بوتين يواصل تأديب أردوغان… ولافروف لوزير خارجيته: أقفلوا الحدود تحرك أممي متسارع على المسارين السوري واليمني قبل نهاية العام

كتب المحرر السياسي

نجحت روسيا في حملتها المكثفة لتأديب تركيا على تماديها في العبث السوري، رغم كلّ الكلام الجافّ الذي تسمعه من الأميركيين والأوروبيين حول علاقتها بالدولة السورية ورئيسها، فالموقفان الأميركي والفرنسي بتأكيد إقفال تامّ للحدود التركية السورية جاء بقوة الضغط الروسية، وهذا هو الطلب الذي وضعه وزير الخارجية الروسي في وجه نظيره التركي في لقاء بلغراد أمس، بينما نسف فكرة المنطقة الآمنة التي شكلت حلم الرئيس التركي رجب أردوغان، فقد تحقق بفضل صواريخ القاذفات الاستراتيجية توبوليف التي تعهّدت تدمير كلّ ما يتخطى الحدود من سورية إلى تركيا من ناقلات نفط وكلّ ما يتخطاها بالاتجاه المعاكس من مساعدات لوجستية تركية للجماعات المسلحة بذريعة مساعدة المواطنين السوريين وإغاثة اللاجئين، حتى سدّد الاتحاد الأوروبي للحكومة التركية فاتورة المليارات الثلاثة لقاء وقف النزوح نحو أوروبا للاجئين السوريين الذي رفع أردوغان لواءهم ذريعة لإقامة المنطقة الآمنة التي صارت في خبر كان.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يوقف هجومه المتصاعد وقرّر وقف مشاريع الغاز المشتركة مع تركيا دون أن يوضح مصير الغاز المتدفق إليها من روسيا مع بداية فصل الشتاء والذي يشكل وقفه كارثة مالية واقتصادية لتركيا في حال شموله بالعقوبات، والهدف الروسي التالي هو وقوف تركيا جانباً عند فتح ملف تصنيف التنظيمات المسلحة على لوائح الإرهاب.

الأمر سيكون على طاولة الاجتماع المقرّر في نيويورك بعد أسبوعين تماماً، حيث سيحضر وزراء خارجية الدول الخمس عشرة الذين شاركوا في اجتماعات فيينا، والذي قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يرأس باسم حكومته مجلس الأمن هذا الشهر، أنه عازم على إنجاحه بالتمهيد لحوار سوري – سوري، وربما وقف للنار بين مَن يُتفق على تصنيفهم معارضة مسلحة والدولة السورية.

التحرك المتسارع سورياً، بقوة الحقائق التي فرضها المحور الذي تقوده روسيا وإيران في المنطقة، لاقاه تحرك متسارع مشابه على المسار اليمني، حيث شكل تغيير وزير الخارجية، بتسمية رئيس الوفد المفاوض عبد الملك المخلافي وزيراً للخارجية، مدخلاً لتزخيم المفاوضات ومنحها فرصاً جدية، وتقول مصادر الحوثيين إنّ المخلافي رغم تموضعه على الضفة الأخرى في الصراع، يبقى محاوراً قادراً على تدوير الزوايا بحكم العلاقات التاريخية التي يملكها من موقعه كجزء من تيار ناصري، يملك علاقات متعدّدة ومرونة سياسية، تؤهّله إذا مُنح الضوء الأخضر على تسريع الحلول للوصول لنتائج هامة مع التوازن الذي نجح الجيش اليمني واللجان الشعبية بإقامته على الطرف المقابل من الحدود مع السعودية مقابل العجز السعودي عن تحقيق إنجازات تُذكر في كلّ من تعز ومأرب.

التسارع يبدو سمة الملفات العالقة، كما يراه مرجع لبناني يتابع تفاصيل التسوية الرئاسية التي تبصر النور بالتدريج، وتتحوّل من لحظة الذهول إلى الاعتراف بتحوّلها حقيقة يجب التعامل معها، فالنائب سليمان فرنجية المرشح الرئاسي التسووي، يتعامل بهدوء وقدرة امتصاص مع ردود الفعل السلبية التي لاقت طرح اسمه مرشحاً للتسوية، وقد نجح بتقديم عباءة بكركي عنواناً للتشاور أولاً، بينما كان المعترضون من قوى الرابع عشر من آذار، وهم مسيحيوها، يتراكضون إلى المسؤولين السعوديين الذين أراد رئيس القوات اللبنانية أن يطلب منهم الضمانات لما بعد التسوية، بينما قصد رئيس حزب الكتائب السفير السعودي في بيروت للغرض نفسه، فيما جبهة الثامن من آذار وعلى رأسها ثنائي حزب الله والعماد ميشال عون يفضلان التريث بانتظار إعلان الرئيس سعد الحريري دعمه ترشيح فرنجية كمرشح تسوية للانطلاق في التعامل مع التسوية كمشروع يحتاج مقاربة تتضمّن الأسئلة وطلبات الأجوبة.

السعودية تقود حركة دبلوماسية

تدفع الأجواء الإقليمية والدولية أكثر فأكثر باتجاه حل أزمة الانتخابات الرئاسية، فقد أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بحسب ما نقل عنه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري «ضرورة إنهاء الفراغ الرئاسي»، ولفت إلى «أنه يعمل لإنهاء الفراغ الرئاسي وأنّ هناك حواراً جارياً بين الفرقاء اللبنانيين»، معتبراً «أنّ هناك أملاً كبيراً اليوم بإنجاز هذا الموضوع، وأنه يرى مناخاً إيجابياً ومتفائلاً في الأيام المقبلة».

وفيما تشهد الحوارات والاتصالات تقدّماً، يتجه الحريري إلى عقد أكثر من اجتماع في الرياض مع شخصيات من 14 آذار، استهلها أمس بلقاء مع النائب بطرس حرب وتمّ التداول في ترشيح فرنجية وظروفه وفي ما يجب توفيره من ضمانات لكل اللبنانيين في إطار عدم تكريس انتصار فريق على آخر.

وتقود السعودية حركة دبلوماسية في إطار دعم المبادرة والعمل على إقناع مسيحيّي 14 آذار بالطرح الرئاسي. وأكد السفير السعودي علي عواض العسيري بعد لقائه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في بكفيا «أن السعودية لن ولم تسمِّ اسماً لرئاسة الجمهورية»، لكن لا مانع لديه من أن يلتقي بفرنجية. وإذ شدد على ملء الفراغ الرئاسي وعلى حصول حوار مسيحي مسيحي، لفت إلى أن «الرئاسة خيار لبناني – لبناني وأن السعودية لا تتدخّل في التسميات».

الكتائب تطالب بضمانات

وعلمت «البناء» أنّ «الجميّل كرّر خلال لقائه العسيري مطالبة الكتائب بضمانات من فرنجية كي تمنحه أصواتها لرئاسة الجمهورية»، كما علمت أنّ حزب الكتائب بانتظار ما ستؤول إليه المشاورات بين الحريري وفرنجية وإعلان الترشيح وسلة التسوية رسمياً.

أما الضمانات التي قصدها الجميّل فأوضحت مصادر وزارية لـ«البناء» فهي عبارة عن «موقف وطني من فرنجية يحيّد لبنان عن الصراعات الإقليمية وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والالتزام بقانون اللامركزية الإدارية وحصر قرار الحرب والسلم بيد الدولة».

ولفتت المصادر إلى أنّ العسيري أكد للجميّل أنه إذا اتفق المسيحيون خلال حوار بينهم على مرشح آخر غير فرنجية، فلن تقف السعودية حجر عثرة أمام انتخابه بل ستبارك أي تسوية على هذا الصعيد. وأكدت المصادر أنّ مبادرة الحريري لدعم ترشيح فرنجية أتت بقرار من المملكة العربية السعودية.

ترشيح فرنجية يحظى بغطاء من بكركي

إلى ذلك، حصل الحريري على غطاء مسيحي من بكركي لترشيح رئيس تيار المردة، وأكد البطريرك الماروني بشارة الراعي لدى استقباله فرنجية «أبهجتَ اللبنانيين وحرّكت الملف الرئاسي». وسبق أن أكد الراعي من مطار بيروت الدولي «أن مبادرة الرئيس الحريري هي مبادرة لها قيمتها وهي مبادرة جدية، لذلك نقول إنّ الباب قد فتح حتى يستطيع كلّ الأفرقاء التحدث بمسؤولية عن الحلّ الأنسب».

مصادر: فرنجية لن يسلّم البلد لتيار المستقبل

وأكدت مصادر مقرّبة من رئيس تيار المردة لـ«البناء» «أن لا مهرب من إقرار قانون انتخابي جديد»، مشيرة إلى «أنّ فرنجية لم ولن يخرج عن طرح النسبية في القانون الانتخابي، فهو يعي حساسية الوضع السياسي ولن يضع مصير حزب الله الدستوري والقانوني بيد الحريري». ولفتت المصادر إلى «أنّ البحث الجدّي داخل فريق 8 آذار لن يبدأ إلا بعد إعلان الرئيس سعد الحريري رسمياً تبنّي فرنجية كمرشح للرئاسة، عندها سيدرس الطرح بتفاصيله مع الجنرال عون وحلفائه في فريق 8 آذار». وإذ أشارت المصادر إلى «أنّ مسعى الحريري جدي»، شدّدت على «أنّ فرنجية لن يتهور فهو يعرف جيداً مطالب وهواجس حزب الله ولن يسلّم البلد لتيار المستقبل، ولن يسمح أن يحصل معه كما حصل مع الجنرال عون».

مشاورات بين عون وفرنجية

وتؤكد مصادر مطلعة في 8 آذار لـ«البناء» «أنّ حزب الله لا يزال على موقفه من دعم ترشيح العماد ميشال عون»، مشيرة إلى «أنّ الحزب لن يضغط على العماد عون لسحب ترشيحه، وليس في وارد التخلي عنه». واعتبرت المصادر «أنّ أيّ تقدّم في مسار الطرح، ينتظر إعلان رئيس تيار المستقبل رسمياً تبنّي رئيس تيار المردة، ويتطلب إجراء مشاورات بين عون وفرنجية من المرجّح أن تستأنف بعد انتهاء العماد عون من تقبّل التعازي بوفاة شقيقه روبير عون». ولفتت المصادر إلى «أنّ فرنجية تبلغ من حزب الله بعد أن تلقّى عرض الحريري ضرورة وأهمية التنسيق مع الجنرال».

وأكدت أوساط سياسية لـ«البناء» «أنّ الجنرال لن يتخلى عن ترشيحه إلا مقابل سلة امتيازات أبرزها إقرار قانون جديد للانتخابات». ورأت «أنّ إلغاء دور المكوّن المسيحي في تركيبة السلطة سيعطي للفريق الآخر الأرجحية البرلمانية التي سيشهرها تيار المستقبل ضدّ حزب الله لرسم معادلات سياسية تكون مناهضة لسياسة المقاومة داخلياً وإقليمياً وتجربة الحكومة البتراء أفضل دليل». وأشارت الأوساط إلى «أنّ خلاف عون الأساسي مع تيار المستقبل يعود إلى رفض عون الهيمنة التي يمارسها تيار المستقبل في السلطة والتي يغطيها اتفاق الطائف ومرتكزه الأساسي التركيبة الحالية لمجلس النواب».

هل تحضر «القوات» جلسة انتخاب فرنجية؟

وتعليقاً على موقف القوات اللبنانية من ترشيح فرنجية، علمت «البناء» من مصادر واسعة الاطلاع «أنّ جعجع على علم بالطرح منذ فترة، وهو يتواصل مع فرنجية منذ نحو عام، باعتباره أنّ الانفتاح على فرنجية من شأنه أن يساعد على فتح صفحة جديدة مع حزب الله ويكون خطوة باتجاه تنفيس الاحتقان». وذكرت المصادر بتسمية جعجع لفرنجية منذ أكثر من ستة أشهر عندما سئل لو خيّر بينه وبين الوزير جان عبيد». وأشارت المصادر إلى وجهتَيْ نظر داخل القوات: الأولى تقول بحضور الجلسة من دون التصويت لمصلحة فرنجية، والثانية تقول بإعطاء النواب الثمانية أصواتهم له وطيّ صفحة الماضي».

وأكد وزير الصحة وائل أبو فاعور «أنّ إتمــام التسوية في ملف الرئاسة فرصة نادرة قد لا تتكرّر ونعمل على أن ينتخب فرنجية رئيساً في جلسة 16 كانون الأول» ، مشيراً إلى «أنّ العمل منصرف إلى كيفية إقناع الجهات للوصول إلى هذه التسوية».

الأمور تبقى في خواتيمها

وأكد النائب جمال الجراح لـ«البناء» أنّ الأمور ليست مستعجلة، هناك جهد يبذل لإنجاح الطرح، لكن التسوية تحتاج إلى وقت لتنضج». وإذ أشار إلى أنه متفائل بحذر، لفت إلى «أن الأمور تبقى في خواتيمها». ونفى صحة ما يتمّ التداول به عن اشتراط الرئيس الحريري قانون الستين»، مشيراً إلى «أنّ ما نطالب به هو القانون المختلط الذي يجمع بين الأكثري والنسبي، لا سيما أننا تقدّمنا باقتراح قانون العام الماضي خلال اجتماعات لجنة التواصل وينصّ على انتخاب 70 من النواب على أساس الأكثري و30 على أساس النسبي وهذا القانون يؤدّي الغرض لجهة صحة التمثيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى