حميد غُل لـ«روسيا اليوم»: أفغانستان هي آخر حروب الغرب ونشرت الإرهاب بدل القضاء عليه

اعتبر رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية الباكستانية الأسبق الجنرال حميد غل في حديثه عن العمليات العسكرية التي يجريها الجيش الباكستاني في إقليم وزيرستان الشمالية «أنه بعد واقعة كراتشي كان ولا بد من شن مثل هذه العملية العسكرية، ناهيك عن أن الجيش عازم على تصفية العناصر المسلحة والمتمردة منذ شهور، لذا كانت التحضيرات تجرى على قدم وساق»، مضيفاً: «أن المحادثات لم تكن جادة ولكنها كانت بمثابة كسب الوقت للجيش حتى يجهز للعملية العسكرية، أضف إلى ذلك نجاح الجيش في إحداث انشقاقات بين صفوف طالبان، ففصيل محسود انشق وأعلن تأييده الحكومة، ولكن المعضلة الأساسية الآن في هذه العملية هو تواجد عناصر مسلحة أجنبية من القاعدة، وهذه العناصر لا شك لها صلات بنظرائها في كل من العراق وليبيا وتشاد».

واعتبر حميد غل «أن تحرك الجيش جاء في موعد مناسب ليس فقط للقضاء على هذه العناصر الأجنبية، بخاصة من الأوزبيك، بل ونجح أيضاً في فهم سياسة الإرهابيين في هذه المنطقة، فهذه العناصر تتلقى دعماً من جهات خارجية، ولم تنجح في الوقت نفسه القوى العظمى وقوات الناتو في القضاء على الإرهاب ووقف العمليات الإنتحارية لأنهم فشلوا سياسياً وأمنياً ويجب علينا تنظيف ما خلفوه في هذه المنطقة». وأوضح: «أن هناك عناصر داخل طالبان باكستان لا تؤمن في الحدود والفوارق الجغرافية بين الدول، فمهمتهم وفقاً لإيديولوجيتهم هي نشر الإسلام، كحب «التحرير» على سبيل المثال الذي يتحدث عن الخلافة الإسلامية، وهذه الإيديولوجية تبنى قوتها على النظم الغربية الديموقراطية الفاشلة التي بنيت على الطمع والسيطرة والهيمنة على موارد الدول الأخرى».

وأضاف غل: «بعد فشل الإشتراكية العالمية نرى الآن قادة الغرب يخسرون حربهم، فأفغانستان هي آخر حرب بالنسبة اليهم والتي كانت بمثابة حرب دفاعية من دون قضية وأفرزت ونشرت فكرة الإرهاب بدلاً من القضاء عليها»، لافتاً إلى «الآن مثل هذه الجماعات تحاول ترويج فكرة الإسلام الإقتصادي سواء في العراق وأفغانستان ودول اخرى في الشرق الأوسط، والآن أيضاً يتم استخدام هذه الجماعات لتدمير دول من الداخل، فمثلاً هنا يحاولون استغلال هذه الجماعات المسلحة عبر الهند وأميركا من أجل تدمير الأمن القومي الباكستاني والسيطرة على سلاحنا النووي أو تدميره، وذلك لأنهم لا يستطيعون التعامل مع تداعيات حرب نووية في المنطقة مع النكسات الإقتصادية الحالية».

وحول تأثير التغييرات في القيادة الأفغانية وانسحاب الناتو على باكستان أوضح «أن أسامة بن لادن نجح قبل رحيله في وضع الهدف لهذه الجماعات في هذه المنطقة وهذا السبب الذي بنت عليه أميركا دخولها إلى أفغانستان، ولكنها الآن تجر هزيمتها من أفغانستان مخلفة جماعات راديكالية تجعل الحدود متوترة»، مؤكداً: «أن أفغانستان وأميركا الآن على علاقة ترتبط بالإتفاقية الأمنية، فالأميركيون كانوا يطمحون بالبقاء في المنطقة حتى عام 2024، ولكن أوباما أدرك بأن البقاء في أفغانستان خطأ جسيم خاصة بعد المتغيرات على المسرح الدولي وصعود قوى مثل روسيا ورئيسها بوتين القوي الذي وقف أمام أميركا وبدأ يهدد مصالحها، فروسيا بدأت تظهر كقوة إقتصادية وسياسية لها وزن ثقيل، وقد شهدنا موقف بوتين في الملف الأوكراني، فالسجادة بدأت تنسحب من تحت أقدام أميركا على الأقل في أفغانستان»، مشدداً على «أنه وبعد عملية الإنسحاب الأميركي والأطلسي من أفغانستان هذا قد يعني نهاية للحلف من أصله، وستبدأ حرب اقتصادية استراتيجية بين ألمانيا التي تمثل قوة إقتصادية أوروبية والولايات المتحدة، فألمانيا لن تدعم أي قرار أميركي مستقبلي في أفغانستان على الإطلاق، فإذا بقي الأميركيون في أفغانستان سيدفعون ثمناً أكبر مما دفعوه، فهم خسروا الحرب بكل المقاييس، وإذا رغبوا بأن يعم الأمن والسلام في المنطقة والحدود مع باكستان عليهم سحب كافة قواتهم كاملة من أفغانستان وإلا سيواجهون مصاعب اكبر من حساباتهم، فهم يريدون الحفاظ على قواعدهم في أفغانستان لدعم الهند ضدنا وتعويض فقدانهم لقواعدهم العسكرية التي كانت في وسط آسيا ومن ثم العمل على تصفية الترسانة الباكستانية عن طريق مثل هذه العناصر الإرهابية على الحدود مع أفغانستان».

وزاد: «لا أحد يستطيع أن يفهم طبيعة الأفغان، ويجب النظر إلى كارزاي الذي دعم الأميركيين خلال العقد الماضي، ها هو رفض التوقيع على اتفاقيتهم الأمنية، فهو يدرك بأن هذه الإتفاقية ليست عملية خاصة في علاقات أفغانستان مع دول المنطقة بأسرها»، متوقعاً: «امتناع الرئيس المقبل عن التوقيع على صيغة هذه الإتفاقية إلا بعد إجراء تعديل عليها، وأهم تعديل هو أن أي قوات ستبقى بعد هذا العام ستخضع للقانون الأفغاني، وهذا ما قد يقيد تحركات أي قوة ستبقى في أفغانستان داخل أي قاعدة عسكرية»، مضيفاً: «لكن برأيي فلا يجب السماح بالبقاء لأي قوات في أفغانستان لأن ذلك سيضر بالمنطقة كلها، وكذلك انقسام الأفغان على أنفسهم، فطالبان الأفغانية لن تقبل بأي تواجد أجنبي من أي نوع، فأنصح الأميركيين بأن يتركوا الأفغان وشأنهم وأن يسحبوا كل جنودهم من هناك، ولكن إذا أصروا على البقاء تحت مظلة هذه الإتفاقية عندها ستلتهب الحدود الأفغانية ـ الباكستانية وسيضطر الجيش الباكستاني إلى مواصلة العمليات العسكرية ومن ثم التفكير في كيفية سد الحدود ووقف عمليات التسلل التي ستشرف عليها هذه القوات والتي ستُدعم من قبل الهند والقوى الأخرى المعادية للدولة الباكستانية».

وأوضح: «أن التهديد الأميركي ورهن التوقيع على هذه الإتفاقية بمبالغ تنموية كبيرة فهذا هراء، فالأميركيون لن يتركوا أفغانستان من دون دعم تنموي، وإن فعلوا فعندها ستخسر الكثير وستفسح المجال لدول كالصين وروسيا وغيرها بأن تأتي وتساهم في تنمية أفغانستان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى