موسكو: قرار الناتو يشبه لغة الحرب الباردة
بعد يوم على إعلان حلف الناتو على لسان أمينه العام أندرس فوغ راسموسن تعليق تعاونه العسكري والمدني مع روسيا، جاء رد موسكو عبر وزارة خارجيتها التي اعتبرت أن هذا التعليق بين موسكو والحلف في مجال التصدي للتحديات والتهديدات المعاصرة، ليس من مصلحة روسيا ولا من مصلحة الدول الأعضاء في الحلف على حدّ سواء.
وجاء في بيان صدر عن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش أمس، أن لهجة بيان حلف الناتو حول تعليق التعاون مع روسيا تشبه اللغة التي استخدمت أيام الحرب الباردة، أما القرار نفسه، فهو يعيد إلى الأذهان تجميد عمل مجلس روسيا-الناتو بقرار الأخير منذ 6 سنوات، ردّاً على الحرب الروسية-الجورجية في آب عام 2008.
وذكر الدبلوماسي الروسي أن الجميع يعرف نتائج تجميد عمل المجلس آنذاك، إذ بادر الحلف نفسه إلى إنعاش الاتصالات في إطار المجلس. وقال: «ليس من الصعب أن نتصور من سيستفيد اليوم من تعليق العمل المشترك بين روسيا والناتو في التصدي للأخطار والتحديات المعاصرة التي يواجهها الأمن الأوروبي في مجالات مكافحة الإرهاب والقرصنة والكوارث الطبيعية والصناعية. في أي حال من الأحوال لن تكون روسيا والدول الأعضاء في حلف الناتو من المستفيدين».
وفي سياق متصل، اعتبر أليكسي بوشكوف رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما الروسي أن تصريحات أندرس فوغ راسموسن الأمين العام لحلف الناتو حول إمكان نشر قوات إضافية في دول البلطيق، ليست مرتبطة بالوضع حول أوكرانيا، بل تدل على محاولات لإخراج الحلف من حالة الموت السريري».
وقال بوشكوف في حديث صحافي أمس إن «الناتو فقد معنى وجوده بعد انتهاء الحرب الباردة أما الآن فيحاولون استغلال الوضع حول أوكرانيا وتصعيد التوتر حول إعادة توحيد القرم مع روسيا، من أجل ضخ دماء جديدة في مؤسسات الناتو التي تتراجع أهميتها على قائمة أولويات الدول الأوروبية»، مضيفاً أن «نشر القوات الإضافية في أوروبا الشرقية ليس رداً على الأزمة الأوكرانية، علماً أن هذا الإجراء لن يساعد في حل المشاكل التي تواجهها أوكرانيا، ولن يؤثر على الوضع حول القرم، بل سيؤدي فقط إلى تنامي التوتر».
وتابع قوله «إن راسموسن يدرك تماماً أن الناتو منظمة فقدت عدوها الخارجي، أما محاولة إيجاد عدو خارجي جديد يمثله الإرهاب الدولي، فقد فشلت والآن تعتقد بعض الأوساط في الحلف أن إنعاش المنظمة وإخراجها من حالة الموت السريري يتطلب استغلال المخاوف من التهديد الروسي»، معتبراً أن هذا التوجه مرتبط إلى حدّ كبير بسعي واشنطن إلى تحقيق مصالحها، علماً أن الولايات المتحدة منذ زمن طويل تعرب عن استيائها من عدم دفع الدول الأوروبية قسطها الكامل لتمويل الناتو.
وأعلن فيكتور إيفانونف رئيس الدائرة الاتحادية الروسية لمكافحة المخدرات أن قرار حلف الناتو في الامتناع عن التعاون مع روسيا في برنامج إعداد الكوادر الخاصة بمكافحة المخدرات في أفغانستان، يدلّ على عدم رغبة الحلف في القيام عملياً بمكافحة المخدرات، وأعرب عن عدم استغرابه من موقف الناتو وقال «هذا ما كان يمكن انتظاره من حلف الناتو» وقال إن «حلف الناتو واصل باستمرار اتباع سياسة تهدف إلى وجود مكوناته العسكرية في أفغانستان، والآن يغادرون هذا البلد مخلفين وراءهم إنتاجاً ضخماً متواصلاً للمخدرات فيه».
وذكر ايفانونف أنه كان قد أيّد اقتراح غرفة عمليات الناتو عام 2010 حول خطط للتعاون في مكافحة إنتاج المخدرات في أفغانستان، إلا أن الحلف لم يبد الدعم لها إذ قال إن مكافحة إنتاج المخدرات هي من شأن الحكومة الأفغانية.
وكان إيفانونف أعلن حديثاً أن قرار الدول الغربية بالامتناع عن العمل مع روسيا ضمن أطر مجموعة الثماني على خلفية الأزمة في أوكرانيا ينزل ضربة قوية بمكافحة المخدرات في أفغانستان.
ردود الفعل الروسية على قرار الناتو، جاءت في وقت وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس قانوناً يوقف تنفيذ الاتفاقات الروسية – الأوكرانية الخاصة بمرابطة أسطول البحر الأسود الروسي في أراضي أوكرانيا، وذلك بعد انضمام جمهورية القرم، حيث يقع مقر الأسطول، إلى قوام روسيا.
وبادر الرئيس بوتين إلى إلغاء الاتفاقات، باعتبار أن موضوعها لم يعد قائماً، إذ باتت القرم جزءاً من الأراضي الروسية. وأقرّ مجلسا النواب والاتحاد مشروع القانون الخاص بإيقاف مفعول الاتفاقات الأربعة، وهي تعود إلى عامي 2007 و2010 يومي الاثنين والثلاثاء.
وجاء في المذكرة المرفقة بالقانون أنه «بعد توقيع المعاهدة بين روسيا الاتحادية وجمهورية القرم حول انضمام الأخيرة لروسيا وإنشاء وحدتين إدارتين جديدتين في قوام روسيا، لم يعد موضوع الاتفاقات الروسية – الأوكرانية قائماً، وذلك بسبب وقف إيجار مؤسسات أسطول البحر الأسود الروسي على أراضي أوكرانيا». وكانت اتفاقات خاركوف التي وقعها الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عام 2010 قد نصت على تمديد إيجار مؤسسات أسطول البحر الأسود الروسي حتى عام 2042، مقابل شطب الديون المترتبة على أوكرانيا لروسيا. وأعلن رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف أن إلغاء الاتفاقات يعني زيادة الديون الأوكرانية بنحو 11 مليار دولار.