تركيا… عين واشنطن في الشرق

يوماً بعد يوم، يُكشف النقاب عن المهمات التي تتولاها تركيا في هذا الشرق، والتي تصبّ كلّها في مصلحة الولايات المتحدة الأميركية. والجديد، ما كشفته صحيفة «إيزفيستيا» الروسية في مقال نشرته أمس، معتبرة أنّ تركيا تخبر الولايات المتحدة بالعمليات العسكرية الروسية أوّلاً بأوّل!

وتطرّقت الصحيفة إلى الوثائق السرية لوكالة الأمن القومي التي تشير إلى موقع تركيا الجغرافي الفريد، ما جعل الولايات المتحدة تتعاون معها. ومن هذه الوثائق، وثيقة وكالة الأمن القومي الأميركي عام 2013 التي كُشف عن بعض محتوياتها مؤخراً، وتقول إن تعاون تركيا مع وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة يضمن الحصول على المعلومات اللازمة أوّلاً بأوّل مباشرة على مدار الساعة، عن العمليات الروسية البحرية والجوية والأرضية في جورجيا وأوكرانيا وكل ما يجري في البحر الأسود.

ونقلت الصحيفة عن يوري روغوليوف مدير «مؤسسة فرانكلين روزفلت» المعنية بدراسة الولايات المتحدة والتابعة لجامعة موسكو، قوله إنه يعتقد ان تركيا حليف من نوع خاص للولايات المتحدة، مع أنها في غالبية الأحيان تتصرف وفق مصالحها هي. وأضافت الصحيفة أنّ الخبراء يشيرون إلى ان إسقاط تركيا قاذفة القنابل الروسية «سو 24» كان مخطّطاً له في وقت سابق.

إلى ذلك، تطرّقت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية إلى الحركة الإسلامية المسمّاة «جماعة الدعوة والتبليغ»، وإلى نموّها المتسارع، إذ إنها تكتسح منطقة الشرق الأوسط حالياً بكل أناة وتؤدة. فهل يمكن اعتبار هذه الجماعة بمثابة ترياق لتنظيم «داعش» أم أنها تشكل تهديداً آخر للغرب؟ سؤال طرحته الصحيفة وحاولت الإجابة عنه في تقرير قالت فيه إن الجماعة التي بدأت كحركة تهدف إلى إيقاظ الشعور الديني لدى الأقلية المسلمة «المضطهدة» في الهند إبان الحكم البريطاني، تحوّلت خلال القرن الماضي إلى ظاهرة عالمية تضمّ في صفوفها ما قد يصل إلى خمسين مليوناً من الأتباع.

«إيزفيستيا»: تركيا تخبر الولايات المتحدة بالعمليات العسكرية الروسية أوّلاً بأوّل

تطرّقت صحيفة «إيزفيستيا» الروسية إلى الوثائق السرية لوكالة الأمن القومي التي تشير إلى موقع تركيا الجغرافي الفريد، ما جعل الولايات المتحدة تتعاون معها.

وجاء في المقال: جاء في وثيقة وكالة الأمن القومي الأميركي عام 2013 التي كشِف بعض محتوياتها مؤخراً، ان تعاون تركيا مع وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة يضمن الحصول على المعلومات اللازمة أوّلاً بأوّل مباشرة على طول الساعة، عن العمليات الروسية البحرية والجوية والأرضية في جورجيا وأوكرانيا وكل ما يجري في البحر الأسود.

بموجب هذه الوثيقة تتعاون وكالة الأمن القومي مع أجهزة الاستخبارات الوطنية التركية عبر شبكة الانترنت، ما يضمن حصول الولايات المتحدة على المعلومات اللازمة عن المواقع العسكرية في المنطقة ومن ضمنها روسيا.

تحصل وكالة الأمن القومي يومياً على المعلومات الاستخبارية الخاصة بالعمليات العسكرية للإرهابيين الموجهة ضد الأتراك وضد مواطني الدول الأخرى. وتحصل الوكالة على هذه المعلومات مرّة كل ساعتين ليلاً ونهاراً. وتشير الوثيقة أيضاً إلى أنّ موقع تركيا الجغرافي الفريد عامل مهم من عوامل تعاون الوكالة معها.

يقول يوري روغوليوف مدير «مؤسسة فرانكلين روزفلت» المعنية بدراسة الولايات المتحدة والتابعة لجامعة موسكو، إنه يعتقد ان تركيا حليف من نوع خاص للولايات المتحدة، مع أنها في غالبية الأحيان تتصرف وفق مصالحها هي.

ويضيف قائلاً إن الجانب التركي ينفّذ كافة الأوامر التي تصدر من الولايات المتحدة، ولكن هذا لن يكون إلا لفترة محددة. والولايات المتحدة تغضّ النظر عن أمور كثيرة يقوم بها الجانب التركي. فهي مثلاً على علم بتدفق النفط من «داعش» عبر تركيا منذ زمن بعيد، ومقابل هذا تقف تركيا ضد بشار الأسد وتسمح لطائرات الولايات المتحدة باستخدام مطاراتها.

وبحسب رأيه، إن إسقاط القاذفة الروسية «سو 24» من قِبل المقاتلات التركية فوق الأراضي السورية كان بمبادرة من السلطات التركية، وليس مستبعداً أن تكون الولايات المتحدة على علم مسبق بذلك، ولكنها بعد تنفيذ العملية أدارت ظهرها لتركيا.

أما الموظف السابق في الأجهزة الأمنية أناتولي بيتروف فيعتقد أن الولايات المتحدة تستخدم تركيا لمراقبة العمليات الحربية في المنطقة ومن ضمنها الغارات التي تنفّذها الطائرات الروسية على مواقع الإرهابيين في سورية، لأن من المحتمل أن يكون نقل المعلومات أولاً بأول من ضمن الاتفاقيات المعقودة في إطار الناتو.

ويضيف إن القاعدة العسكرية الأميركية موجودة في تركيا منذ أكثر من 50 سنة. لذلك من المحتمل أن يكون الهاكرز هم وراء كشف هذه الوثيقة.

ويشير الخبراء إلى ان إسقاط تركيا قاذفة القنابل الروسية «سو 24» كان مخطّطاً له في وقت سابق. وبحسب رأي القائد السابق لقوات الصواريخ والمضادات الجوية، سيرغي خاتيلوف، جمعت الاستخبارات التركية كل ما يتعلق بمسار الطائرات الحربية الروسية منذ بداية عملياتها العسكرية في سورية، وعلى ضوئها اختارت اللحظة المناسبة لتوجيه ضربتها.

يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد وقّع يوم 28 تشرين الثاني الماضي مرسوماً في شأن فرض عقوبات محددة على تركيا. واستناداً إلى هذا المرسوم الرئاسي، قرّرت الحكومة الروسية اعتباراً من أول كانون الأول الجاري وقف كافة الرحلات الجوية المستأجرة تشارتر إلى تركيا وبالعكس باستثناء الرحلات الخاصة بعودة مواطني روسيا من تركيا. كما انه لن يسمح ابتداء من أول كانون الثاني المقبل لمواطني تركيا دخول الأراضي الروسية من دون تأشيرات سفر، كما يمنع استيراد الفواكه والخضار المختلفة واللحوم بأنواعها والأملاح وبعض المنتجات الصناعية الأخرى من تركيا.

«مونيتور»: جماعة «الدعوة» لغز يكتسح الشرق الأوسط

في غمرة الهجمة الشرسة على الإسلام في بعض أجهزة الإعلام الغربي لا سيما عقب الهجمات المسلحة التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس وولاية كاليفورنيا الأميركية مؤخراً، بدأت الأضواء تُسلّط على إحدى الحركات الإسلامية التي لطالما عُرفت بنهجها الدعوي المتسامح.

الحركة المعنية هي جماعة «الدعوة والتبليغ» التي باتت واحدة من أسرع الحركات الإسلامية نموّاً، لا بل إنها باتت تكتسح منطقة الشرق الأوسط حالياً بكل أناة وتؤدة. فهل يمكن اعتبار هذه الجماعة بمثابة ترياق لتنظيم «داعش» أم أنها تشكل تهديداً آخر للغرب؟ سؤال طرحته صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الإلكترونية الأميركية وحاولت الإجابة عنه في تقرير مطوّل.

تقول الصحيفة إن الجماعة التي بدأت كحركة تهدف إلى إيقاظ الشعور الديني لدى الأقلية المسلمة «المضطهدة» في الهند إبان الحكم البريطاني، تحوّلت خلال القرن الماضي إلى ظاهرة عالمية تضمّ في صفوفها ما قد يصل إلى خمسين مليوناً من الأتباع.

ومن المهام التي تضطلع بها: تنظيم رحلات لأتباعها يتنقلون خلالها من قرية إلى أخرى ومن مسجد إلى آخر لنشر تعاليم الإسلام عند إخوانهم في العقيدة، واستقطاب مزيد من المؤيدين. ودرجت الجماعة على إيفاد نشطاء منها إلى أكثر من مئتي دولة، من بينها الولايات المتحدة.

غير أنه ما من منطقة شهدت استجابة أسرع لنداء جماعة الدعوة والتبليغ في السنوات الأربع الأخيرة من منطقة الشرق الأوسط، إذ استقطبت عشرات الآلاف من الشبان «المتبرمين».

وبالنسبة إلى هذا الجيل من الشباب ذي النزعة الإسلامية، فإن إخفاق حركات مثل الإخوان المسلمين في حكم مصر، وخيبة الأمل المتفاقمة من جرّاء الفوضى وحالة اليأس التي تسببت بها الجماعات الإسلامية والمسلحة في سورية والعراق، كل ذلك خلَّف فراغاً واسعاً عميقاً، بحسب «كريستيان ساينس مونيتور».

فمن قلب القاهرة إلى أرياف سورية التي تئن تحت وطأة الحرب، فإن مصائب الإسلاميين هناك كانت عند جماعة الدعوة والتبليغ فوائد.

وترى الصحيفة أن العواصم الغربية التي تترنح من جرّاء هجمات باريس الإرهابية ستتقبل هذه الجماعة بكل ترحاب، لكنها تتساءل: هل تستطيع حركة متزمتة وسرّية تروّج لمفاهيم دينية صارمة ترفض الحياة العصرية، سطع نجمها كالدعوة والتبليغ، أن تظل عند العهد بها؟

فبدلاً من أن تكون جماعة «الدعوة» بمثابة «مكبح» للتطرف، فإن بعض النقاد يرونها نمطاً من الإسلام من شأنه أن يكون «بوابة» للممارسات ذاتها التي تقول إنها تريد التصدّي لها.

ففي بريطانيا، اجتذبت الجماعة أتباعاً مثل ريتشارد ريد الذي حاول في أواخر عام 2001 تفجير قنبلة مزروعة في حذائه على متن طائرة كانت متوجهة إلى الولايات المتحدة.

وتصرّ الجماعة على أن رسالتها تنبذ العنف ولا تضمر حقداً وكراهية لأتباع الديانات الأخرى أو الأشخاص، بل إنها تسعى لأن تقول للمسلمين إن ما يتعرضون له من ظلم واضطهاد في بلدان مثل سورية إنما هو علامة على مجتمع فقد قيمه الأخلاقية، على حد تعبير الصحيفة الأميركية.

وتمضي الصحيفة في تقريرها إلى القول إن مصر ظلت منذ وقت طويل عند الإسلاميين هي الجائزة، لأنها الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في العالم العربي. ودبّ إحساس لدى جماعة «الدعوة» أن الفرصة باتت مواتية لها الآن هناك، فالرئيس محمد مرسي الذي أطاح به الجيش في 2013 يقبع في السجن بانتظار تنفيذ حكم الإعدام فيه، وحُظرت حركة الإخوان المسلمين، فيما تواجه المجموعات الإسلامية الأخرى ضغوطاً من الحكومة المدعومة من العسكر.

وقد ظلت الدعوة والتبليغ بمنجى من تلك الإجراءات الصارمة، ذلك لأنها نأت بنفسها عن المعترك السياسي وعن انتقاد الحكومة. ويقول ناشطون إن الجماعة تشهد «نهضة» في مصر وربما تمكنت من مضاعفة عضويتها في السنوات الخمس الماضية. ويقدّر محللون من خارج هذه الجماعة عدد أعضائها في مصر بنحو ثلاثمئة ألف.

من المآخذ على هذه الجماعة لدى «كريستيان ساينس مونيتور»، أنها ترى في الموسيقى والتلفزيون أدوات للفساد، بينما يزعم بعض النقاد أن هدفها على المدى البعيد هو إقامة بؤر إسلامية للتطهر ترفض شرعية الحكومات.

ويرى خبراء أن الانتكاسات التي تعرّضت لها جماعات «الإسلام السياسي» في مصر ودول الربيع العربي، أتاحت أرضية خصبة للحركات التي ترنو لإحياء الشعور الديني مثل «الدعوة والتبليغ».

وبالنسبة إلى بضعة ملايين من المسلمين ممن أقضّت الحروب الطاحنة في العراق وسورية واليمن وليبيا مضاجعهم، فإن الدعوة إلى الجهاد المسلح يكون لها صدى قوي ومستمر. لكنها عند جماعة «الدعوة والتبليغ» تمثل تحدّياً مباشراً لجوهر رسالتها القائمة على أن طريق الخلاص يكمن في تأكيد الثوابت الإسلامية.

وعلى رغم جهودها في مخاطبة الشباب «المتطرّف»، فإن «الدعوة والتبليغ» هي نفسها لها تقاطعات مع التشدد. فنهجها الإسلامي المقاوم للتحرر ورفضها الحداثة جذبا نحوها أتباعاً مضوا في ما بعد لتبنّي العنف ضدّ الغرب بِاسم الإسلام.

وتسوق الصحيفة مثالاً على ذلك محمد صديق خان «مُدَبِّر الهجمات الإرهابية في تموز 2005 في لندن، الذي كان يؤدي صلواته في مسجد تابع للدعوة والتبليغ في شمال إنكلترا».

كما أن جون ووكر ليند، الأميركي الذي قاتل مع حركة «طالبان»، كان يحضر اجتماعات «الدعوة والتبليغ» في الولايات المتحدة، إذ تقول الجماعة إن لها الآن خمسمئة ألف من الأتباع.

غير أن مسؤولين في الجماعة يردّون على ذلك بالقول إن هؤلاء الأفراد انتهكوا كل مبادئها الأساسية، ثم أنهم لا يمثلونها. ويشير هؤلاء إلى أن «الجهاديين المتشددين» معارضون لـ«الدعوة والتبليغ» ولجوهر رسالتها القائمة على تزكية النفوس.

ومن المآخذ على هذه الجماعة ـ لدى «كريستيان ساينس مونيتور» ـ أنها ترى في الموسيقى والتلفزيون أدوات للفساد، بينما يزعم بعض النقاد أن هدفها على المدى البعيد هو إقامة «بؤر إسلامية للتطهر ترفض شرعية الحكومات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى