نهاية نفق…؟

سحر أحمد علي الحارة

يبدو أنّ النفق السوري المظلم ما زال طويلاً وشاقاً، رغم الأعمال العسكرية الميدانية المتميّزة للجيش السوري، الذي كان وما زال يخوض واحدة من أشرس المعارك في تاريخ الجيوش.

ليس في وسع السوريين وحدهم وضع حدّ لهذه المأساة التاريخية. فالقضية متشابكة جداً عربياً ودولياً، والولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون يهربون من التفاهمات المبدئية، كي لا يصلوا إلى اتفاق محدّد يعزّز سيادة ووحدة الدولة السورية، ويضمن الدور الإقليمي والعالمي لحلفاء سورية في بناء نظام عالمي جديد.

ما زال اللعب بورقة الإرهاب المتعدّدة الوجوه مستمراً، وقد جمع التفاهم المبدئي على تدمير الدولة السورية أطرافاً شديدة التناقض، لكنها تلتقي على هدف واحد مرحلياً هو تفتيت وتدمير الدولة السورية، وخلق حالة واقعية تجعل من الصعب إعادة بناء الدولة الوطنية الحديثة، دولة المساواة والمواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز، الدولة الموحّدة الواحدة أرضاً وشعباً وتاريخاً.

رغم الإشارات الإيجابية جداً وفوق ما يتوقع العالم من الرئيس بشار الأسد شخصياً، الذي أعلن موافقته الصريحة للرئيس بوتين بقبول الحوار مع كلّ طرف سوري يوافق على قبول التحدّي الديمقراطي عبر صناديق الاقتراع، وبعد مرحلة انتقالية يتمّ من خلالها الاتفاق على دستور تعاقدي وطني جديد لسورية.

لكن الولايات المتحدة وتركيا وفرنسا والسعودية ودولة المسخ النفطي قطر، كلها لا تزال تراهن على إمكانية تدمير الدولة والمؤسسات، وتحويل سورية إلى قطاعات إرهابية تصفي حساباتها في ما بينها لاحقاً، لتعيد هيكلتها أميركياً «إسرائيلياً» بما يناسب المصالح العليا للولايات المتحدة الأميركية و»إسرائيل» أولاً، ثم فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي ثانياً، وحينها يعيد الغرب حساباته لتصفية ما تبقّى من النظام الرسمي العربي القديم في الخليج وغيره، تمهيداً لتحويل المنطقة إلى مزرعة أميركية وكبح النهوض المفاجئ للدور الروسي والصيني ومجموعة بريكس في تشكيل النظام العالمي الجديد.

يدنا على قلوبنا، إذ كلما تصاعدت لغة المواجهة والمكابرة والعناد بين الجبارين الأميركي والروسي، وما يرافقها من العودة إلى سباق التسلح المحموم الذي لا يمكن أن يكون لمصلحة السلام في سورية، ولا في أيّ مكان من العالم، بل إنّ دول تحالف الأطلسي تحاول عبر الدرع الصاروخية وتوسيع انتشار حلف الأطلسي في أوروبا الشرقية، ودول الاتحاد السوفياتي السابق، والدعم المالي والتدريبي والتسليحي الهائل للقوى التكفيرية الإرهابية تحاول نقل المعركة إلى قلب جمهورية روسيا الاتحادية، مع إغراقها أيضاً بحروب إقليمية ومنازعات مع الدول المجاورة.

هذه لوحة الواقع الدولي والإقليمي حولنا الآن، حمى الله سورية وشعبها وتاريخها، من تفاهة وجهل بعض أبنائها ومن حالة لؤم تجمع تاريخياً كلّ مبغضيها عربياً وأعدائها إقليمياً ودولياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى