من يعش رجباً يرَ عجباً

عبد الحكيم مرزوق

يبدو أنّ رجب طيب أردوغان يظنّ أنّ من حوله أغبياء حتى يستمرّ في كذبه المفضوح سراً وعلانية! فأيّ غبي صدّق تخرّصاته بشأن براءته من شراء النفط السوري من تنظيم «داعش» الإرهابي؟! مع أنّ كلّ الأمور قد باتت واضحة للعيان، وهي أنّ أردوغان يسرق النفط السوري، وهناك الكثير من الوثائق والأدلة التي تفضح كذبه وزيف ادّعائه، وهذا لا يجعله كاذباً فقط بل وقحاً حدّ الفجاجة.

عائلة أردوغان اللا طيب كلها متورّطة مع «داعش» الإرهابي، بدءاً من نجله بلال الذي يوفر التغطية السياسية لتكرير وبيع نفط الإرهابيين الدواعش، وابنته سمّية التي تقوم بتوفير الرعاية الطبية الموسعة لعناصر «داعش» المصابين والمنقولين إلى المشافي التركية، وزوجها المتورّط أيضاً في تجارة النفط المسروق من آبار النفط السورية، إضافة إلى الأب الذي يرعى ويحمي ويسهّل ويدعم الإرهابيين الدواعش ويمدّهم بالسلاح والعتاد من دون أيّ اعتبار للأعراف والتقاليد والقوانين الدولية التي تحكم دول الجوار، وهو بذلك بلغ حدّ السفالة بتعامله على هذا النحو، وخاصة في ما يتعلق بالملف السوري حيث لم يراع الحقوق التي تنصّ عليها القوانين والشرائع الدولية فتآمر وسهّل ودعم المسلحين الإرهابيّين، وساهم بقتل الشعب السوري وتدمير البنية التحتية وسرق معامله ونفطه، فهل هناك أسفل وأحطّ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

بعض الخبراء أشار إلى أنّ الموارد المالية الأساسية لـ«داعش» الإرهابي هي تصدير النفط من الحقول السورية والعراقية التي تسيطر عليها، حيث أشارت معلومات المخابرات العراقية إلى أنّ «داعش» يستخرج يومياً بحدود 300 ألف برميل من النفط ويحصل من بيع هذه الكمية على 40 50 مليون دولار شهرياً، حيث يبيع البرميل الواحد بعشرة دولارات لبلال ابن أردوغان الذي يبيعه لشركات تكرير النفط التركية التي تملك المعدات والبنية التحتية اللازمة والعلاقات التجارية وتبيع معظمه للكيان الصهيوني، ولو أننا حسبنا الأرباح التي يجنيها بلال ابن أردوغان شهرياً يظهر لنا رقماً خيالياً.

ويأتي فصل إسقاط الطائرة الروسية في الشهر الماضي واحداً من فصول الحقد الأعمى من أردوغان على الدور الروسي في محاربة الإرهاب في سورية وخاصة ضرب ناقلات النفط التي يستفيد منها أردوغان شخصياً مع ابنه، حيث جنّ جنونه من فقدانه تلك الناقلات والنفط الذي كانت تحويه، وبالطبع فإنه لم يكن ليتصرّف وحيداً حيث أنّ الإدارة الأميركية أعطته الضوء الأخضر ليضرب وينتقم… فكان أن أسقطت قواته الطائرة الروسية التي كانت ضمن المجال الجوي السورية وتقوم بدورها المعتاد في ضرب معاقل الإرهابيين الدواعش.

بعد كلّ ذلك يظهر أردوغان وبكلّ وقاحة لينفي دوره ودور ابنه في شراء النفط السوري والإتجار به، ولا يتوقف عند هذا الحدّ، بل يصف اتهامات روسيا بأنها منافية للأخلاق وتحتاج للأدلة… هل هناك وقاحة أكثر من ذلك؟ كلّ ذلك الدعم للإرهابيين خلال السنوات الماضية ويحتاج لأدلة ووثائق؟ حقاً هزلت!

إنّ الأوْلى بأردوغان إذا كانت لديه ذرة ماء في وجهه أن يستقيل من الحكم لأنّ ما فعله هو العار بعينه وهو عار سيلحق به وبالدولة التركية وبالشعب التركي ليس لمئات السنين بل آلاف السنين، وإذا كان للشعب التركي دور في المستقبل فيجب أن يجبر أردوغان على أن يترك الحكم، ولا يتركه طليقاً بعد كلّ تلك الجرائم التي ارتكبها بحق سورية وشعبها ومقدراتها، بل يجب محاكمته ومحاسبته على كلّ الجرائم التي ارتكبها بحق الشعب السوري أولاًً وبحق الشعب التركي، لأنه سبّب له الخزي والعار بأعمال المشينة هذه ثانياً.

ولتأكيد أنّ أردوغان غارق في التآمر على سورية قيادة وشعباً كونه أحد اللصوص الكبار، نشير إلى أنّ صحيفة «غارديان» البريطانية قالت إنّ توتراً حصل بين تركيا والغرب بعد أن حصلت الولايات المتحدة على وثائق تثبت شراء الحكومة التركية النفط من تنظيم «داعش»، ويقول أحد المسؤولين الغربيين إنّ الوثائق المشار إليها وُجدت داخل منزل أحد قادة التنظيم المتطرف الذي قتل في إحدى العمليات العسكرية التي شنّها التحالف في أيار الماضي وكشفت قيام الحكومة التركية بمفاوضات مع قادة «داعش».

ومع كلّ ذلك نرى أردوغان يظهر عبر وسائل الإعلام وبكلّ وقاحة لينفي ضلوعه وعائلته التي تشبهه بالخسّة والإجرام ويصدر براءته من المزاعم الروسية التي تتهمه بشراء النفط السوري من «داعش» الإرهابي، ويقول إنه مستعدّ للاستقالة إذا ثبت ذلك.

ماذا سيفعل اللا طيب بعد مشاهدته الوثائق المصورة التي بثتها وسائل الإعلام والوثائق التي وجدت في منزل القيادي الداعشي التونسي أبو سياف باعتباره المسؤول عن تجارة النفط، تلك الوثائق التي لا يمكن الحكومة التركية إنكارها في أيّ حال من الأحوال والتي تثبت كذبه ووقاحته.

وبعد… على من يكذب أردوغان وعلى من يضحك؟ فهو يظنّ أنّ الناس أغبياء وسذج حتى يصدّقوا تقوّلاته؟ ولكن الشمس لا تُحجب بغربال، ويخطئ من يظنّ أنه يستطيع أن ينجو بفعلته، فالشعب والتاريخ لن يرحما أردوغان، وبالتأكيد هناك كلمة لا بدّ أن تقال في النهاية ليجد مصيره الذي سيرسم حداً لأفعاله الدنيئة تلك، ومن يعش رجباً يرى عجباً وإنّ غدا لناظره قريب.

كاتب وصحافي سوري

marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى