ستبقى المحاماة رسالة

المحامي عمر زين

انّ العمل الاتحادي والنقابي والفردي للمحامين العرب هو الارتقاء بمهنة المحاماة، وتأكيد استقلالها مهنة ومنظمات، وترسيخ تقاليدها واخلاقياتها، ومن أجل سيادة حكم القانون والمؤسسات واستقلال القضاء.

غير انّ المهنة وتنظيماتها فقدت في بعض البلدان العربية رسالتها، بحيث بدلاً من الارتقاء بمهنة المحاماة نظرياً وعملياً نلاحظ لدى البعض التبعية للانظمة وأجهزتها الأمنية مما يفقدها استقلاليتها، وبدلاً من التقيّد وتعزيز تقاليد المهنة وتراثها وآدابها نشاهد تجاوزات تغفل عنها بعض النقابات ولا تخضعها للمساءلة والمحاسبة، بحيث أصبح بعض من ينتسب الى المهنة لا يحمل ولا يؤدّي رسالتها، بل يعتبرها طريقاً لكسب العيش النظيف او غير النظيف، او للاستفادة من المعاش التقاعدي وعقود الاستشفاء والطبابة او مجالاً للسمسرة والمتاجرة بحقوق الناس، مما يستدعي أقصى التشدّد لتطبيق قوانين تنظيم مهنة المحاماة واللوائح والمذكرات والأنظمة المتعلقة بممارسة المهنة وآدابها وتراثها على مستوى الاتحادات والنقابات العامة والفرعية منعاً من الإضرار في مسيرة هذه الرسالة وحامليها، حيث نرى ونسمع بالإضافة الى ما ذكرناه آنفاً انّ بعضهم مع الأسف الشديد يعمل موظفاً او سائقاً او بائعاً… مما يتطلب معه التشدّد في قبول الانتساب الى نقابات المحامين وتنظيف جداول المحامين العاملين والمتدرّجين سنوياً مع المراقبة الدائمة والفاعلة وبتكليف عضو مسؤول من أعضاء النقابات عن هذا العمل مع إعمال الاختصاصات كما هي في مهمات الهيكليات التنظيمية وكل ذلك الى جانب مجالس النقابات والمجالس التأديبية، وتنفيذ القرارات دون ايّ إبطاء، مع الحسم والحزم، كي تبقى المهنة بأعلى درجات الاحترام من جانب المجتمع والدولة.

ولا بدّ من الإشارة الى انّ هذه الثغرات والتجاوزات والمخالفات يشجعها ويساندها ويقوم بها بعض النقابيين الذين يتسلقون المناصب والكراسي إما لتبعيتهم لبعض الأحزاب المخترقة بهذا النوع من البشر، علماً انه يقتضي ان تقف السياسة على أعتاب النقابات والاتحادات، واما لاستعمال أساليب الغش والتملق والتدليس والمذهبية والطائفية، وهذا ما يحصل مع الأسف لجميع النقابات المهنية وغير المهنية والاتحادات على أنواعها، وهؤلاء يمارسون عملهم النقابي في حال وصولهم الى المراتب الاتحادية والنقابية لغايات شخصية مادية ومعنوية، ويضربون بعرض الحائط كلّ القيم والأخلاق، ولا يحافظون على الأمانة التي كلفوا بها، سواء اكانت مهنية او وطنية، حيث يسخرون كلّ ذلك لمصالحهم الشخصية فتضيع آداب المهنة ومعها التراث والتقاليد وتضيع حقوق الوطن، فتضعف لدى هؤلاء سبل النضال من أجل سيادة حكم القانون لانشغالهم في مصالحهم، ونتيجة التزلّف والتزلّم تضعف لديهم المحاسبة والمساءلة، كما يفقدون البصر والبصيرة التي يقتضي توفرهما للنضال من أجل استقلال القضاء وسيادة حكم القانون.

وهنا تجدر الإشارة الى مدى الجهد والعذاب الذي يعانيه الأحرار المتمسكون بالقواعد الأخلاقية والوطنية والقومية التي نصّت عليها المواثيق واللوائح، والتي تأكدت منذ مئات السنين وذلك من الذين أشرنا اليهم.

ولا بدّ ايضاً من ربيع عربي حقيقي في نقابات ومنظمات وجمعيات وهيئات واتحادات المحامين والحقوقيين العرب لإجراء الإصلاحات المنشودة وإقصاء المتزلّفين والمتسلّقين والمستزلمين من كلّ الأجهزة النقابية والاتحادية، وهذا من مهمّات الجمعيات العمومية للنقابات وبعدها لمجالس النقابات كي تبقى المحاماة رسالة.

الأمين العام لاتحاد المحامين العرب سابقاً

رئيس اتحاد الحقوقيين اللبنانيين

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى