هولاند والحرب على طريقة أوباما

عامر نعيم الياس

أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشكلٍ لا لبس فيه، أن العدو الأوّل لفرنسا في سورية هو تنظيم «داعش». لم يذكر في خطابه أمام البرلمان الفرنسي «الجمعية الوطنية» كلمة «الأسد» ولا مرّة، وبهذا المعنى رأى المراقبون وجود تحوّل في السياسة الفرنسية في سورية قوامه تغيير الأولويات في الوقت الحالي. ومع اقتران التغيير في الموقف بتغيّر الظروف والهجمات الإرهابية لـ«داعش» في فرنسا ومن قبل في بيروت وعلى الطائرة الروسية فوق شرم الشيخ، برز إلى الواجهة مجدداً موقف وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس الذي كرر عبارة «الأسد لا يمثّل مستقبل سورية»، فيما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يخرج على العلن ليطمئن رأيه العام والحلفاء على عدم وجود أي دور للأسد في مستقبل سورية. تقاطعٌ ليس صدفةً في المواقف الأميركية والفرنسية، وإن كان بعض المحللين والمتابعين رأى في الموقف الفرنسي من موسكو وتوجّه قاطن الإليزيه إلى الكرملين قبل الأطلسي دليلاً على الالتزام بقواعد اللعبة الروسية في سورية. إلا أن ما رافق هذا التوجّه يكبح جماح أي سيناريو لتحالف فرنسي روسي في الحرب على الإرهاب في سورية وفق الرؤية الروسية حتى في الإطار العام، ومن هذه المؤشرات:

ـ قرار مجلس الأمن الدولي حول الحرب على «داعش» في سورية والعراق، هذا القرار الخجول غير المقترن بآليات للتنفيذ وغير الملزم حيث لا يندرج تحت الفصل السابع.

ـ التحوّل المتأخر في الغرب وقدرة باريس على تحشيد تحالف دولي واسع من أجل الحرب على سورية تسير في سياق فَصل عمل التحالفين بعضهما عن بعض والاكتفاء بالتنسيق الذي يمنع الصدام ويطوّر التعاون في المجال الاستخباري فقط، وفي ما يخص «داعش» تحديداً، أما النصرة والتنظيمات الأخرى لا تزال توصف بالتنظيمات المعتدلة في سورية.

ـ الرهان على عامل الوقت والاستنزاف والحرب طويلة الأمد لا يزال الأساس في الاستراتيجية الغربية في سورية حتى بعد هجمات باريس، حيث نرى قائد الجيش الفرنسي بيار دوفيلييه يقول: «أستبعد تحقيق انتصار عسكري على داعش في المدى القريب».

ما سبق من عوامل اقترن هو الآخر رفع روسي لمنسوب الانخراط العسكري في سورية أطلق عليه المراقبون اسم «المرحلة الثانية» والتي تقوم على الآتي:

ـ زيادة الحضور العسكري البري المباشر في سورية عبر الخبراء والقوات الخاصة التي تتولى حتى اللحظة مهام حماية نقاط الانتشار العسكري الروسي في سورية.

ـ مضاعفة عدد الطائرات العسكرية الروسية في سورية حيث بلغت وفق الاحصاءات الرسمية الروسية 69 مقاتلة ومروحية.

ـ استخدام السلاح الاستراتيجي الروسي في الحرب على سورية، بدايةً من الصواريخ الاستراتيجية المجنحة والتي يتم إطلاقها من البحر، وليس انتهاءً بالقاذفات الاستراتيجية القادرة على حمل 40 طناً من الذخيرة النوعية، ونشر نظومات صواريخ «أس 300» و«أس 400».

ـ المناورات العسكرية في المتوسط ودلالات منع التحليق في الأجواء الإقليمية لبعض الدول الواقعة على البحر المتوسط طوال فترة المناورات الروسية.

الموقف الروسي يسير نحو تطوير التدخل العسكري في سورية على قاعدة الفصل بين أي تطوير للموقف الدولي من ملف مكافحة الإرهاب، وسير العمليات العسكرية الروسية في سورية ضد التنظيمات الإرهابية كافة، وهذا أيضاً ذاته ما يحرّك الموقف الفرنسي وضمناً الغربي من سورية. فالتركيز على شيطنة رأس الدولة السورية أولوية تسير بالتوازي مع الحرب على «داعش»، وتكريس نقاط الخلاف الروسي الغربي في سورية حاضر على الدوام في الذهنية الغربية الأطلسية الموجّهة للحرب في سورية.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى