أردوغان يردّ على بوتين وخامنئي… ويرسم قواعد لعبة الأطلسي
عامر نعيم الياس
أنذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيّد علي خامنئي، وردّ على لقائهما في طهران وتكريس تحالفهما في سورية للدفاع عن الدولة السورية.
أسقَطت طائرة «F16» تركية بصاروخ جوّ جوّ، طائرةَ «سوخوي 24» روسية فوق الأراضي السورية وعلى بعد كيلومتر واحد من الحدود مع تركيا وفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وصف الخطوة التركية بأنها «طعنة في الظهر من قبل الإرهابيين»، وزاد بوتين بقوله «لدى داعش حماية من قبل قوات دول عدّة»، مشيراً إلى أن ما جرى «سيؤدّي إلى عواقب وخيمة على العلاقات التركية ـ الروسية».
لم ينتظر الرئيس الروسي نتائج التحقيقات، بل صادق على جزء من الرواية التركية للحادثة وأكد أنها أسقطت بصاروخ من طائرة تركية، وهو بذلك أراد رسم الإطار العام لنتائج التحقيقات أولاً، وثانياً توسيع أفق الرد الروسي على الغارة التركية على خلفية دعوة تركيا حلف الناتو للاجتماع وتجاوب الأخير معها و«كأن المعتدي هو روسيا» وفق الرئيس بوتين.
غدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الروسي، ووضع الكرملين الذي عمل طوال الوقت على احتواء تركيا دبلوماسياً والبحث عن نقاط تقارب معها تغطي على الخلاف في سورية وتحاول عقلنته، وضعه في مواجهة سيناريوات محرجة. إن تلافى القيصر التصعيد واكتفى بالرهان على القنوات الدبلوماسية ووضع الدول الكبرى أمام مسؤولياتها من أجل احتواء الأزمة عبر السياسة. فالرئيس التركي الذي يعي ماذا يفعل اليوم يحاول إيصال الرسائل التالية، وطبعاً من ورائه حلف الناتو وواشنطن:
ـ رسم الردع الخاص بحلف الأطلسي بالنار في مناطق الشمال السوري.
ـ وجود موافقة ضمنية أميركية بالدرجة الأولى على وجود كيان تابع لتركيا في شمال سورية في سياق لعبة تقسيم البلاد ومراعاة النفوذ الأميركي الصافي في الشمال المتمثل بالأكراد، وبهذا المعنى تَمنح أنقرة منطقة حكم ذاتي غير مباشرة عبر الكانتون التركماني.
ـ الصراع الروسي التركي هو اليوم امتداد لصراع تاريخي استراتيجي، هذا ما يسعى إليه الرئيس التركي ويريد تسخير حلف شمال الأطلسي لأجله، وهو ما يدركه بوتين جيداً والذي وصف مهمة الطائرة الروسية التي أسقطت بأنها توجيه «ضربات وقائية ضد الإرهابيين لحماية روسيا»، هنا يتم التركيز على «جيش المهاجرين» و«لواء السلطان مراد» من القوقاز والتركستانيين المتمركزين في مناطق شمال اللاذقية وريف حلب الشمالي على وجه الخصوص، والذي لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال التغاضي عنه. وعند هذه النقطة يريد أردوغان التمسك بكل ما من شأنه تهديد الأمن القومي لروسيا.
ـ تعطيل العملية العسكرية للجيش السوري والقوات الرديفة في منطقة جبل التركمان وجبل الأكراد تحديداً وفي محيط سلمى حيث الثقل الديمغرافي للمشروع التركي لدولة رعاية الأقلية التركمانية في سورية.
ـ توجيه إنذار إلى طهران التي كثّفت من حضورها العسكري في سورية، خصوصاً في جبهة شمال البلاد، وبالتالي التلويح بمواجهة مباشرة مع الجميع على قاعدة الدفاع عن «السيادة التركية» والأقليات المرتبطة بتركيا وفق مخطط «العدالة والتنمية» لتقسيم سورية.
من الواضح أن الردّ التركي على التحالف الروسي ـ الإيراني جاء بما لم يكن أحد يتوقعه، حتى الرئيس الروسي نفسه اعتبره غدراً، وهو ما يؤشر إلى وجود قرار أطلسي بالتصعيد في سورية ووضع الشمال السوري أمام قواعد لعبة جديدة، فهل ترضخ موسكو وطهران ودمشق؟ الكرة اليوم في ملعب الرئيس الروسي الذي يملك وحلفاؤه تحديد شكل الرد.
كاتب ومترجم سوري