تقرير

كتب رافاييل مولدر لموقع «La Libre.be» البلجيكي:

تتنوّع مصادر التمويل لدى تنظيم «داعش»، من ضرائب وتهريب للتحف التاريخية، لكن يبقى تهريب النفط أكثر الأنشطة المدرّة للدخل استقراراً وفاعلية للتنظيم، وهو المورد المتواجد بكثرة في مناطق واسعة من سورية والعراق التي يسيطر عليها التنظيم منذ أكثر من سنة.

على رغم أهميتها، فإن مداخيل تنظيم «داعش» من تهريب النفط في سقوط حرّ، «لم يعد النفط سلعتهم الأساسية» يقول فرنسيس بيرين رئيس الاستراتيجيات الطاقية، كما أن التقديرات تشير إلى تراجع المدخول الشهري في أقل من سنة من 100 مليون دولار شهرياً إلى 20 مليوناً حالياً.

ويعود سبب هذا الانخفاض إلى سببين رئيسين، أولهما انهيار سعر برميل النفط الذي فقد 60 في المئة من قيمته السوقية منذ صيف سنة 2014، ما يستوجب على «داعش» بيع نفطه بأقل من 20 دولاراً للبرميل حتى يستمر في جذب المهرّبين، فيما يعود السبب الثاني إلى ضربات التحالف التي تركّز بشكل متزايد على بنية «داعش» النفطية، والتي توجد في غالبيتها في مناطق صحرواية قاحلة في العراق وسورية، من السهل استهدافها بالطيران الحربي، ما خفّض القدرة الإنتاجية لتنظيم البغدادي من 90.000 برميل يومياً إلى 25.000 بحسب تقديرات بيار ترزيان، مدير «بتروستراتيجي» البلجيكية.

بحسب الخبراء، لا شركة نفطية أجنبية واحدة بما فيها السعودية منها تشتغل في مناطق نفوذ «داعش»، لكن تنظيم «داعش» تمكن من تجنيد آلاف التقنيين والمهندسين طوعاً أو إكراهاً ممّن كانوا يشتغلون في تلك الحقول قبيل سيطرته عليها.

طبقاً لبيار ترزيان، فإن الشاحنات المحمّلة بالنفط تعبر يومياً الحدود في اتجاه واحد هو تركيا، حيث توجد مصانع التكرير وموانئ الشحن التجاري.

تنظيم «داعش» لم يستحدث شيئاً، هو استولى على حقول النفط فقط، أما تكرير النفط وتسويقه فما زالا يتمان بالطريقة نفسها منذ أيام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي أحدث هذا النظام في تسعينات القرن الماضي لمواجهة العقوبات الدولية المفروضة على بلاده آنذاك.

دائماً طبقاً لبيار ترزيان: «الكل على علم بهذا التهريب، وفي مقدّمهم الحكومة التركية، لنكن واضحين، إن أغلقت تركيا الحدود بشكل حازم مع مناطق سيطرة تنظيم داعش، فإنه سينهار خلال شهور، ليس فقط بسبب انهيار المداخيل، بل بسبب النقص الذي سيحصل في العتاد والمقاتلين أيضاً».

حتى اليوم، لم تُظهِر تركيا العداء لـ«داعش» بشكل واضح لا لبس فيه، لأنها استغلّت هذه الورقة في ضغوطها على الأميركيين والأوروبيين حتى يوقفوا دعمهم للأكراد، العدو الأوّل لتركيا والتي تخشى تبعات ذلك الدعم على المديين المتوسط والبعيد.

يقول بيار ترزيان إنّ «داعش» يبيع نفطه للجميع، بما في ذلك أعداءه، لكن في ما يخصّ أوروبا، قلّل ترزيان من أهمية ما تحدّثت عنه سفيرة بروكسل في بغداد، «ذلك يخص دولة أو دولتين على الأكثر».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى