آفاق العلاقات العراقية ـ التركية

حميدي العبدالله

تدهور جديد طرأ على العلاقات العراقية التركية. من المعروف أنّ العلاقة بين بغداد وأنقرة متوترة منذ فترة طويلة في ضوء ثلاث قضايا أساسية، القضية الأولى إصرار تركيا على إقامة علاقات مميّزة مع إقليم كردستان بعيداً عن التعاون والتنسيق مع الحكومة المركزية في بغداد، بما في ذلك في الأمور التي ليست من صلب مهام حكومة إقليم كردستان العراق. القضية الثانية، انحياز أنقرة على أساس مذهبي إلى جانب فريق من السياسيين العراقيين المشاركين في الحكومة، بدلاً من إقامة علاقات متوازنة مع كافة الأطراف العراقية. القضية الثالثة، الدعم غير المحدود، العلني والسرّي، الذي تقدّمه تركيا إلى تنظيم «داعش».

جاء الإعلان الأخير عن توسّع التدخل العسكري التركي في محافظة نينوى ليزيد الطين بلة، ويعمّق الخلافات بين بغداد وأنقرة، لا سيما أنّ الحكومة العراقية تعتقد أنّ وراء هذا التواجد العسكري التركي نوعاً من أنواع التوسّع التركي على حساب الأرض العراقية، إضافةً إلى توفير الحماية لتنظيم «داعش»، عبر تعطيل قيام تحالف بين المكوّنات العراقية في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي، واستبداله بتعاون بين تركيا وبعض المكوّنات العراقية التي تسعى للاستقواء بالجيش التركي، ليس ضدّ «داعش» وحسب، بل وأيضاً ضدّ القوى الأخرى الشريكة في الحكومة العراقية.

بديهي أنّ هذا التدهور الإضافي في العلاقات العراقية التركية، نقل البلدين إلى مستوى جديد، يمكن القول إنّ ما بعده غير ما قبله، لا سيما لجهة استمرار التعاون الاقتصادي الوثيق الذي كان قائماً رغم قضايا الخلاف الثلاث الأساسية التي سبقت التوسّع العسكري التركي في محافظة نينوى.

اليوم أمام تركيا خيار من اثنين لا ثالث لهما:

إما مراجعة سياستها الحالية إزاء العراق، وإقامة علاقة طبيعية، ومن خلال الحكومة المركزية دون المرور بإقليم كردستان، أو مكوّن واحد من مكوّنات الحكومة العراقية، ودعم الحكومة العراقية في حربها ضدّ «داعش» بعيداً عن السياسات الملتوية التي تعتمدها أنقرة الآن، وإما أن تشهد العلاقات العراقية – التركية مزيداً من التدهور وصولاً إلى القطيعة الكاملة، بما في ذلك وقف كلّ أشكال التعاون الاقتصادي، بل أكثر من ذلك ربما يصل تدهور العلاقات إلى حدّ المواجهة العسكرية، إذا لم تستجب تركيا لطلب الحكومة العراقية بسحب قواتها التي انتشرت مؤخراً في محافظة نينوى في ضوء الدعوات إلى قصف هذه القوات إذا لم تنسحب، وفي ضوء تنصّل الولايات المتحدة من مسؤولية التنسيق مع أنقرة عند انتشار هذه القوات، الأمر الذي يعني أن ليس هناك غطاء دولياً لوجود هذه القوات على أرض العراق.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى