لقاء بوتين ـ خامنئي: تكريس التحالف حول الأسد ومعه

عامر نعيم الياس

على رغم ما يُحكى عن خلافات روسية ـ إيرانية في شأن سورية، والحملة الإعلامية الغربية الخاصة بهذا الملف التي تتحدّث عن افتراق في ما يخصّ مصير الرئيس السوري بشار الأسد، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، في العاصمة طهران، في لقاء هو الأوّل من نوعه منذ عام 2007.

في لقاءات كهذه، يرى البعض أن المستوى والظروف التي تجري فيها تعني وجود صفقةٍ ما بين الطرفين، أو سبب أدّى إلى فرض ضرورة اجتماعهما لتجاوز خلافٍ ما، وهو أمرٌ لا شك فيه، فما الهدف من اللقاء؟

من دون الخوض في التكهّنات حول مضمون اللقاء التي تكفّلت بها الصحافة الغربية خصوصاً البريطانية، يمكن في الشكل تشبيه اللقاء بين بوتين وخامنئي باللقاء الذي جرى في موسكو بين الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره الروسي في العشرين من تشرين الأول الماضي. تلك الزيارة الخاطفة التي أذهلت العالم وفتحت الباب أمام تكهّنات وتحليلات ومقالات من النوع ذاته الذي يروَّج له الآن في ما يخصّ «الخلاف الإيراني ـ الروسي»، وسيناريو «التخلّي عن الأسد»، وهو ما تبنّته حينذاك «نُخب» من «المعارضة السورية» العاملة في الحقلين السياسي والإعلامي. فهم رأوا في اللقاء الذي جمع الرئيسين الروسي والسوري مؤشراً على تخلّي الرئيس بوتين عن الرئيس الأسد. هي مفارقة مضحكة من مفارقات «المعارضة السورية» والإعلام الغربي لكن المشكلة ذاتها تتكرّر. وتضليل الرأي العام لا يزال نفسه وبالطريقة ذاتها.

من أهمّ نتائج لقاء الرئيسين الأسد وبوتين في موسكو، زيادة الانخراط العسكري الروسي في سورية، وقيادة موسكو الجهد الدبلوماسي الدولي الذي قام على أساس تجاوب الحكومة السورية مع هذا الجهد الذي قام بدوره على ثوابت منها: عدم الخوض في مصير الرئيس الأسد وتركه للشعب السوري، والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، ومنع أيّ تدخل خارجي عبر القوة الردعية الروسية المتزايدة في سورية، فضلاً عن إطلاق عملية منسّقة على الأرض السورية بين الطائرات الروسية والجيش السوري والقوات الرديفة، اتضحت وجهتها ومعالمها بشكلٍ أكثر دقة بعد لقاء الرئيسين بوتين والأسد.

في مجمل نتائج لقاء بوتين والأسد، لم يكن هناك أي مؤشرٍ على تراجع روسيّ في ما يخص مصير الرئيس الأسد. هذه النقطة التي يقول الغرب إنها تشكّل لبّ «الخلاف الروسي ـ الإيراني»، لا بل على العكس، تم الاتفاق وبضغط من موسكو على تجاهل «مصير الأسد» دولياً ومن جانب واشنطن على وجه الخصوص على امتداد مدة زمنية حتى 18 شهراً بشكلٍ مبدئي. فما الذي يضطر بوتين للحديث عن هذا الموضوع وجعله خلافياً مع الحلفاء في طهران، في ضوء نجاحه في تغييبه مع الخصوم كواشنطن ولمدة قد تتجاوز سنتين؟

يذهب بوتين إلى طهران للاتفاق على مزيد من التعاون في سورية، والتكامل بين الجهدين الروسي والإيراني على الأرض وفي السماء السورية. هنا يشمل التكامل توزيع الأدوار وفق ما تفرضه الظروف، حيث لا تؤثر لعبة القوات على الأرض ومن سيزيد قواته أكثر في هذه المرحلة على العلاقة بين الثلاثي الروسي ـ الإيراني ـ السوري على أرض المعركة في سورية. فالمهم هو الاستمرار في العمليات ورسم خطوط التماس الجديدة في سورية، وتكريس التحالف الخاص بسورية بين روسيا وإيران والاستفادة منه سياسياً. جملة أمور يستدلّ عليها من تصريحات الزعيمين خلال اللقاء. ففي وقت شكر المرشد خامنئي روسيا على مشاركتها في القتال إلى جانب سورية، لفت إلى أن إصرار واشنطن على رحيل الرئيس بشار الأسد الشرعي والمنتخب، «من نقاط ضعف السياسة الأميركية».

من جهته، قال بوتين إن ايران «حليف موثوق ويمكن الاعتماد عليه ولا يحقّ لأحد أن يقررّ بدلاً عن الشعب السوري». مشيراً إلى أن «من يدّعي الديمقراطية في العالم لا يمكنه رفض الانتخابات في سورية».

وأضاف الرئيس الروسي غامزاً من قناة عمق الالتزام الروسي بأمن الحلفاء: «نحن ملتزمون بألا نخون حلفاءنا وألا نتآمر عليهم كما يفعل البعض».

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى