تقرير
أعلن تنظيم «داعش» عن هذه الأرقام مع بداية العام الدراسي الجديد، والذي بدأ في الحادي عشر من تشرين الثاني 2015، حيث فتحت المدارس في المدن التي يحتلها التنظيم أبوابها للطلاب، بعد سنة من العمل على إنشاء سياسة تعليمية، ووضع مناهج دراسية جديدة.
وكانت النتيجة بشكل مبدئي من ناحية السياسة التعليمية تقسيم السنوات الدراسية إلى ثلاث مراحل ابتدائية ومتوسطة وإعدادية ، موزعة على تسع سنوات، وتبلغ مدة الدراسة في السنة الواحدة عشرة أشهر هجرية منقسمة على فصلين دراسيين.
تلك هي الصورة الرسمية التي أعلن عنها التنظيم، ولكن خلف هذه الصورة تختفي تفاصيل كثيرة لسير العملية التعليمية في مدارس «داعش»، سنكشفها لكم في هذا التقرير.
«يعلن ديوان التعليم عن بدء التسجيل للعام الدراسي 1436 هجري، في المدارس التابعة للديوان، علماً أن التعليم من الصف الأول إلى الصف التاسع إلزامي، وكل من لا يرسل ولده للتعليم سيخضع للمساءلة والعقوبة».
نشر تنظيم «داعش» في مدينة دير الزور السورية نصّ التعميم السابق، مع بداية العام الدراسي الماضي، كما أكد في سطوره على أن التعليم متاح للذكور فقط، ولم يكن التحذير كافياً، فقد تضمنت أوراق تسجيل التلاميذ على تعهد من ولي الأمر بإرسال أبنائه الذين في سن التعليم إلى هذه المدارس وإلزامهم بالدوام ومتابعته، وكان نص التعهد: «أتعهد بإذن الله بإرسال ابني إلى المدرسة ومتابعة دوامه وفي حال عدم تنفيذ هذا الأمر أتحمل المسؤولية الكاملة».
وفي وسط الظروف المعيشية القاسية في بعض المدن التي يحتلها التنظيم، لا يملك الأهالي رفاهية الاختيار، إذ يقول أحدهم إن: «داعش يجبر الأهالي على إرسال أطفالهم إلى المدارس رغماً عنهم، تحت تهديد العقاب بالحبس أو الجلد، بحسب الأحكام التي يحدّدها التنظيم»، مؤكداً على عدم إيمان الأهالي بأفكار التنظيم، ولكن حالتهم المادية لا تسمح لهم بالخروج للعيش في مكان آخر.
ولا فرصة متاحة لمن سيقوم بمحاولة إيجاد بديل عن طريق الدروس الخصوصية، حيث يمنع المسؤولون في «داعش» أي معلم من إعطاء دروس خاصة وإلا كانت عقوبته الإعدام، وفي حال اكتشاف وجود معهد يقوم بإعطاء دورات خاصة للطلاب فإنه سيتم تغريمه مبلغاً قدره نصف مليون ليرة سورية.
الخطوة الأولى للمدرّسين المنضمين إلى النظام التعليمي التابع لـ«داعش» هي التوقيع على وثيقة الاستتابة ضمن الأوراق المطلوبة للتوظيف، ونصها: «أنا الموقّع أدناه أتوب إلى الله مما وقعت فيه من .. وأعلن براءتي من تعليم المناهج الباطلة والقومية والوطنية والبعثية، ومن العمل بالقوانين الوضعية والتحاكم إلى الطواغيت، وأني أخضع طواعية لحكم الله عز وجل وأرضى به، وأتعهد ألا أعصي في معروف وألا أقاتل المسلمين أو أعين على قتالهم بالقول أو العمل، وأن أعظم حرمات الله وألا أتعدى على حدوده، فإن غيرت أو بدلت فيجري علي حكم الله عز وجل».
وبهذا، وضع التنظيم المدرسين في المناطق التي يسيطر عليها مثل مدينة الرقة في موقف حرج، فلم يعد أمامهم إلا مبايعة التنظيم والخضوع لأوامره، أو الانتقال نحو مناطق سيطرة النظام من أجل ضمان سير رواتبهم الشهرية.
وثمة محظورات عدّة على المدرّسين مثل حلق اللحية بالشفرة، وإطالة البنطال، وعلى رغم السيطرة التي يحاول «داعش» فرضها في مناطقه إلا أن السكان يؤكدون على أن المدارس تعاني من نقص في الكوادر بشكل واضح.
في خطته لوضع نهج تعليمي خاص به قام تنظيم «داعش» بإلغاء المواد التالية من المناهج الدراسية بشكل نهائي: التربية الفنية الموسيقية، التربية الوطنية، الدراسات الاجتماعية، التاريخ، التربية الفنية التشكيلية، الرياضة، القضايا الفلسفية والاجتماعية والنفسية، التربية الدينية الإسلامية، التربية الدينية المسيحية .
وعلى الناحية الأخرى، وضعت ست مواد دراسية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية هي: مادة التوحيد وتتضمن أصول التوحيد الثلاثة من خلال رسالة محمد بن عبد الوهاب، وهو أحد علماء الجزيرة العربية، ومادة اللغة العربية وتتضمن شرحاً لألفية ابن مالك، إضافة إلى الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والعلوم.
ويقول نشطاء سوريون أن محتوى المناهج الجديدة يتماشى مع قوانين التنظيم وتشريعاته، فالتنظيم يركز على تعليم الأطفال الجهاد ومعنى القتال، في محاولة لزرع الفكر المتطرّف في عقول أطفال المنطقة وذلك عبر التأثير عليهم من خلال روايات وفتاوى وقصص تاريخية، بعيدة كل البعد عن الواقع الحالي وذلك ضمن مادة التربية الدينية.
ولا يتوقف الأمر عند مادة التربية الدينية، فقد عمل «داعش» على تعليم الأطفال العنف في كل شيء، فعند مطالعة كتاب الرياضيات المقرر للعام الهجري 1437، سنجد مسائل الحساب تعتمد على جمع البنادق والمسدسات وطرحها، وغيرها من أنواع الأسلحة.