معرض بيروت العربي الدولي للكتاب 59… ندوات وأمسيات شعرية وأنشطة للأطفال

لمى نوّام

أربعة أيام تفصلنا عن اختتام فعاليات معرض بيروت العربي الدولي للكتاب بنسخته التاسعة والخمسين، هذه التظاهرة الثقافية المتجدّدة كلّ سنة، على رغم الأزمات الأمنية والسياسية التي يمرّ بها لبنان.

وخلال العطلة الأسبوعية، نُظّمت على هامش المعرض فعاليات عدّة، تنوّعت بين الندوات السياسية والفكرية، والأمسيات الشعرية، والأنشطة الخاصة بالأطفال. فخلال توقيعها قصّة «أنا والصرصور» في جناح «دار أصالة»، أقامت الكاتبة ومدرّبة الدراما نايلة عجّة، نشاطاً ترفيهياً كوميدياً للأطفال من وحي قصّتها، ما أدخل البهجة والسرور إلى قلوبهم وقلوب ذويهم.

«البوتينية أسس السياسة الروسية الحديثة»

ونُظّمت أيضاً محاضرة حول كتاب «البوتينية أسس السياسة الروسية الحديثة» لجمال دملج، شارك فيها سفير روسيا في لبنانا آلكسندر زاسبكين، الدكتور نزار يونس، وأدارتها ريتا نعوم، وسط حشد من المهتمين والمثقفين.

استهلت نعوم الندوة بالإشارة إلى أنه ليس من المبالغة القول إن روسيا هي اليوم قلب الحدث، لا بل إن الرئيس فلاديمير بوتين أصبح هو الحدث نفسه، لا سيما بعد إعلانه الحرب على الإرهاب، خصوصاً «داعش».

ورأى يونس أن العالم منقسم إلى قسمين: الأسياد والعبيد، فالأسياد هم الذين استسلموا للعبودية، بينما العبيد هم المستضعفون، «لهذا وجدت أن دملج من خلال مقدّمته أراد أن يكون من الأسياد لا من العبيد، وهنا بيت القصد الهدف، السعي إلى ما وراء الحقيقة، كان يبحث عن بطل وهذذا البطل كان بوتين. لقد رأى فيه رجلاً يحبّ بلده ويمثل حالة عالمية تتخطى روسيا، ووجد في سياسته في البعد الداخلي رغبته وسعيه لتقديم الأفضل إلى الشعب الروسي ومحاربة الفاسدين، ولفت نظر الشعب إلى أن المستقبل ليس سهلاً، لا سيما أنّ الأنظمة السابقة قد تركت له إرثاً كبيراً».

بدوره، تحدّث زاسبكين مشيراً إلى أهداف الكتاب للتوضيح للرأي العام وإظهاراً للحقائق حول الأوضاع في روسيا ولمواقف الرئيس بوتين كنهج، «نحن نعتبر أن ممارسة بوتين تحددت في إطار السياسة الداخلية والخارجية الروسية». مضيفاً إلى أن للكتاب مميزات جيدة لا سيما على مستوى المواءمة بين السياسة البوتينية المنهجية والوقائع الميدانية.

واعتبر السفير الروسي أن العالم بحاجة إلى سياسة عالمية مستقلة ومتوازنة وهذا ما تريده روسيا في ظل بوتين. منذ البداية وروسيا لديها رؤية واضحة للربيع العربي واتضحت أكثر في هذا الكتاب… هناك خطة متكاملة طويلة الأمد، وهناك تعليمات من الرئيس إلى الحكومة ونلاحظ تفاؤلاً عند بوتين بقدرته على الانتصار على كل ما نمر به ونرى انفراجات على كافة الصعد.

وقال دملج في ختام الندوة: «أما اليوم، فثمة حرب تخوضها روسيا ضد الإرهاب في سورية. حرب ما أن بدأت، حتى رأينا بأم أعيننا أن النتائج التي حققتها فاقت من حيث قدراتها الاستهدافية، وبكثير، وفي غضون أسبوع واحد فقط ما حققه التحالف الستّيني الذي تقوده الولايات المتحدة في مجال محاربة داعش وأخواته على مدى أكثر من ثلاثة عشر شهراً. والمضحك المبكي هنا أننا عوضاً عن أن نركز في وسائل إعلامنا على طرح التساؤلات ورسم علامات الاستفهام حول ما إذا كان الأميركيون، ومن يقف وراءهم، جادين فعلاً في محاربة الإرهاب، رحنا نشكك بالإنجازات الروسية ونقزّمها. بعضنا لأنه يكره بشار الأسد، وبعضنا لأنه يحب رجب طيب أردوغان، ورحنا نروّج لدعارة إعلامية أقلها عهراً ما نسب عن حرب صليبية يخوضها الروس في بلادنا، وأكثرها وقاحة ما جاء على لسان بعض المسؤولين العرب، مثل عادل الجبير، عن أن لا مستقبل للأسد في التسوية السياسية، وذلك في وقت كان الإرهاب يضرب شرم الشيخ والضاحية الجنوبية وباريس ومالي. وكأن ثمة رغبة دفينة تستهدف تحويل الأنظار عن نزاهة الحرب الروسية على الإرهاب، وإدخالها في متاهات تبعدها عن أهدافها الحقيقية».

أمسية شعرية لمريم مشتاوي

ونظّمت «دار المؤلف» أمسية شعرية «قصائد حب من لندن إلى بيروت» وتوقيع ديوان شعر «حين تبكي مريم» للشاعرة اللبنانية البريطانية مريم مشتاوي.

بداية، استهل مدير عام الدار ناصر عاصي الأمسية بالقول: «لهذه الأمسية وقع خاص بين الأنشطة التي نقوم بها، فهي نافذة على عمل إنساني نحترمه جميعاً، ونحن والشاعرة الكريمة جزء من هذا النشاط الذي يعود ريعه إلى مركز سرطان الأطفال، فنحن نعتبر أن أي دعم لهذا المركز هو بمثابة علاج يساهم في التخفيف من طأة مرض خبيث».

وتحدثت هناء الشعار شعيب، مدير عام «مركز سانت جود» حول الأمسية قائلة: «قصائد حب من لندن إلى بيروت»، عنوان يشبه مهمة مركز سرطان الأطفال الإنسانية، التي فيها كثير من الحب اتجاه الأطفال والتضامن الاجتماعي. في وقت توسعت مهمة مركز سرطان الأطفال إلى لندن بهدف نشر الوعي وجمع التبرعات لتأمين العلاجات الأفضل لأطفال داهمهم مرض السرطان على غفلة.

ثم ألقت الشاعرة المشتاوي قصائدها على أنغام العود، وكان عرض فيلم وثائقي قصير عن لبنان، فتقديم هدايا لأطفال المصابين بمرض السرطان. وختاماً، وقّعت الشاعرة ديوانيها.

… ولمهدي منصور

ونظّمت «شركة المطبوعات للتوزيع والنشر» أمسية شعرية بعنوان: «أخاف الله والحبّ والوطن، والأرض حذاء مستعمل» للشاعر الدكتور مهدي منصور في حضور حشد من متذوّقي الشعر والمهتمين.

وقدّم الممثل جمال حمدان الشاعر منصور قائلاً: هو صديق للكلمة علاقته بها علاقة خاصة صادقها منذ نعومة أظفاره وفي أيامه ولياليه، ونسج من أحرفها عقوداً من الياسمين… لم تكن الكلمات مع مهدي منصور فقط قصيدة، كانت لوحة، وكانت معزوفة موسيقية حملت عطر البساتين ووجع الناس وتراب الوطن والكثير من الأسئلة… طبع الأحرف وخاطها فساتين ملونة وألبسها إلى حسناواته على امتداد العالم العربي.

ثمّ قدم الشاعر مهدي منصور مختارات من إنتاجاته الشعرية الأخيرة.

«الفهم الثوري للدين والماركسية»

كما نُظّمت ندوة حول كتاب «الفهم الثوري للدين والماركسية» للنائب السابق زاهر الخطيب، شارك فيها عضو المجلس الوطني للاعلام غالب قنديل، ومحمد غازي فريج، وحضرها حشد من المهتمين والمثقفين.

وأشار قنديل في مستهلّ مداخلته إلى أن هذا الكتاب كائن حيّ تتجدّد قيمته منذ 38 سنة، وتؤكد الأحداث والتطورات صحة الاتجاه الذي اختاره المؤلف زاهر الخطيب في التصدي لإحدى أشد الاشكاليات الفكرية حراجة وحساسية، وهي علاقة الماركسيين بالمتدينين في بلادنا، وهي علاقة راكمت ذاكرة من التضاد والتناقض التناحري الافتراضي الذي بدّد الكثير من الجهود والإمكانيات الفكرية والثقافية.

واعتبر قنديل أن المقدّمات الأربع تتصل بنسيج الكتاب فكرياً وثقافياً، وهي تشهد بصورة واقعية على التحوّلات والتحدّيات المتراكمة في واقعنا العربي وتركز كل مقدمة في زمانها وضمن إطارها التاريخي على الموضوع الجوهري في السجال الفكري والثقافي ولذلك عاين المؤلف في مقدمة هذه الطبعة ظاهرة الإرهاب التكفيري وتمثل المقدمة الرابعة مفتاحاً فكرياً في النضال الذي يحتاج إليه مجتمعنا لتحصين الشباب الساخط ضدّ دعوات التكفير، وضدّ التضليل الذي يجعل الآلاف منهم أدوات قتل وعنف أعمى لمصلحة منظومة الهيمنة الاستعمارية الرجعية الصهيونية.

واعتبر قنديل أن الخطيب في هذا الكتاب قام بمعالجة منهجية فكرية ومفاهيمية للمحاور الرئيسية التي تحدّد مضمون الخيار الاجتماعي، وطريق التغيير في كل من الاسلام والمسيحية والماركسية، ليصل إلى الاستنتاج الفكري بتماثل القيم الإنسانية التي تبشر بها وتسعى لتحقيقها.

وأشار فريج في مداخلته إلى أن الكتاب لاحظ بدايةً وجود قاسم مشترك بين الأديان والفلسفات الاجتماعية بشكل عام، وعلى رأسها الإسلام من جهة والماركسية من جهة أخرى، يتمثل بالدعوة إلى العدالة الاجتماعية. فهي تدعو جميعها إلى الارتقاء بالإنسان إلى مراتب الحياة الكريمة التي تنبذ الظلم والاستغلال، وتسعى إلى تحقيق العدالة والكرامة والمجتمعات البشرية قاطبة. وهذه هي الفكرة المحورية التي حرص الأستاذ زاهر على تأكيدها والبناء عليها.

وأضاف: ومع وجود هذه الأهداف المشتركة لكل من الدين والماركسية فلا بدّ لنا من الاعتراف بأن لكل منهما وسائله وأساليبه المختلفة لتحقيق هذه الأهداف، وليس الآن مجال البحث فيها. كذلك فأن وجود أهداف مشتركة بينهما ضمن دائرة العدالة الاجتماعية لا يعني أبداً إلتقائهما خارج إطار هذه الدائرة.

واعتبر أنه لا بدّ من الإشارة إلى ملاحظة هامة أوردها المؤلف حين أكد على حصول الانحراف عند التطبيق العملي لكل منهما فكانت تلك سمة أخرى مشتركة بينهما… يذكر المؤلف في مقدمة الطبعة الرابعة أن انحرافات الرؤية في الدين وتفسيراته تتركز في ثلاث مسائل فكرية وفقهية وسياسية تندرج تحت العناوين التالية: تكفير غالبية المجتمعات العربية والإسلامية، اعتماد العنف الإرهابي تحت ستارة مقولة «الجهاد»، اتخاذ مواقف عدوانية من أتباع الديانات الأخرى. وقد فنّد الكاتب مواقف التكفيريين في هذه المسائل الثلاث بأدلة قاطعة تثبت شططهم وانحرافهم عن الفهم الصحيح للنصوص الإسلامية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى