الرياض تنفذ «موجة غير مسبوقة» من الإعدامات
حكم بإعدام شاعر ورسام لاتهامه بالردة، القبض على ثلاثة شبان حينما كانوا قصراً وإصدار حكم بإعدامهم، بالإضافة إلى تقارير في الصحف السعودية عن إعدام وشيك لأكثر من 50 شخصاً.
أثار تطبيق السعودية عقوبة الإعدام قلقاً دولياً، بعدما عاد سجلها في مجال حقوق الإنسان إلى الأخبار مرة أخرى منذ كانون الثاني الماضي، حينما جُلد المدون الليبرالي رائف بدوي لاتهامه بالإساءة إلى الإسلام.
وفي الشهر نفسه، ظهر تسجيل صادم لامرأة من بورما متهمة بالقتل وهي تصرخ: «لم أقتل» حتى لحظة قطع رأسها بالسيف في أحد الشوارع بالسعودية.
وقد نفذت أحكام إعدام على أكثر من 150 شخصاً حتى الآن هذا العام، وهو أعلى رقم تسجله منظمات حقوق الإنسان منذ 20 سنة.
وأدين هؤلاء بجرائم غير عنيفة من بينها الإتجار في المخدرات. ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن العديد من المحاكمات غير عادلة.
ووصفت منظمة العفو الدولية أحكام الإعدام بالسعودية هذا العام بأنها «موجة غير مسبوقة من الإعدامات تعد معلماً جديداً قاتماً في سجل استخدام السلطات السعودية لعقوبة الإعدام».
إذا ما هي الأسباب التي تقف وراء ارتفاع أعداد هذه الإعدامات؟ تصعب الإجابة على هذا السؤال بسبب غياب الشفافية في النظام القضائي السعودي.
وقال آدم كوغل الباحث في منظمة هيومان رايتس ووتش الذي يتابع أحكام الإعدام التي تنفذها السعودية: «هناك كثير من التكهنات. لكن لا أحد يعلم الإجابة الحقيقية لأن السعوديين لم يعلنوا الأسباب ولن يعلنوها».
لكن زيادة معدلات الإعدامات بدأت بالفعل في آب العام الماضي، بحسب نشطاء حقوق الإنسان. وقال كوغل: «تقريباً جميع من أعدموا حوكموا بتهم القتل أو المخدرات، ومن المحتمل أن يشهد معدل الجريمة تصاعداً مع زيادة جرائم القتل وإدخال المخدرات إلى البلاد.»
وهناك فكرة أخرى تتعلق بإعادة هيكلة النظام القضائي للسعودية خلال السنوات القليلة الماضية. ويقول كوغل: «ربما يكون هذا هو السبب، في ظل زيادة عدد المحاكم والقضاة، فإن النظام لديه القدرة على التعامل مع سجل متراكم من القضايا».
هناك نظرية ثالثة تشير إلى أن هذه الإعدامات تأتي ضمن توجه في المنطقة بالكامل لزيادة الإعدامات، في ظل زيادة كبيرة في عقوبات الإعدام في باكستان وقرار الأردن إنهاء وقف تنفيذ أحكام الإعدام في كانون الأول الماضي.
ومن بين الأشخاص الذي يواجهون أحكام الإعدام مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة ومعارضون في المنطقة الشرقية شاركوا في احتجاجات بدأت عام 2011.
واعتبر كوغل أن «أحكام الإعدام تأتي انتقاماً من محتجين، بعضهم كانوا سلميين وبعضهم ربما لم يكونوا كذلك. هناك رسالة واضحة مفادها أنه إذا خرجت إلى الشوارع لتحدي آل سعود، فإنك قد تدفع الثمن في نهاية المطاف».
ويقول نشطاء حقوق الإنسان إن المتهمين لا يحصلون في أغلب الأحيان على محاكمات عادلة. بل ولا تبلغ السلطات مسبقاً عائلات السجناء بتنفيذ الإعدامات في ذويهم الذين يحكم عليهم بالإعدام.
وأثارت قضية الشاب علي النمر، الذي أصبح رمزاً للأشخاص الذين يواجهون حكم الإعدام، مناشدات من زعماء العالم للملك سلمان بإصدار عفو عنه وعدم توقيع حكم الإعدام بحقه.
ووجهت للنمر مجموعة من التهم من بينها مهاجمة الشرطة بقنابل حارقة في احتجاجات مناهضة للحكومة شرق البلاد حينما كان عمره 17 سنة فقط ولا يزال في الدراسة.
وقالت عائلته إن الاعترافات انتزعت من النمر بالإكراه، وإنه وقع عليها بعد أن أبلغته السلطات بأنه سيفرج عنه.
وأثار مصير الشاعر والفنان الفلسطيني أشرف فياض 35 سنة أيضاً تنديداً دولياً.
وصدر الأسبوع الماضي حكم بإعدام فياض لاتهامه بالإلحاد والتشكيك في الذات الإلهية بسبب ديوان شعر كتبه قبل سنوات عديدة، ويقول خبراء حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إن هذا الحكم يمثل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ودعا مئات الشعراء والكتاب في أنحاء العالم إلى إطلاق سراح فياض. وقالوا إن «الحكم بإعدام فياض هو أحدث مثال لعدم تسامح السعودية مع حرية التعبير والملاحقة المستمرة للمفكرين الأحرار.»
وبالفعل حينما قال أحد مستخدمي موقع تويتر إن حكم فياض يشبه «حكم داعش»، هدد مسؤول في وزارة العدل بمقاضاته، بحسب ما نقلت صحيفة محلية.
وقال سيفاك كشيشيان، الباحث في الشؤون السعودية في منظمة العفو الدولية، إن «الإعدامات لا تمثل فقط قلقاً خطيراً في ما يتعلق بحقوق الإنسان. هناك حملة ضارية وممنهجة تستهدف نشطاء حقوق الإنسان الذين يتبنون المعارضة السلمية بشكل عام من بينهم المدونون ونشطاء الانترنت». وأضاف: «إذا كنت عضواً في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فإنك تكون ملتزماً بالحفاظ على أعلى المعايير في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها.»
والأمر المثير للجدل هو أن السعودية أصبحت عضواً في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في عام 2013 ولمدة ثلاث سنوات.
وترفض السلطات السعودية الانتقادات الدولية بشأن سجلها في حقوق الإنسان، وتؤكد ضرورة احترام نظامها القضائي الذي يستند للشريعة الإسلامية.