السعودية هي الفيل… وليس الأسد

محمد محفوض

توصّل الجانبان الأميركي والروسي في فيينا إلى رؤية سياسية مشتركة لما يخص حل الأزمة في سورية تتضمن هذه الرؤيا روزنامة سياسية تبدأ بمفاوضات بين وفد الحكومة السورية ووفد المعارضة للاتفاق على حكومة انتقالية قبل نهاية العام الحالي والتوصل لوقف إطلاق نار في غضون ستة أشهر مع استثناء ما يسمى «الدولة الإسلامية» و«جبهة النصرة» من وقف النار هذا في إطار تحديد المجموعات الإرهابية التي تقاتل على الأرض السورية ومن ثم الإعداد لانتخابات رئاسية وبرلمانية في سوريا خلال ثمانية عشر شهراً.

استثناء «جبهة النصرة» و«الدولة الإسلامية» من أي اتفاق لوقف إطلاق النار يعني أن المجتمعين اتفقوا على إعلان الحرب للقضاء عليهما كلياً.

هذا الاستثناء يرتبط بدوره بنقطتين أساسيتين: الأولى دعوة روسية للأردن للمساعدة في تحديد الجماعات الإرهابية والإعلان عن مركز إعلامي روسي أردني، وما لهذه الخطوة من دلالات سياسية قد تنعكس إيجاباً على جبهة الجنوب السوري.

أما النقطة الثانية فالذي يرتبط بها استثناء داعش والنصرة من وقف إطلاق النار، فهي دعوة أميركية روسية للسعودية للالتحاق بركب الحرب ضد الإرهاب بعد محاولات الجبير اليائسة بتعطيل هذا المسار عبر تشبيه مسألة الرئاسة السورية بالفيل الذي تتجاهله الدول الحاضرة لمؤتمر فيينا.

الدعوة الروسية الأميركية للسعودية باعتبارها الداعم والمموّل الأول لجميع أنواع المعارضات السورية التكفيرية منها والمعتدلة حدت بالسعودية للإعلان عن مؤتمر لتوحيد هذه المعارضات على أراضيها.

السفير السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، صرح بأن بلاده سوف تستضيف مؤتمراً في منتصف كانون الاول المقبل يضم فصائل سورية معارضة عدة، في محاولة لتوحيد صفوفها قبل محادثات السلام المرتقبة.

السعودية ستحاول جمع الفصائل المختلفة للمعارضة «معاً من أجل توحيد الصوت»، وفقاً للسفير السعودي.

لم يعد الوقت يُسعف السعودية وأدواتها على الأرض بعدما توضّحت الأمور سياسياً وعسكرياً، فالجيش السوري في حالة اندفاع سريعة مع حلفائه براً وجواً وهجمات باريس الإرهابية أرخت بظلالها على أي مطلب سعودي بتنحّي الرئيس الأسد، كما أن زيادة التمويل والدفع بالمقاتلين الأجانب كفيلان بأن يؤخرا تقدم الجيش، ولكنه ليس كفيلاً بإقناع أوروبا الغارقة في الخوف بضرورة رحيل الأسد أولاً.

فاعلية الروس الجوية والحديث عن سيناريوات ميدانية تقلب بشكل كبير الموازين العسكرية في سورية، بالإضافة إلى رعب الإرهاب الذي انتشر في أوروبا، كما النار في الهشيم، كلها عوامل لا يمكن للسعودية الوقوف وحيدة أمامها بتعنّت سياسي خارج السرب الدولي الذي أيقن متأخراً أن الحرب على الإرهاب شيء والرئاسة السورية شيء آخر تماماً، فتحرّك ضد الإرهاب من البوابة السورية مجبراً بشكل غير مباشر على مشاركة الأسد حربه ضد الإرهاب العالمي.

بغضّ النظر عن اعتبار أن هذه المعارضة وإن شكلت أو حدّدت سترفع أولوية الحل السياسي على أساس رحيل الأسد، إلا أن هذا يعني بداية تحوّل في الموقف السعودي في الاستعداد الجدي للحلول.

التغاضي عن خطر الإرهاب في سبيل هزيمة الأسد استراتيجية سعودية لن تلقى بعد الآن آذاناً صاغية عند الحلفاء الفرنسيين والغربيين مع احتمال يكبر بأن تخطو فرنسا خطوة تحمي أمنها الداخلي متخلية عن مصالحها التجارية أمام أمن مواطنيها فتخسر السعودية الحليف الأوروبي الأهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى