إدغار جول يلقي نظرة على الدراسات المستقبليّة في مصر
يتكوّن بحث «الدراسات المستقبلية في مصر… الإطار، الأمثلة، الرؤى» لإدغار جول من أربعة فصول يحاول الباحث خلالها استعراض خصائص الأبحاث المستقبلية وسياقاتها ومؤسساتها واتجاهاتها في واحدة من أكبر بلدان المنطقة العربية والإسلامية وأكثرها تأثيرًا، أي مصر.
الفصل الأول تحت عنوان «الخلفية والظروف والسياقات» ويقدم فيه الباحث أمثلة تاريخية حول اهتمام الإنسان الباكر عامة بالمستقبل ومحاولة قراءته والاستعداد لمتغيراته، بالإضافة إلى الأمثلة التي وجدت في منطقة الشرق الأوسط بدءاً بمصر الفرعونية مروراً بالعديد من الحضارات والحوادث. ويخلص الكاتب إلى ان التفكير المستقبلي الحديث يعتمد على قدر معين من الحدس والحساسية، كما يعتمد إلى حدٍّ بعيد على طرائق أكثر منهجية وعلمية، فالبحث المستقبلي يستخدم كل أنواع الإمكانات والموارد والأدوات لجمع المعلومات والبحث والتحليل والتفكير.
ثم يتناول الكاتب سمات التفكير المستقبلي المعاصر الذي ظهرت إبان انتهاء الحرب العالمية الثانية. محاولاً أن يفض التشابك القائم في ذهنية العامة حول طبيعة عمل الباحث في مجال العلوم المستقبلية. ويقدم في نهاية الفصل وصفاً لبعض الخصائص الرئيسية للمجتمع المصري فهذا هذا يمثل تأسيسًا لأي فهم ولإمكانات التطورات المستقبلية في مصر.
في الفصل الثاني تحت عنوان «المؤسسات والخبرات»، يورد الباحث بعض المخططات حول بدايات التفكير العلمي المستقبلي في مصر ويصفها بالبداية المحبطة. وتصف الأجزاء التالية عددًا مختارًا من المؤسسات والمنظمات والخبراء العاملين في المجال، وهناك مركز الدراسات المستقبلية في مركز معلومات مجلس الوزراء، ومعهد الدراسات المستقبلية في أسيوط، والمعهد القومي للبحوث. وفي نهاية الفصل يلقي الباحث نظرة مختصرة على بقية المؤسسات، وكما سيتضح، ثمة مؤسسات بحوث مستقبلية قليلة جدًّا، ومعظم هذه المؤسسات المذكورة لديها فريق عمل صغير، وربما خبير واحد يعمل في البحوث المستقبلية أو التفكير المستقبلي الجاد.
في الفصل الثالث «التحديات والأنشطة» يستهل الباحث الفصل، مؤكدًا على أن مصر تواجه العديد من أبعاد التخلف، كما أنها عُرضة لمجموعة كبيرة من التحديات، وتعرّض كثير من التحليلات والدراسات والتقارير التي تصنف داخل الدراسات المستقبلية بمفهومها الواسع، وركزت على هذه التحديات. كما يؤكد الباحث على أن مصر لا تعدم الخبرات العملية والدوافع للتركيز على هذه القضايا والاتجاهات المستقبلية، لكن الموارد المتطلبة لتحقيقها ليست متاحة دائمًا، ويأتي الدعم المالي لمعظم تلك الدراسات والتقارير من وكالات حكومية ومؤسسات عامة. وبعض التقارير المهمة أيضًا مموّلة، أو مموّلة بالاشتراك مع المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية والبنك الدولي ومؤسسات التنمية الأجنبية والمنظمات الدولية غير الحكومية.
كذلك يعالج هذا الفصل العديد من القضايا التي تمثل تحدياً لمصر، مستعرضاً التقارير والدراسات الحديثة التي تناولتها بالتحليل من وجهة نظر مستقبلية. ويأتي الباحث على ذكر بعض القضايا مثل التنمية البشرية، النوع، التنافسية، التنمية الحضرية، تلوث الهواء، الانبعاثات الغازية، التغيّر المناخي وارتفاع مستوى البحر، وأخيراً مشكلة المياه.
أما الفصل الرابع والأخير «انطباعات ووجهات نظر» فيقدم فيه الباحث آراء ووجهات نظر عدد من الباحثين المصريين وغير المصريين حول مستقبل التحديات التي تواجه مصر وتمثل خطراً يجب أن يؤخذ جدياً في الاعتبار. ومن أمثلة الباحثين الذين اشتشهد بآرائهم، الباحث جون برادلي والباحث المصري ابراهيم العيساوي الذى قدم نظرة مستقبلية لمصر عام 2020.
خلال العقد الأخير كان هناك العديد من الأنشطة المتنوعة والمتميزة والمتعلقة بالبحوث المستقبلية في مصر وأنشئ العديد من المؤسسات والهيئات المهتمة بهذا المجال. ورغم أن هذه المؤسسات لا تكون غالبًا على مستوى المعايير العلمية المطلوبة، فإن إنتاجها ودراساتها تقدم عناصر جيدة ومهمّة للنقاشات المستقبلية والقرارات السياسية. وأدت ثورة يناير 2011 والصراعات المجتمعية المستمرة والمعقدة والمتباينة إلى تفاقم الحاجة إلى التفكير المستقبلي والدراسات المستقبلية. ويقدم هذا التقرير نظرة عامة على السياق والظروف، وأنماط التفكير المستقبلي في مصر، كما يتناول التحديات والقضايا الكبرى، ويركز الجزء الأكبر منه على المؤسسات المهتمة بالبحث المستقبلي ومشاريعها، بالإضافة إلى تناول مشروعين ضخميْن يحاولان أن يجسدا نمط التنمية المستدامة بطرائق مختلفة. في النهاية، يقدم التقرير تقويمات ونقدًا ذاتيًّا ووجهات نظر لعدد من الخبراء مختارين من حقل التفكير المستقبلي في مصر.
صدر البحث لدى «وحدة الدراسات المستقبلية في مكتبة الإسكندرية» ضمن العدد الثامن من سلسلة «أوراق»، وترجمه إلى العربية محمد العربي.