«أس 400» تدخل حيّز المناوبة العسكرية في سورية

أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم أن العلاقات السورية – الروسية دخلت مرحلة استراتيجية غير مسبوقة من التحالف الذي يملك أبعادا كثيرة لا تقتصر على الجانب العسكري والسياسي فقط بل تشمل النواحي الاقتصادية والثقافية.

وأوضح المعلم خلال لقائه نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي ديميتري روغوزين في موسكو أمس أن الاقتصاد جزء أساسي من الصمود السوري، معربا عن الاستعداد لعقد دورة جديدة لهذه اللجنة في أقرب وقت ممكن، وقال «من الطبيعي أن يشمل جدول أعمال اللجنة جميع آفاق علاقاتنا بما في ذلك المجالات الاقتصادية والثقافية، بخاصة أننا قررنا إعطاء الأولوية في مرحلة إعادة الإعمار لشركات الدول التي وقفت إلى جانب سورية ولا سيما الشركات الروسية».

من جهته جدد روغوزين التأكيد على وقوف روسيا إلى جانب سورية ودعمها في جميع المسائل ومشاركتها بالأعمال وليس بالأقوال في مكافحة الإرهاب ومساندة الجيش السوري في حربه ضد الإرهابيين، وقال «إن الأيام الأخيرة كشفت من الذي يكافح الإرهاب فعلاً ومَن الذي يدعم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية».

وأضاف روغوزين، أن إيرادات تصدير النفط من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش» تصب في جيوب المسؤولين عن إسقاط الطائرة «سو 24»، و تابع قائلاً «تعلمون ردة فعل قيادتنا وشعبنا على العمل الإرهابي ضد قواتنا التي تقوم بعملية عسكرية في سورية ضد الإرهاب، إنها طعنة جبانة في الظهر بالمعنى الحرفي والمجازي، الطائرة كانت تشارك في عملية على الأراضي السورية، وتشنّ ضربات ضدّ مجموعات الإرهابيين على أسس قانونية».

وأكد المسؤول الروسي أن بلاده لا تصدق الصدف، وقال «نرى أن لدى تركيا مصلحة مباشرة في الحفاظ على الوضع الحالي سيطرة تنظيم «داعش» على أقاليم ومناطق واسعة في سورية، وخاصة حقول النفط»، واصفاً ردود فعل بعض الدول على التصرف التركي، بعد إسقاط أنقرة للطائرة الروسية في سوريا، بـ«التصرفات الجبانة».

بوتين

وفي السياق، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن تقاعس بعض الدول وتقديمها معاونة مباشرة للإرهابيين أدى إلى ظهور تنظيم «داعش» الإرهابي الذي وصفه بأنه «ظاهرة مروعة».

وأعرب الرئيس بوتين عن أمله في تشكيل تحالف دولي واسع ضد الإرهاب، وفي تقديم هذا التحالف الدعم للعملية الروسية العسكرية بسورية، و قال «نعتقد أنه يجب تصنيف أي محاولات لتبييض صفحة الإرهابيين وتشجيعهم، كمشاركة في الإرهاب وجرائمه».

وأضاف «التستر عن الإرهابيين وعن اتجارهم غير الشرعي بالنفط والبشر والمخدرات والتحف الفنية مستمر، وهناك من يواصل الحصول عن عائدات بمئات الملايين، بل ومليارات الدولارات من ذلك».

وقال «إنني آمل في أن يتم في نهاية المطاف تشكيل تحالف واسع فعلا، يتصدى للإرهاب بصورة منسقة، كقوة موحدة فعالة، ويدعم العسكريين الروس الذين ينفذون عمليات عسكرية ناجحة ضد التنظيمات الإرهابية في سورية».

وبشأن مفاوضات فيينا حول التسوية في سورية، قال بوتين إن الجانب الروسي سيواصل محاولاته للتوصل إلى اتفاق مع الدول الأخرى المشاركة في مفاوضات فيينا بشأن إطلاق عمل مشترك لمحاربة التنظيمات الإرهابية.

كما اعتبر أن «الطعنات الغادرة في الظهر» من جانب من اعتبرتهم روسيا قبل ذلك شركاء لها في مكافحة الإرهاب، «غير قابلة للتفسير على الإطلاق»، مؤكداً أن السلطات التركية لم تقدم حتى الآن أي اعتذار لموسكو بعد إسقاط القاذفة الروسية «سو- 24» فوق أراضي سورية.

وأردف قائلاً «إننا لم نسمع حتى الآن أي اعتذار مفهوم من القيادة العسكرية والسياسية العليا في تركيا أو أي اقتراح بالتعويض عن الضرر أو تعهدات بمعاقبة المذنبين عن ارتكاب هذه الجريمة».

وتابع أنه يتكون لدى الجانب الروسي انطباع بأن القيادة التركية تعمل عمداً على الدفع بالعلاقات الروسية التركية إلى طريق مسدود. وأضاف: «إننا نأسف لذلك».

أردوغان

من ناحيته، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه حاول الاتصال هاتفياً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية، لكن الاتصال لم يتم، وقال «بعد الأحداث المتعلقة بالطائرة الروسية، قمت بالاتصال بالرئيس الروسي بوتين لكنه لم يجب»، مؤكداً أن تركيا كانت ستتصرف بشكل مختلف لو علمت أن الطائرة روسية.

وأضاف أردوغان أمس، أنّ تنظيم «داعش»، يبيع النفط للنظام السوري، وإن كان لا بد من البحث عن الجهة التي توفر المال والسلاح للتنظيم، فينبغي توجيه الأنظار إلى النظام السوري والدول التي تدعمه.

وأعرب أردوغان عن امتعاضه حيال تصريحات بعض المسؤولين الذين يدّعون شراء تركيا النفط من «داعش»، مؤكّداً أنّ موارد تركيا من النفط والغاز معروفة لدى الجميع، وأنّ أكبر وارداتها من روسيا ثم إيران، وقال «نستورد احتياجاتنا من الغاز من أذربيجان، ونشتري النفط من إقليم شمال العراق، ونستورد الغاز المسال من الجزائر، وقطر، وعلى المدعين أن يثبتوا ادعاءاتهم، وألا يطلقوا افتراءات باطلة بحق تركيا».

وفيما يخصّ العلاقات التركية الروسية، أوضح أردوغان أنّ الدّولتين تربطهما علاقات استراتيجية، وأنّ هذا الأمر يتطلب التضامن فيما بينهما وليس تهديد بعضهما البعض.

وفي إشارة إلى الغارات الروسية في سورية، قال أردوغان « البارحة قمتم بقصف شاحنات المساعدات الإنسانية، ونتج عنه مقتل 3 أشخاص وجرح 7 آخرين. وأمام هذا المشهد تدّعون بأنكم تحاربون تنظيم داعش. المعذرة فأنتم لا تحاربون داعش، تقصفون فقط اخوتنا التركمان في شمال اللاذقية بالتنسيق مع النظام السوري من أجل إخلائها من سكانها، وتقتلون المواطنين السوريين».

وفيما يتعلق بتداعيات إسقاط الطائرة الروسية التي انتهكت الأجواء التركية، قال أردوغان «لا ننوي خلق توترات جديدة في المنطقة، بل نسعى جاهدين لإحلال السلام والهدوء فيها. فلا يوجد أي سبب يدفعنا لاستهداف روسيا، التي تربطنا بها علاقات قوية ومتينة، ما لم يكن هناك انتهاك لمجالنا الجوي. هناك فرق بين خلافنا مع الروس بخصوص القضية السورية، وبين تطبيقنا قواعد الاشتباك»، مؤكداً أنّ بلاده لن تتردّد في تطبيق قواعد الاشتباك في حال تكرار حالات انتهاك مماثلة.

جاويش أوغلو

جاء ذلك في وقت قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، بـ«عدم وجود أسباب تدفع بلاده إلى الاعتذار عن إسقاط الطائرة الروسية»، مؤكداً أنّها «أسقطتها وفقاً لقواعد الاشتباك»، وذلك رداً على طلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي دعا تركيا إلى الاعتذار.

وأشار أوغلو إلى «وجود علاقات سياسية، واقتصادية، متميّزة بين تركيا وروسيا»، موضحاً أن بلاده لا ترغب في رفع مستوى التوتر بين البلدين، مؤكداً أنّ «العلاقات بين البلدين ستعود إلى سابق عهدها، خلال حلّ الأزمة بالطرق الدبلوماسية والحوار».

وفي شأن متصل، اعتبرت الخارجية الروسية أن أنقرة حريصة على وضع «السفاحين» في سورية لا على أمن المدنيين، مؤكدة أن «الناتو» أعطى تركيا الضوء الأخضر للقيام بخطوات تهدد الأمن الدولي.

زاخاروفا

وسألت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الحكومة التركية هل تعتقدون أن السفاحين المسلحين، الذين قتلوا بوحشية العسكريين الروس، ينتمون إلى المعارضة السلمية السورية؟

وتابعت «هل تريدون إظهار هؤلاء السفاحين كمدنيين؟ هل هؤلاء هم المعارضة المعتدلة التي تحدثتم عنها؟ هل هؤلاء من يناضل من أجل الديمقراطية، هل هؤلاء من ينبغي لهم أن يحل محل الأسد؟ هل جننتم؟».

وأكدت المتحدثة الروسية أن بلادها تتوقع من أنقرة نفيا أو تأكيدا رسميا لتأييدها لهؤلاء المسلحين الذين قتلوا الطيار الروسي ثم مثّلوا بجثته، وأضافت أن حلف «الناتو»، على ما يبدو، «رضخ لضغط تركيا وأعطى الضوء الأخضر للحلفاء للتضامن مع تركيا وغيرها من دول الحلف للقيام بخطوات مخالفة للقانون تقوض ليس فقط الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي بل وتمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين».

وأشارت الدبلوماسية الروسية إلى أن «الناتو» يحاول تحميل روسيا المسؤولية عن حادث إسقاط قاذفة «سو- 24» ولم يقدم التعازي إلى روسيا، وأكدت أن قتل الطيار الروسي يمثل خرقاً للقانون الإنساني الدولي، مشيرة أن ممثلي الولايات المتحدة والناتو والاتحاد الأوروبي يعلمون ذلك.

وقالت زاخاروفا إن هؤلاء الذين استهدفوا القاذفة الروسية أخطأوا إن كانوا يسعون إلى إضعاف جهود روسيا في مكافحة الإرهاب، مؤكدة أن موسكو ستواصل مكافحة الإرهاب على كل الاتجاهات.

ميدانياً، أكدت وزارة الدفاع الروسية أمس نشر منظومة «أس 400» في قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، مشيرة إلى أن المنظومة المتطورة دخلت حيز المناوبة العسكرية.

وأكد المتحدث باسم القوة الجوية الروسية في سوريا لوكالة «نوفوستي» أنه تم نقل المنظومة خلال يوم واحد بواسطة طيران النقل العسكري من مقاطعة موسكو. وستقوم منظومة «أس 400» سوية مع منظومة «فورت» للطراد الصاروخي «موسكو» الذي وصل إلى السواحل السورية، بضمان أمن القوة الجوية الروسية وتدمير أي أهداف تشكل خطراً عليها».

كوناشينكوف

كما أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية، اللواء إيغور كوناشينكوف، أن وزارة الدفاع الروسية والقوات التركية قطعا جميع الاتصالات بينهما، وتم سحب ممثل الأسطول الحربي الروسي من تركيا، الذي كان ينسق عمل أسطول البحر الأسود والبحرية التركية، وقال «اليوم.. تم قطع جميع الاتصالات بين وزارة الدفاع الروسية والقوات المسلحة التركية».

وفي السياق، قصفت المقاتلات الروسية شحنة أسلحة آتية من تركيا إلى منطقة أعزاز عبر معبر باب السلامة الحدودي كانت متوجهة إلى مسلحي «النصرة» و«أحرار الشام» في ريف حلب الشمالي، وفق ما أعلنت مصادر إعلاميةٌ كردية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى