة مع أسوأ الدول في العالم… وأقلها تطوراً كدولتي السعودية وقطر؟».

وعلى الرغم من ذلك أكد الرئيس السوري استعداد حكومته للتعاون مع فرنسا في مكافحة الإرهاب، إذا كانت الأخيرة جادة في رغبتها. وأضاف: «نحن نرغب بوجود مثل هذا التعاون ليس مع فرنسا وحسب، بل مع أي بلد كان. لكن ينبغي أن يحدث هذا التعاون في مناخ مناسب… وأن تطبق فيه معايير معينة… وأن تتوافر له شروط معينة».

وتابع: «في السياسة لا وجود للصداقة والعواطف. هناك مصالح وحسب… المسألة ليست ما إذا كانوا يحبون الأسد أو ما إذا كنت أحب هولاند أو لا أحبه. المسألة لا علاقة لها بهذا. وظيفتي هي أن أسعى نحو ما هو أفضل للسوريين. وينبغي أن تكون وظيفتهم أن يسعوا لما هو أفضل للفرنسيين. في المستقبل… ليست لدينا مشكلة. المشكلة في السياسات وليست في العواطف».

جاء ذلك في وقت كشف المسؤول السابق في المخابرات الفرنسية برنارد سكوارسيني أن دمشق عرضت على رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس لائحة للارهابيين الفرنسيين قبل عامين لكنه رفض التعاون مع الأجهزة السورية.

وفي السياق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الرئيس السوري بشار الأسد يمثل مصالح جزء كبير من المجتمع السوري، ويستحيل إيجاد حل سلمي من دونه.

ولفت الوزير في مقابلة مع إذاعة «صوت روسيا» أمس، إلى أن شركاء روسيا الغربيين ومن بعض الدول الأخرى يرددون توقعاتهم بسقوط الأسد قريبا، ويصرحون بأن «أيامه معدودة» طوال السنوات الأربع منذ اندلاع الأزمة السورية.

وتابع: «لكن جميع هذه التوقعات… باندلاع انتفاضة شعبية والإطاحة بالأسد لم تتحقق. والمعنى هو أن الأسد يمثل مصالح جزء كبير من المجتمع السوري، ولذلك لا يمكن التوصل إلى حل سلمي من دونه».

واعتبر لافروف أن الدول الغربية أدركت بطلان تصريحاتها السابقة التي كان مفادها أن جميع قضايا سورية ستحل تلقائياً برحيل الأسد، موضحاً أن بلاده بدأت تشعر بتعديل الموقف الغربي من الأزمة السورية منذ الخطاب الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما تساءل «هل تدركون ما فعلتموه؟».

وتابع أن روسيا بدأت تتلقى أجوبة عن هذا السؤال، كما أنها لاحظت تعديل الموقف الغربي من الحماس الذي رد به الغرب على مبادرتها إجراء مفاوضات واسعة النطاق متعددة الأطراف حول سورية.

وقال: «نجاح لقاءات فيينا في تبني وثيقتين بالإجماع تضمنتا مبادئ كانت روسيا تكررها طوال سنوات الأزمة السورية، يدل على إدراك شركائنا الغربيين أنه لا آفاق لخطهم السابق الذي كان يمثل إنذاراً في حقيقة الأمر والذي مفاده أن جميع القضايا ستحل بعد رحيل الأسد».

وفي ما يخص قرار الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند البدء بالتنسيق في سورية، قال لافروف إن السياسيين العقلاء يدركون ضرورة وضع المسائل الثانوية جانباً والتركيز على التصدي لتنظيم «داعش».

وأعاد الوزير إلى الأذهان أن روسيا قدمت مشروع قرار حول توحيد الصفوف لمحاربة «داعش» في أواخر أيلول الماضي. مضيفاً: «لكن الشركاء الغربيين قالوا آنذاك إنه لا يروق لهم ما جاء في المشروع حول ضرورة تنسيق عمليات مكافحة الإرهاب مع الدول التي تجري في أراضيها تلك العمليات. ولذلك وضعوا مشروعنا جانباً وجمدوه. ونحن لم نصر. ولم نطرق الباب المغلق؟ لكننا كنا واثقين من أنه سيحين الوضع وسيصبح مشروعنا مطلوباً. وهذا ما حصل».

وذكر لافروف بأن الأميركيين امتنعوا عن التعاون مع روسيا في مكافحة الإرهاب في سورية، ولم يوافقوا إلا على اتفاق محدود ضروري لتجنب حوادث غير مرغوب فيها في أجواء سورية بين طائرات تابعة للبلدين، بل ربطوا إمكانية إطلاق التنسيق العسكري بحل مسألة رحيل الأسد.

وأضاف: «إنهم يطلقون على الأسد مغناطيس يجذب الإرهابيين. لكننا إذا اتبعنا هذا المنطق، فسنستنتج أنه ليس الأسد المغناطيس الوحيد للإرهاب، بل بدأ لبنان وتركيا وفرنسا ومصر تجذب الإرهابيين أيضاً».

وأعاد إلى الأذهان أن فرنسا وتركيا كانتا تتخذان دائماً موقفاً أكثر شدة من الأسد، لكن ذلك لم ينقذهما من الهجمات الإرهابية. وقال «داعش» يسعى لتحقيق أهداف خاصة به بغية إقامة ما يسمى «الخلافة»، من دون أن يربط ذلك بأي شكل من الأشكال بالتطورات في سورية، ومن دون أن يأخذ بعين الاعتبار مواقف مختلف الدول من بشار الأسد».

وتأتي التصريحات الروسية بعد يوم على تصريحات للرئيس الأميركي باراك أوباما قال فيها: «إنه يتعين على روسيا وإيران أن تقررا إن كان عليهما أن تستمرا في دعم الأسد أو الحفاظ على الدولة السورية» مشيراً إلى أنه «لا يمكن إنهاء الحرب الأهلية في سورية والأسد في السلطة».

الى ذلك، بحث رئيس الأركان العامة في الجيش الروسي فاليري غيراسيموف في مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي بيير دي فيليه تنسيق جهود البلدين العسكرية لمكافحة الإرهاب في سورية.

و بحث الجانبان سبل تنسيق عمل القوات المسلحة الروسية والفرنسية، كما تبادلا وجهات النظر حول المجريات في سورية، وتطرقا إلى كيفية تنفيذ ما كلف به الرئيسان الروسي والفرنسي على صعيد توحيد جهود البلدين في مكافحة الإرهاب.

الى ذلك، أكدت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا سعي موسكو لتكثيف الجهود لتحقيق اتفاقات فيينا بشأن حل الأزمة السورية، في حين بحث ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الوضع في سورية ومحاربة «داعش» مع السفير الأردني في موسكو زياد المجالي.

وفي وقت سابق، أمس قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الأردني محمد المومني، إن دور بلاده في إعداد قائمة تتعلق «بالتنظيمات الإرهابية في سورية» بطلب من روسيا، هو دور تنسيقي، مرجحاً أن أن تكون هناك «قوائم عدة»، فيما جدد موقف الحكومة من ضرورة التمسك بالحل السياسي للأزمة السورية.

ميدانياً، حقق الجيش السوري أمس تقدماً كبيراً في ريف اللاذقية الشمالي، وسيطرت وحداته على جبل الزويك – جبل موسى – جبل صقر – جبل السنديان – جبل جليلة، كما أحكمت سيطرتها بشكل كامل على قريتي الدغمشلية والزويك.

وتمكنت وحدات الجيش من السيطرة على النقطة 1112 شمال شرقي جبل الكارورة – تلة وادي – أرض قرطب الرقرقية، و النقطة 803 جنوب شرقي كسب، وعلى قرية الشميسة والنقطة 482 في الريف الشمالي للمدينة.

وفي ريف حلب الشرقي أحكم الجيش سيطرته على محطة الشيخ أحمد للقطارات على محور الكلية الجوية كويرس بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي «داعش».

الى ذلك، أكد مصدر عسكري سوري أن الطيران الحربي الروسي بالتعاون مع القوات الجوية السورية نفذ خلال الـ 24 ساعة الماضية 160 طلعة جوية استهدفت 344 هدفاً لتنظيم «داعش» الإرهابي في حلب – إدلب – الرقة – دير الزور، أسفرت عن تدمير 59 مقراً قيادياً و41 مستودعاً للذخيرة و17 موقعاً دفاعياً محصناً و 74 معسكراً لتدريب الإرهابيين و 3 مستودعات للمحروقات ومعمل تصنيع عبوات ناسفة و3 محطات معالجة نفط.

كما أعلن رئيس دائرة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان الروسية، الفريق أول أندري كارتابولوف، أن طائرات القوات الجوية والفضائية الروسية، قامت اليوم وللمرة الثالثة بشن ضربات شديدة ضد مواقع المجموعات الإرهابية في سورية.

وأكد أن سلاح الجو الروسي يخطط للقيام بـ 98 طلعة قتالية من قاعدة «حميميم» السورية ضد 190 موقعاً للإرهابيين، وقال إنه «في تمام الساعة الخامسة مساء بتوقيت موسكو تم تنفيذ 60 طلعة قتالية من قاعدة «حميميم» وتدمير 138 هدفاً».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى