بوتين يلتقي هولاند: أردوغان يخوض حرب «داعش»… و«أس 400» في سورية خسائر تركيا تفوق الـ40 مليار دولار وانهيارات متوقعة في البورصة والعملة

كتب المحرر السياسي

اليوم الثالث من الحرب الباردة الروسية التركية، نار وجحيم على الجماعات المدعومة من تركيا في شمال سورية، ونشر لصواريخ «أس 400» في اللاذقية يغطي كلّ سورية ويكشف الطائرات الحربية في عمق المتوسط وقبيل إقلاعها من المطارات التركية و»الإسرائيلية»، والقلق والذعر يخيّمان على المستويات السياسية والعسكرية وخصوصاً الاقتصادية في تركيا، بينما «إسرائيل» التي لم تجد من يشاركها العداء لحزب الله إلا واشنطن والرياض في إجراءات عقابية متزامنة، تتلقى التطورات في سورية بصفتها تعزيزاً لمكانة الحزب ومقدّراته بعد الردّ الروسي الإيراني المشترك في قمة الزعيمين الرئيس فلاديمير بوتين والسيد علي الخامنئي برفض الطلب الأميركي بجعل مقدّرات حزب الله تحت الرقابة ووضع لائحة بكمّ ونوع السلاح المسموح له بامتلاكه. وفي ظلّ تأكيد التمسّك الروسي باعتبار الحزب حليفاً وقوة إقليمية يُحسب لها الحساب وتلعب دوراً مميّزاً في الحرب على الإرهاب، ورفض تقديم أيّ ضمانات تتصل بمستقبل دوره وسلاحه.

الرئيس الروسي حدّد بوضوح بوصلة الحرب التي سيمضي بها قدماً وهي تصفية التنظيمات الإرهابية في سورية، مهما كانت الضغوط لثنيه عن ذلك، واضعاً إسقاط الطائرة الروسية في إطار حضانة تركيا لهذه التنظيمات، وخوضها حرب الدفاع عنها، وفي حضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي حمل دعوة أميركية إلى روسيا للدخول في تفاوض مع تركيا، أكد الرئيس بوتين موقفه من الرئيس التركي رجب أردوغان خصوصاً بعد الروايات التي قدّمها أردوغان بديلاً عن الاعتذار الذي طلبه بوتين، ليصف بوتين الروايات التركية بالبعيدة عن الواقع وغير القابلة للتصديق، معيداً الحديث عن قوافل شاحنات النفط المهرّب عبر تركيا لحساب «داعش».

الحكومة الروسية شرعت بعقوبات اقتصادية على تركيا، هي أقرب إلى الحرب الناعمة، وجدت ترجمتها بوقف النشاط السياحي وفرض رسوم جمركية على البضائع التركية، تحرمها القدرة التنافسية، ورسوم عالية على الشركات التركية والاستثمارات التي تملكها، ووقف المشاريع الاستثمارية المشتركة، خصوصاً في مجال الطاقة، والحصيلة وفقاً لخبراء اقتصاديين روس وأتراك سيكون نتاج هذه العقوبات في وضع الاقتصاد التركي المأزوم والذي يعاني ركوداً قاسياً منذ سنتين، بعدما توقفت تجارة الترانزيت عبر سورية والعراق، أكثر من كارثي، فشركات الصناعات الغذائية مهدّدة بالإقفال وهي تصدّر قرابة العشرين مليار دولار سنوياً إلى روسيا، ومثلها صناعات النسيج، عدا عن السياحة التي ستخسر أربعة مليارات دولار سنوياً، وترتب إقفال فنادق ومنتجعات كانت تعتاش على السياح الروس، والمتوقع مع ما يقدّر بأربعين مليار دولار خسائر أن تنهار البورصة التركية وأن يشهد سعر العملة تدهوراً حاداً.

لبنانياً بعد عاصفة لقاء باريس الذي جمع الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية، هدأت جبهة قوى الثامن من آذار ونجحت في امتصاص الصدمة، وكانت مواقف فرنجية الحريصة على التمسك بترشيح العماد ميشال عون الأساس في هذا الامتصاص، والتماسك على قاعدة فلننتظر ترجمة الجدّية في موقف معلن للحريري ونبني على الشيء مقتضاه، بينما برز لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان موقف يؤكد حاجة لبنان إلى حلول حقيقية تحققها تسوية تدوّر الزوايا، عبر حوار يؤسّس على حاجة اللبنانيين إلى حلول إنقاذية في ظلّ الفراغ القاتل.

الملف الرئاسي أولاً

بقي الملف الرئاسي محور الحركة السياسية وسط تضارب وتباين في المعلومات حول مسألة ترشيح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، ولقاء باريس الذي جمعه مع الرئيس سعد الحريري.

وأمس برزت محاولات تشويش من بعض نواب تيار المستقبل بتصريحات رسمية على ما يتم تداوله من ترشيح فرنجية ولقاء باريس، وربط هذا الملف بالتطورات على الصعيد الإقليمي. وشدد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج على أن «طريق التسوية السياسية الشاملة لا تزال في بدايتها». في حين نفى النائب عاطف مجدلاني أن يكون تم طرح اسم فرنجية كمرشح للرئاسة داخل تيار المستقبل، مؤكداً أن «رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لا يزال مرشحنا حتى الآن».

ترشيح فرنجية والحياد!

إلا أن مصدر قيادي في تيار المستقبل أكد لـ«البناء» حصول لقاء الحريري – فرنجية في باريس، مشيراً إلى «أن ترشيح الحريري لفرنجية جدي، لكن الحريري لن يعلن رسمياً ذلك إلا بعد أن يتم الاتفاق على السلة المتكاملة». وأوضح المصدر أن «ترشيح فرنجية لن يكون معزولاً عن حياد لبنان وتشكيل الحكومة وقانون الانتخابات النيابية»، مضيفاً: عندما تنضج الاتصالات سيعلن الحريري عن ذلك في إطلالة تلفزيونية أو في مؤتمر صحافي.

اتصالات بعيدة عن الأضواء

وتحدثت مصادر تيار المردة لـ«البناء» عن اتصالات بعيدة عن الأضواء تجري على خط الحريري – فرنجية لحلحلة الكثير من الأمور على صعيد ملف الرئاسة، لكنها رفضت الدخول في التفاصيل، معتبرة «أنه حتى الآن لم يصدر أي موقف رسمي لا من فرنجية ولا من تيار المستقبل».

وإذ رفضت المصادر التعليق على تصريحات بعض نواب المستقبل، ذكرت بما قاله فرنجية إنه لم يعلن ترشيحه رسمياً وإن مرشحه هو العماد ميشال عون، وأكدت المصادر أن كل ما يقوم به فرنجية على هذا الصعيد من ضمنه اللقاء والتواصل مع الحريري يتم بالتنسيق مع العماد عون».

هل يعلن الحريري فرنجية مرشحاً رسمياً؟

وتؤكد مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «فرنجية مقتنع بجدية موقف الرئيس الحريري، ولذلك قام بنصف الخطوة المطلوبة منه أول من أمس بعد جلسة الحوار الوطني بإعلانه أنه مرشح جدي ولكن ليس مرشحاً رسمياً»، وتشير المصادر إلى «أن الكرة باتت في ملعب الحريري ولفتت إلى أن الأخير سيتحدث خلال إطلالة تلفزيونية أو في مؤتمر صحافي أو يمكن أن يحضر إلى بيروت ويعلن ترشيح فرنجية رسمياً في اجتماع لكتلته النيابية». وقالت: «إن أي موقف جديد لن يصدر عن فرنجية لأنه يعتبر أن المطلوب منه وفقاً للقاء باريس قام به»، مشيرة إلى «أن فريق 8 آذار سيلتزم الصمت ويراقب ويتابع التطورات قبل إعلان أي موقف ريثما يتأكد من جدية الطرح».

وأشارت مصادر في 8 آذار لـ«البناء» إلى «أنه بعيداً عن المعلومات المتداولة فإن هذا الطرح سيكون نسخة ثانية عن اتفاق الحريري عون»، مشيرة إلى «أن أحداً لم يفاتح العماد عون رسمياً بترشيح فرنجية».

وعبرت مصادر وزارية في 14 آذار لـ«البناء» عن «تفاؤلها بقرب انتخاب رئيس بعد تقدّم هذا الملف على باقي الملفات»، وأكدت «أن حل كل الملفات يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية».

أبو فاعور: فرنجية متقدّم

وفي السياق، أكد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، بعد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في بكفيا «أن الاسم المطروح المتقدم هو اسم النائب سليمان فرنجية، ولكن حتى اللحظة الأمور في طور التشاور على ضفتي المعادلة السياسية في البلاد للوصول إلى ما يمكن الوصول إليه».

حردان: تدوير الزوايا لقضايانا بتسوية تحفظ ثوابت لبنان

وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أن لبنان جزء من المنطقة، ولا يمكن أن يكون معزولاً عنها، ولا يمكن أن يكون مستقراً استقراراً كاملاً إلا إذا استقرّت كلّ المنطقة، ولذلك يجب أن يساهم لبنان في استقرار المنطقة، من خلال تحصين ذاته واستقراره، ونحن نرى أنّ هذا التحصين يبدأ في إعادة تفعيل المؤسسات، كلّ المؤسسات، لأنّ لبنان الآن بلا مؤسسات، رئاسة جمهورية غير موجودة، حكومة غير فاعلة، مجلس نيابي توضع عليه شروط لعدم تفعيله، المؤسسات الأساسية التي تقود البلاد هي مؤسسات معطلة، ومن هنا طرحنا على طاولة الحوار أفكاراً حول تسوية للداخل اللبناني بما يحفظ هذا الاتجاه داخل لبنان، ونحن نقول نعم للحوار المنتج، ونرى أنّ الحوار منتج لأنه ضرورة للبنان واللبنانيين». وأشار إلى «أنه لا بدّ من التفتيش عن تدوير الزوايا لقضايانا حتى نقيم تسوية تحفظ ثوابت لبنان، وفي الوقت ذاته تنقذ هذا البلد من الانهيار وتعيده إلى دورة الحياة الطبيعية. وهذا لا يمكن أن يتمّ إلا بانتخاب رئيس جمهورية، وبإيجاد قانون انتخابي يجمع بين اللبنانيين ويساوي بينهم، لذلك نحن طرحنا على طاولة الحوار أنّ لبنان يجب أن يكون دائرة انتخابية واحدة، وأن يعتمد قانون الانتخاب النظام القائم على قاعدة النسبية، لكي يكون عادلاً ومنصفاً للبنانيين جميعاً».

وفي ما يخصّ التطاول على الشهداء، شدد حردان على «أننا نخوض حرباً على الإرهاب ليس فقط في الميدان، بل نخوض حرباً حتى في الإعلام، وللأسف فإنّ بعض وسائل الإعلام في المنطقة وفي العالم ككلّ يُستعمل للتضليل. وهذا التضليل يبدأ بإسقاط كلّ المعايير والثوابت التي تتعلق بالدفاع عن الكرامة والسيادة والأرض والحق»، لافتاً إلى «أنّ التضليل يجري أيضاً بمعايير تخلط بين المقاومة والإرهاب وهذا «عدوان ناعم» مرفوض ولا نقبل إلا أن نضعه في خانة خدمة العدو الصهيوني وخدمة الإرهاب في هذه المنطقة».

سلام إلى باريس السبت

حكومياً، لا جديد بانتظار عودة الرئيس سلام من باريس الذي سيشارك بمؤتمر الاحترار المناخي بانتظار الانتهاء من دراسة خطة الترحيل النفايات إلى الخارج ليدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء.

وفي السياق، أكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«البناء» أن لا جلسة لمجلس الوزراء قبل الثلاثاء المقبل بسبب سفر سلام إلى باريس التي سيعود منها الاثنين». ورأى أن رئيس الحكومة سيدعو إلى جلسة وزارية فور الانتهاء من دراسة عروض الشركات التي ستستورد النفايات»، مؤكداً «أن خيار الترحيل يتقدم ويحتاج بعض الوقت لدراسة أمور فنية قبل بتّه في المجلس».

المقاومة تصفّي «أبو عبدو»

في غضون ذلك، قضى المسؤول عن نقل انتحاريي برج البراجنة عبد السلام عبد الرزاق الهنداوي، الملقب بـ»أبو عبدو»، أول من أمس، في عملية «نوعية» نفذها الجيش السوري وحزب الله في سورية، وفق ما أعلنت قناة «المنار». وأشارت المعلومات إلى أن الهنداوي يُعدّ من أبرز العاملين على خط نقل الانتحاريين من الرقة إلى لبنان، سقط في كمين في منطقة خاضعة لسيطرة «داعش» في ريف حمص، فيما اعتبرت العملية انتقاماً لشهداء «البرج» بعد 14 يوماً على التفجير المزدوج.

واعتبر قائد الجيش العماد جان قهوجي «أن وضعنا على الحدود جيد جداً وكذلك الوضع الأمني بالداخل ممسوك، لكن هذا لا يلغي إمكانية حصول خرق ما في مكان معين». وقال في حديث لوكالة رويترز: «أصبحنا بمنتصف الطريق في محاربة الإرهاب بينما الدول الاوروبية ما زالت في البداية».

وأعرب رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ومسؤول لجنة الارتباط والتنسيق المركزية في حزب الله وفيق صفا، بعد لقائهما العماد قهوجي في اليرزة عن «تقدير حزب الله واعتزازه بعمل الجيش في مواجهة الإرهابيين وعملاء إسرائيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى