موسكو تقطع علاقاتها العسكرية بأنقرة وتهدّد بإسقاط أي هدف تعتبره معادياً

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أن لتركيا الحق في حماية أراضيها وأجوائها ومن الضروري لتركيا وروسيا التحدث مباشرة ونزع فتيل التوتر.

وأشار أوباما بعد لقائه نظيره الفرنسي فرانسوا هولاند في واشنطن أمس، أن روسيا تدرك أنها لن تبقى طويلاً في سورية وعلينا التوجه إلى حل سياسي، مضيفاً أنه أخبر الرئيس بوتين أخيراً بأنه ينبغي على روسيا الابتعاد من دعم الرئيس الأسد والتركيز على محاربة «داعش».

من جهة أخرى، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تداعيات إقدام تركيا على إسقاط المقاتلة الروسية في أجواء سورية، ووصف الحادثة بأنها «ضربة في الظهر وجهها أعوان الإرهابيين».

وفي لقاء مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في سوتشي أمس، وأوضح بوتين أن الطائرة الروسية من طراز «سو- 24» أسقطت بواسطة صاروخ «جو – جو» تم إطلاقها من مقاتلة «إف-16» التركية وسقطت في أراضي سورية على بعد 4 كلم من حدودها مع تركيا.

وأشار إلى أن المقاتلة لم تكن تهدد تركيا في أي حال من الأحوال، لأنها كانت تؤدي مهمة قتالية ضد «داعش» في شمال محافظة اللاذقية حيث يتمركز مسلحون معظمهم وصلوا من روسيا، «ومن هذه الناحية فإنهم كانوا يؤدون مهمتهم المباشرة، وهي توجيه ضربات استباقية ضد الإرهابيين الجاهزين للعودة إلى روسيا في كل لحظة، وهم بالتأكيد هؤلاء الذين يمكن اعتبارهم إرهابيين دوليين».

وأكد الرئيس الروسي أنه ستكون لإسقاط الطائرة الروسية «عواقب وخيمة» على العلاقات بين موسكو وأنقرة. وقال: «لقد كنا نتعامل مع تركيا كجارتنا القريبة بل وكدولة صديقة لنا. ولست أدري من الذي سيستفيد ما حدث اليوم، وهو ليس نحن على كل حال». ولفت إلى أن الطائرة الروسية أسقطت على الرغم من عقد اتفاقية بين روسيا والولايات المتحدة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث الجوية، و»تركيا في صفوف هؤلاء الذين ادعوا أنهم يقاتلون ضد الإرهاب ضمن التحالف الأميركي».

وأضاف بوتين: «أنا أفهم أن لدى كل دولة مصالحها الإقليمية وكنا نحترمها دائماً لكننا لن نتسامح أبداً مع جرائم مثل تلك التي ارتكبت اليوم». وأعرب عن أمله بأن يجد المجتمع الدولي قوى كافية للتكاتف في مواجهة الشر المشترك الذي هو شر الإرهاب.

وتساءل عن أسباب توجه تركيا إلى حلف «الناتو» بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية بدلاً من أن تتصل مع موسكو فور وقوع الحادث، «كأننا نحن الذين أسقطنا طائرة تركية وليس هم الذين أسقطوا طائرتنا». وأضاف بوتين: «هل هم يريدون تسخير الناتو لخدمة داعش؟».

كما ذكر بوتين أن روسيا سجلت منذ وقت طويل وصول كميات كبيرة من النفط ومنتجاته إلى تركيا من الأراضي المسيطر عليها من قبل «داعش»، مضيفا أن تركيا ظلت مصدراً مهماً لتغذية العصابات الإرهابية في الأموال.

وأضاف: «إذا كانت لدى داعش مثل هذه الأموال الطائلة، والحديث يدور عن عشرات ومئات الملايين، وربما مليارات الدولارات الواردة من تجارة النفط، وبالإضافة إلى أن ثمة دولاً تقدم لهم حماية مسلحة، فيتضح من ذلك سبب وقاحة تصرفاتهم الدواعش ».

وقد أكد الكرملين بعد تصريح بوتين، أن الرئيس الروسي لم يتحدث عن رد عسكري على إسقاط تركيا لمقاتلتنا، ولكنه وصف الحادثة بالخطيرة جداً.

وقال دميتري بيسكوف، السكرتير الصحافي للرئيس الروسي، إن الكرملين لم تصله معلومات عن سقوط مروحية روسية في سورية، مضيفاً أن الرئاسة الروسية لا تملك معلومات رسمية عن مصير طياري «سوخوي 24».

وأوضح بيسكوف أن المعلومات الدقيقة والكاملة بهذا الخصوص يمكن أن تصدر فقط عن وزارة الدفاع الروسية، مشدداً على أن عملية القوات الجوية الروسية في سورية مستمرة رغم حادث إسقاط هذه الطائرة.

ولكنه أشار إلى أن موسكو تنتظر من حلف شمال الأطلسي الذي تنتمي إليه تركيا، تقييما لتصرفات هذا البلد الاستفزازية» حيال طائرة «سوخوي 24» الروسية، مضيفاً أن هذه التصرفات تثير الاستنكار الشديد وخيبة الأمل ولم يكن أي مبرر لها.

وتأتي تصريحات بيسكوف في وقت أكدت فيه مصادر ميدانية في ريف اللاذقية تعطل مروحية إنقاذ روسية أثناء مهمة البحث والإنقاذ عن الطيارين الروسيين، واضطرت للهبوط في منطقة سد برادون التي تسيطر عليها المجموعات المسلحة.

وأكدت المصادر أن المروحية التي كانت تقل على متنها 12 جندياً من القوات الخاصة الروسية حوصرت في المنطقة، ما استدعى تدخل قوات خاصة سورية تقدمت من منطقة كفرية القريبة لانقاذهم بعد اشتباكات عنيفة مع المسلحين.

وقد نشرت المجموعات المسلحة مقطع فيديو يظهر استهداف المروحية الروسية وتدميرها بصاروخ «tow» مضاد للدروع بعد إنقاذ طاقمها الروسي.

وفي السياق، قالت وزارة الدفاع الروسية أن موسكو قطعت كل العلاقات العسكرية مع أنقرة، وحذرت بشدة من أنها ستسقط أي هدف جوي ترى في تحليقه في الأجواء السورية خطراً على قواتها.

وأضافت الوزارة أن الطراد الصاروخي «موسكفا» المتموضع في المتوسط كلف بحراسة أجواء محافظة اللاذقية بأنظمة «فورت» المضادة للجو، وأكدت أن أحد الطيارين الروسيين قتل وهو يهبط بمظلته بنيران المضادات الجوية.

من جانب آخر، ادعت هيئة الأركان التركية أن إسقاط الطائرة جاء بعد اختراقها للأجواء التركية وتجاهلها إنذارات عديدة من قبل سلاح الجو التركي. وقالت إن طائرتين تركيتين من طراز «إف-16» أسقطتا الطائرة الروسية.

وجاء في بيان صدر عن هيئة الأركان «في الساعة 09:20 يوم 24 تشرين الثاني، أرسلنا 10 إنذارات في غضون 5 دقائق إلى طائرة مجهولة، لكنها رغم ذلك خرقت المجال الجوي التركي في منطقة يايلاديغي في «هاتاي». وبمراعاة قواعد المناوبة القتالية، تصدت طائرتا «إف- 16» لهذه الطائرة المجهولة».

وفي السياق، قال ستيف وورين، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأميركية أنه لا يمكن إثبات اختراق طائرة «سوخوي – 24» الروسية للمجال الجوي التركي قبل إسقاطها بصاروخ أطلقته «إف – 16» التركية.

واكتفى وورين بالقول في تصريح صحافي أدلى به في واشنطن، إن الحادث وقع في المنطقة الحدودية وتعمل وزارة الدفاع الأميركية الآن على جمع وتحليل معلومات قد تساعد في إثبات الحقيقة.

كما أعلن «البنتاغون» على لسان المتحدثة باسمه ميشيل بالدانسا أن تركيا أسقطت المقاتلة الروسية لحماية مجالها الجوي وليس كشريك للولايات المتحدة في التحالف ضد «داعش».

وقالت إن تركيا أبلغت الولايات المتحدة بأن مقاتلتها «أسقطت الطائرة الروسية الحربية بعد اختراقها المجال الجوي التركي الثلاثاء». وأضافت أنه بإمكان «البنتاغون» أن يؤكد «أن القوات الأميركية لم تشارك في هذه الحادثة».

وأضافت المتحدثة أن المذكرة الموقعة بين واشنطن وموسكو بشأن منع وقوع حوادث في أجواء سورية «لا صلة لها» بحادثة إسقاط المقاتلة الروسية.

جاء ذلك في وقت قال مسؤولون أتراك أن الطيارين الروسيين قد يكونان أحياء وستعمل أنقرة مع «المعارضة المسلحة» على تأمين الإفراج عنهما، في حين نقل عن قائد إحدى التنظيمات الإرهابية في ريف اللاذقية قوله إن الطيارين الروسيين قتلا بنيران المضادات الجوية خلال هبوطهما بالمظلة.

الى ذلك، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلغاء زيارته إلى تركيا التي كان من المزمع أن يقوم بها يوم اليوم الأربعاء، وذلك على خلفية إسقاط مقاتلة روسية من قبل سلاح الجو التركي.

وكان من المقرر أن يشارك لافروف في الاجتماع الخامس للجنة الروسية-التركية المشتركة للتخطيط الاستراتيجي في إسطنبول. وأوضح الوزير أنه اتخذ القرار بإلغاء هذا الاجتماع على خلفية أزمة إسقاط الطائرة الحربية الروسية.

وتابع لافروف أن الخارجية الروسية توصي المواطنين الروس بعدم التوجه إلى تركيا باعتبار أن مستوى الخطر الإرهابي فيها متنام، ولم يعد يقل عن الخطر الإرهابي في مصر، وأضاف: «علينا أن نشدد اليوم على تنامي المخاطر الإرهابية في أراضي تركيا، وذلك بغض النظر عما حدث هذا اليوم»، وقال: «إننا نوصي مواطنينا بعدم التوجه إلى الجمهورية التركية مهما كانت زيارات سياحية أو أي زيارات أخرى».

ميدانياً، واصلت وحدات الجيش السوري تقدمها في ريف اللاذقية، وسيطرت على تلة الشيخ محمد والمرتفع 1281.5 في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، إضافة للسيطرة على مرتفع كتف الغدر وكتف يعقوب وقرية مركشلية ومنطقة بور عبد الله وكتف الحريق والتلة الخامسة والسادسة في سلسلة جبال جب الأحمر الاستراتيجية في الريف الشمالي الشرقي.

وفي السياق، أحكمت الجيش سيطرته على كامل القرى والمزارع المحيطة بالكلية الجوية ومطار كويرس العسكري شرق مدينة حلب بحوالى 40 كم بعد فرض سيطرتها اليوم على الاوتستراد الدولي قرب المطار وقطع إمدادات تنظيم «داعش» الآتية من الرقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى