المعلم يستقبل ريابكوف ولافروف يدعو إلى توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب
بحث وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي سبل تعزيز العلاقات الثنائية وإنجاز سورية التزاماتها بموجب اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية بعد أن تم نقل آخر شحنة من المواد الكيماوية إلى خارج البلاد مؤخراً.
وعبر الوزير المعلم أمس خلال استقباله المسؤول الروسي عن الشكر لروسيا على موقفها المبدئي مما يجري في سورية، موضحاً أن أكبر خطر تواجهه المنطقة اليوم هو خطر الإرهاب الذي يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي في مكافحته.
وهنأ ريابكوف الشعب السوري بنجاح الانتخابات الرئاسية وانتخاب الرئيس بشار الأسد ونقل إلى الوزير المعلم رسالة من نظيره الروسي سيرغي لافروف يهنئه فيها على نجاح الحكومة السورية في الانتهاء من عملية نقل الاسلحة الكيماوية، واصفاً إياها بالعملية غير المسبوقة من حيث ظروفها وحجمها وإطارها الزمني.
الى ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن بلاده لم ترحب بقرار الولايات المتحدة تخصيص 500 مليون دولار لدعم «المعارضة المسلحة» في سورية، وأضاف «لكنني لا أريد القول إن واشنطن خصصت هذا المبلغ لدعم الإرهابيين… لدى الولايات المتحدة إدراك للخطر الذي تمثله المجموعات الإرهابية في سورية وغيرها من دول المنطقة على الأمن الإقليمي والدولي».
وأضاف لافروف «شركاؤنا الأميركيون الذين نناقش معهم جميع جوانب هذا الوضع يؤكدون لنا أنهم سيقدمون مساعدات غير قاتلة، وتحديداً للمجموعات التي تنأى بنفسها عن الإرهابيين. وآمل بأن تكون هذه هي الحقيقية، وبأن هذه المساعدات لن تتسرب إلى أيدٍ أخرى».
وجدد الوزير الروسي التأكيد على أن الإرهاب يمثل أكبر خطر على الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأكد تمسك موسكو بالموقف الداعي إلى جمع جهود الحكومة السورية والمعارضة في مواجهة الخطر الإرهابي قائلاً: «أود أن أعيد إلى الأذهان أن منطق مكافحة الإرهاب ونأي المعارضة الوطنية بنفسها عن المجموعات الإرهابية التي يلعب الإرهابيون الأجانب دوراً ريادياً فيها، يتطابق مع نداءات تبنتها قمة «مجموعة الثماني» في إرلندا الشمالية قبل عام»، مشيراً إلى أن القمة دعت الحكومة والمعارضة في سورية إلى التوحد في محاربة الإرهاب.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن «المعارضة السورية المعتدلة» سيكون لها دور مهم في صد هجمات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
وأوضح كيري لأحمد الجربا، رئيس «الائتلاف المعارض» في اجتماع بمطار جدة في مستهل زيارة قصيرة للسعودية «لدينا الكثير لنتحدث عنه في ما يتعلق بالمعارضة المعتدلة في سورية والتي لديها القدرة على أن تكون لاعباً مهماً جداً في صد وجود الدولة الإسلامية في العراق والشام». وأضاف كيري قبيل اجتماعه مع الملك عبدالله «الرئيس الجربا يمثل عشيرة يمتد وجودها إلى العراق، هو يعرف أناساً هناك وستكون وجهة نظره ووجهة نظر المعارضة السورية مهمة جداً للمضي قدماً».
ومن جانبه قال الجربا لكيري إن تدهور الوضع الأمني يعني أن هناك حاجة إلى أن تبذل واشنطن والرياض والدول الأخرى مزيداً من الجهد لمعالجة الموقف في العراق الذي قال إن حدوده مع سورية الآن مفتوحة عملياً.
جاء ذلك في وقت وصف المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن فيتالي تشوريكين خطط الإدارة الأميركية لإنفاق 500 ميلون دولار على تدريب وتجهيز المعارضة السورية بالخطوة في الاتجاه الخاطئ. وعبّر عن أسفه بأن الولايات المتحدة «تصب الزيت على نار النزاع السوري بدلاً من محاولة تحقيق حل سياسي». وأضاف: «لاحظنا أن زملاءنا الأميركيين يقولون إنهم ليسوا على يقين في ما إذا كان من الضروري تعيين أحد في منصب الإبراهيمي وإعادة تنشيط المفاوضات بين دمشق والمعارضة»، ودعا الى تقييم خطر المتطرفين بكل جدية، وقال: «نواجه خطر إنشاء دولة إرهابية في الأراضي الممتدة بين حلب وبغداد. هذا هو الواقع».
كما عبّر المسؤول الروسي عن اعتقاده أن هذا الوضع جزئياً هو نتيجة فشل المفاوضات السورية مذكراً بأن البرنامج التمهيدي للحوار السوري كان يتضمن 4 نقاط أولها مكافحة الإرهاب والثاني تشكيل حكومة انتقالية، غير أن المعارضة رفضت بحث هاتين المسألتين في شكل منفصل.
وتابع: «مع الأخذ في الاعتبار النشاط الأخير لـ»داعش»، ألم يكن من الأفضل أن يتفق الطرفان على خطوات عملية مشتركة لمكافحة الإرهاب وفي هذا الإطار إنشاء لجنة مشتركة لتحقيق هذا الهدف. ومن الممكن أن تصبح هذه اللجنة أساساً للهيئة الانتقالية التي يسعى إليها الجميع».
وكان تشوركين أكد في حديث صحافي أن بلاده لن تسمح بتبني مجلس الأمن الدولي قراراً ذا طابع إنساني حول سورية يهدد بفرض عقوبات على دمشق، وانتقد المحاولات الهادفة إلى الاستناد للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على إمكانية فرض عقوبات واستخدام القوة، في مشروع قرار حول إيصال مساعدات إنسانية إلى السوريين، مضيفاً إن هذه المحاولات «لا تهدف إلى الحصول على نتائج إنسانية ملموسة، بل ممارسة المزيد من الضغط السياسي على الحكومة السورية».
الى ذلك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجتمع الدولي إلى عدم غض الطرف عن التهديد الحقيقي الذي يمثله الإرهابيون في سورية، مشيراً في مقال له، نشرته صحيفة «فرانكفورتر الغيماينيه تسايتونغ» الألمانية، الى ضرورة تظافر جهود العالم كي لا تتلقى جماعة جبهة النصرة أو مقاتلو الدولة الإسلامية في العراق والشام دعماً مالياً أو غيره، بحسب تعبيره.
وأشار بان إلى ضرورة تنفيذ الخطة التي قدمها سابقاً لتسوية النزاع في سورية، والمتكونة من ست نقاط، ومن بينها فرض مجلس الأمن حظراً على التزويد بالسلاح، وإطلاق عملية سياسية، والتعامل أيضاً مع التهديدات الإرهابية، واصفاً «مواصلة تقديم دعم عسكري لطرفي النزاع من قوى خارجية» بعدم المسؤولية.
وشدد بان في مقاله على أن «أكبر عقبة في طريق وقف الحرب في سورية في الوقت الراهن هو الاعتقاد بأنه يمكن تحقيق نصر بقوة السلاح»، لافتاً إلى أن حصيلة ضحايا النزاع فاقت 150 ألف شخص.
هذا ودان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أمس ما سمّاه «أعمال القوات المسلحة السورية»، من دون التطرق عملياً الى جرائم مسلحي المعارضة، حيث صوتت لمصلحة القرار الذي قدمته دول غربية بدعم من الأردن وقطر والكويت والسعودية وفود 32 دولة من أصل 47 من أعضاء المجلس، في مقابل تحفظ 9 دول ومعارضة 5 هي الجزائر وفنزويلا والصين وكوبا وروسيا.
وعبّر القرار عن «القلق البالغ في شأن احتمال موت آلاف السوريين ومواطني الدول الاخرى المعتقلين في سجون الحكومة نتيجة الجوع والتعذيب»، ودان القرار سلوك المسؤولين «عن مثل هذه الأعمال المرعبة»، وكذلك «جميع وقائع الاختفاء القسري للمواطنين السوريين ومواطني الدول الأخرى التي يتهم النظام السوري بتنفيذها».
من جانب آخر، أشار تقرير اللجنة الخاصة بالتحقيق في الانتهاكات المحتملة لحقوق الإنسان في سورية، إلى أن طرفي النزاع مذنبان في جرائم خطيرة، مشيراً إلى وقائع محددة تدين مسلحي المعارضة في إطلاق النار على أماكن سكنية، وفي القيام بأعمال إرهابية، وفي عمليات الخطف بغرض الحصول على فدية، وفي التعذيب والإعدام من غير محاكمة، وفي تجنيد الأطفال في القتال.
ووصف نائب المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف أندريه نيكيفوروف مشروع القرار بأنه «نزعة تتجاهل الوضع الحقيقي»، لافتاً إلى أن «مثل هذه القرارات لا تساعد على وقف العنف»، واصفاً مثل هذه المبادرات بأنها متحيزة وانتهازية تخدم مصالح مجموعة صغيرة كان يطلق عليها رياء اسم «مجموعة أصدقاء سورية» وتغير اسمها في ما بعد إلى «نواة مجموعة أصدقاء سورية» وذلك لأن 11 فقط من 107 من الأعضاء في بداية تكوين المجموعة مستعدون لمواصلة تأييد التوجه نحو إسقاط الحكومة الشرعية في سورية بالقوة.