عالم ما بعد الدولار بين يدَيْ القيصر والإمام…!
محمد صادق الحسيني
القيصر الروسي فلاديمير بوتين في طهران لبحث عالم ما بعد الأحادية الأميركية المترنّحة تحت وابل قصف الصواريخ الروسية المجنحة مع القائد الإمام السيد علي خامنئي…!
وحزب الله والحرس الثوري الإيراني في حالة تأهّب مستمرّ لتغيير مشهد الجغرافيا السورية على امتداد الدولة الوطنية بمعايير وقواعد قصر الشعب السوري…!
يظهر الإيرانيون مصمّمين أكثر من أيّ وقت مضى للدفاع عن الدولة الوطنية السورية ومنع تفكّكها أو الاقتراب من قصر الشعب السوري، والاستمرار بحزم في المساهمة في تطهير وتنظيف حدودها كلّها جنباً الى جنب مع الجيش العربي السوري، مهما كلّف ذلك من ثمن، وإعلانهم عن متطوّعيهم الاستشاريين وعن الشهداء منهم بصورة علنية واحدة من الإشارات الواضحة وذات الدلالة الخاصة في هذا المجال…!
الأمر نفسه إذا لم يكن أكثر وضوحاً ينطبق على سلوك وتعاطي حزب الله والمقاومة الإسلامية اللبنانية مع هذا الملف الحيوي و«الوجودي»، كما بات يوصف، لا سيما إذا ما أخذنا كلام الأمين العام لحزب الله وسيد المقاومة بعد التفجير الإرهابي الأخير الذي طال برج البراجنة في الضاحية الجنوبية، حيث أكد بما لا يقبل الشك في أنّ حزب الله سيبحث عن أماكن جديدة لتواجد هؤلاء الإرهابيين التكفيريين وساحاتهم ليساهم في مقاتلتهم من الآن فصاعداً، ولن يكتفي بالمواقع التي يقاتل فيها الآن…!
أما حكاية الروس فتذهب بعيداً أكثر إذا ما علمنا بأنّ الرئيس فلاديمير بوتين جعل من محاربة «داعش» والتكفيريين وطبقاً لكافة متابعي الحراك الروسي في هذا المجال، ليس فقط جزءاً أساسياً من أمن روسيا القومي، بل وحوّل الأمر إلى أن يصبح جزءاً مما بات يُعرف بـ«عقيدة بوتين» التي يُقال إنّ بعداً اساسياً من عناوينها صار يُعرَف بـ: تطهير كلّ المنطقة الممتدّة من الاسكندرون الى الاسكندرية من الإرهاب…!
إذا ما أضفنا الى ذلك كلام قيادة الحرس الثوري الإيراني الميدانية التي أعلنت أنّ خمسين كيلومتراً من الحدود الإيرانية بالاتجاهات كلها باتت جزءاً من الحيّز الحيوي الذي سنضرب فيه بقوة متى رأينا أيّ تحرك مشبوه قد يستهدف أمننا القومي،
ومن ثم الإعلان الروسي بأنّ موسكو لن تألو جهداً في ملاحقة الإرهاب التكفيري ومعاقبة المعتدين على الطائرة الروسية، حتى لو تطلّب الأمر استخدام الغواصات والصواريخ المجنّحة والتي سرعان ما استخدمت لأول مرة في تاريخ روسيا الحديث، نكون عملياً قد دخلنا في جبهة حرب جديدة بين ما كان محصوراً بين الجيش العربي السوري والإرهابيين في المعلن من تلك الحرب على الأقلّ، الى مسرح جديد عالمي المدى متعدّد الاطراف وفي أعلى درجات الجهوزية والتنفيذ والقتال الميداني الحي…!
يعني أقرب ما يمكن وصفه بحرب عالمية ضدّ الإرهاب قوامها قوى العدالة والحق والدفاع المشروع ضدّ قوى العدوان والإجرام والفتك والإرهاب المتوحش…!
هنا فقط يمكن أن نفهم مدى الحرج الأميركي وحجمه ومن بعده الفرنسي وسائر الأوروبيين، وهم يحاولون الالتحاق تباعاً بهذه الجبهة العالمية المفتوحة…!
وكذلك الارتباك والتخبّط والاضطراب وعدم وضوح الرؤيا لدى هذا التحالف الغربي وهو يسارع اليوم في الدعوة إلى ضرورة بدء التغيير والحلّ السياسي للمسألة السورية مرة، والبدء في توسيع ضرباته ضدّ قواعد الإرهاب التكفيري مرة ثانية…!
كذاب ومخادع ومحتال هذا الغربي المتعالي، رغم جراحه المعلنة اليوم بعد الغزوة الداعشية الباريسية «الملغومة «إسرائيلياً»» وليس صادقاً أبداً في ايّ من الإعلانات او الدعوات او الشعارات التي يرفعها… إنه يحاول فقط الإيحاء للرأي العام في بلاده وفي العالم بأنه جزء من هذه المعركة العادلة التي صنعت ملحمتها الاساسية سورية المجتمع والدولة، ومن ثم تكرّست وتعمّدت بالدم بمساندة حلفائها الاقليميين، وأخيراً بمواكبة الأصدقاء الروس أكثر فأكثر…!
الغرب الاستكباري المتعجرف هذا لم يعد يملك خياراً آخر غير الإذعان لقواعد اللعبة، بل وربما حتى لقواعد الاشتباك قريباً إذا ما تطلب الأمر، رغم أنه يتهرّب ويتحايل حتى الآن في الميدان، إلا أنّ سقف هذه المعركة الكونية بات شامياً بامتياز، بنكهة عربية إسلامية عموداها الأساسيان حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع سقف روسي يظللها هو الذي سبق ان قلنا بأنّ صنّاعه ومشيّديه هم ثلاثية المشهد الدمشقي الشهير، أيّ طهران دمشق بيروت بضاحيتها الأبية…!
يُسرع العالم إذاً، مع كلّ ساعة تمرّ عليه باتجاه لفظ الأحادية الأميركية الى مزبلة التاريخ، مقابل الصعود الى تعددية عالمية قوامها لأول مرة ليس فقط قوى عظمى دولية بل وقوى إقليمية عظمى مثل إيران وقوى شعبية جبّارة مثل حزب الله، والآتي من الأيام سيكشف المزيد من تحوّلات عالم ما بعد الدولار الأميركي الذي بدأ يترنّح تحت أقدام رجال الله في ساحات المبارزة والكفاح…!
انظروا جيداً الى خارطة المواجهات على امتداد العالم سترون المشهد الكوني، رغم توزعه وانتشار ملامحه أحياناً، الا انه مركّز في جبهتين ومتوزّع في معركتين أساسيتين ممتدّتين من هرمز الى باب المندب ومن الاسكندرون إلى الاسكندرية، رغم أنّ العين لا تزال على القدس وانتفاضتها العظيمة التي تكاد تخطف أبصار الجميع، والتي قد تفجّر الفصل الأكثر إبهاراً من مشهد العالم الجديد، أيّ عالم ما بعد انهيار الدولار الأميركي…!