تقرير إخباري إذا أكرمتَ الغادر… تمرَّدَ
محمد محفوض
تزداد العلاقة الروسية التركية تعقيداً منذ حادث إسقاط المقاتلة الروسية… رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاء طلبه نظيره التركي رجب طيب أردوغان، على هامش قمة المناخ التي عقدت في باريس.
بوتين أعلن قبلها عقوبات اقتصادية «بالجملة» على تركيا، تدرجت بنسق تصاعدي مع مضي الوقت على الحادث، لتصل إلى رفض معلن للقاء أردوغان أعلنه المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف بقوله: «لا يخطط لعقد لقاء مع أردوغان، ولا يدور الحديث عن هذا اللقاء. ولن يُعقَد هناك مثل هذا اللقاء».
بالرغم من الغزل الاقتصادي الروسي لتركيا سابقاً لا يبدو أن هذا التعقد المتدحرج والسريع في العلاقة هو وليد حادث الطائرة فروسيا تعلم علم اليقين العلاقة الوثيقة بين أنقرة والمجموعات الإرهابية التي تقاتل في سورية، وبوتين سبق وأن زار تركيا حاملاً بجعبته اقتصاداً عله يبادله سياسة مع أنقرة.
إما أن أنقرة لم تفهم إشارة بوتين، وهو أمر مستبعد، أو أن الغدر السياسي استفحل في الطبقة التركية الحاكمة، وهو الاحتمال الأقرب للمنطق مع وجود رجل له باع طويل بطعن حلفائه في الظهر، كأردوغان في سدة الرئاسة.
نية رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 100 مليار دولار وتمرير خط الغاز الروسي من الأراضي التركية وغيرها من الاتفاقيات الضخمة كانت فرصة أخيرة لبناء جسر ثقة سرعان ما تطايرت أركانه مع إسقاط تركيا للسوخوي… بوتين أكرم أردوغان بمنحه فرصة أخيرة تمثلت بانفتاح اقتصادي كان سيقي تركيا من عواقب أي حصار دولي
محتمل فيما لو استمر عبور الإرهاب إلى أوروبا عبر أراضيها… بوتين نفسه يعبّر عن أسفه لتدهور العلاقات مع تركيا، مؤكداً أنه شخصياً قام بالكثير لبناء العلاقات المشتركة مع الأتراك… لؤم تركي تمرّد على الكرم الروسي.
صحيفة «خبر ترك» التركية طرحت سيناريوات بديلة لتفادي العواقب التي يمكن أن تنتج عن قطع محتمَل للغاز الروسي عن تركيا تمثلت باللجوء إلى دول أخرى كالجزائر ونيجيريا.
إعلان أوروبا منح تركيا ثلاثة مليارات يورو مقابل وقف تدفق اللاجئين عبر أراضيها ووعود بإحياء مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي آمال ستصطدم بالسياسة والعسكر… تقدّم الجيش السوري على جبهات قتاله والغارات الروسية التي باتت تحت النوافذ التركية… كل ذلك سيزيد من موجة الإرهاب العائد إلى أوروبا عبر تركيا ما سيعرقل أي التزام تركي بوقف هذا التدفق.
في السياسة لا يمكن إغفال الدور التركي لكون تركيا واحدة من أهم داعمي الحركات الإرهابية والقطيعة بين روسيا وتركيا ستؤزّم حتماً الحل السياسي في سورية ليكون الإذعان التركي بقبول الأسد سبيلاً لعودة العلاقة بين أنقرة وموسكو مع الغزل الأوروبي المتزايد للجيش السوري في الأيام الأخيرة لا يستبعد أن يصبح وجود الرئيس الأسد شرطاً لحل سياسي في سورية والجيش السوري قوة أساسية في مكافحة الإرهاب العالمي وهو ما سيكون من أسوأ كوابيس أردوغان السياسية الذي لن تصبر عليه طويلاً بقاع أوروبا النازفة.