حدث معي
أول من أمس، كانت خطتي أن أترك دمشق ظهراً، وبإصرار من الأصدقاء بقيت لحضور مهرجان الأغنية الوطنية في دار الأوبرا، وكان المشهد راقياً أنيقاً والسماع والحضور والانتقاء والإحياء، وكلّ ذلك لافتاً ومثيراً. وتدفقت لوحات جمالية رائعة على العين والأذن ما استحق شكر العاملين والمشاركين، وشكر الذين أصروا عليّ ألا أفوّت فرصة الحضور،. وأنا في اللحظات الأخيرة قبل انتهاء العروض، أتساءل كيف يمكن أن يهزم هذا الشعب الذي يعرف كيف يغنّي بعد ثلاث سنوات من حرب لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، وبعد شلال الشهداء الذي ما توقف، وفي هذا الشرود مرّت على المسرح لوحة أمّ الشهيد الغنائية والمشهدية ممسرحة رقيقة رقراقة، فتدفق الدمع من عيوني بلا انتباه، ودخل نعش الشهيد فبكيت ووقفت وصفقت كطفل يقف وسط الجموع، الذين وقفوا بالتتابع، ربما لأن كثيرين شعروا بما شعرت أو ربما لأن البعض ظنّ ضرورة الوقوف احتراماً… وأنا في حال ذهول… ولا علاقة لما فعلته كطفل يجهل الأصول، بالبروتوكول… عدت ليلاً إلى بيروت على إيقاع نبأ تفجير الروشة… التحية للشهداء… التحية لرجال ونساء يخلّدون ذكرى رجال ونساء سقطوا لنرتفع، فارتفعوا هم على رغم سقوط الكثيرين من الأحياء.