ندوة حول كتاب «الشخصانية والغدية»

شهد معرض بيروت العربي الدولي للكتاب أمس، ضمن إطار النشاطات الثقافية، ندوة حول كتاب محمد عبد العزيز الحبابي «الشخصانية والغدية 1922 ـ 1993»، نظّمها «المركز العربي»، وشارك فيها كل من كمال عبد اللطيف، الدكتور أنطوان سيف، وقدّم لها مشير عون، وحضرها حشد من المهتمين والمثقفين.

استهل سيف مداخلته قائلاً: العبور إلى عالم الحبابي الفكري، عندما نختار دليلاً إليه من كتابات عنه، يؤول بنا إلى رؤية من زاوية مختلفة تجعل نصوص الباحثين، لا نصّ الحبابي مباشرة، موضوع كلامنا وموجّهه. هذه الوسائط بيننا وبينه لا ينبغي لها، مع ذلك، أن تفضي بنا إلى تنحية تامة لنصوصه عن مركز مقاربتنا له، ولا إلى تجريدها من مرجعيتها المستدامة في هذه المواجهة المعرفية.

وأضاف: خلاصة القول، أن الحبابي برأي الباحث، هو سلفيّ ينقد السلفية لأنها ناقصة، أي لم تدرك ولم يقل إنها تعادي دينامية المجتمع الصناعي الغربي ولم تسع إلى الانفتاح عليه. «والشخصانية الإسلامية» الحبابية لم تبن على تحليل فلسفي، إنما على معاناة وجودية ووجدانية بعيدة عن المنطق واللغة الفلسفيين… إضافة إلى هذه الأحكام، وإلى مآثر أخرى تتمثل في كونه أوّل من حصل على لقب دكتور في الفلسفة في المغرب، وأنه مؤسّس درس الفلسفة في الجامعة المغربية الفتية، وأوّل عميد لكلّية الآداب فيها، فضلاً عن كتاباته الفلسفية، وصوغه المصطلحات الفلسفية العربية الحديثة بالترجمة التي مارسها وبالتأليف، يلحظ كمال عبد اللطيف، أيضاً، مأثرة فريدة للحبابي تجعله ظاهرة تاريخية في الفلسفة العربية، كونه يمثل لحظة اسئناف القول الفلسفي في الفكر المغربي، هذا الاستئناف الذي يأتي بعد صمت فلسفيّ مديد في المغرب الكبير، دام قروناً، منذ نكبة مواطنه ابن رشد.

واعتبر عبد اللطيف أنه لا يمكن فهم مكانة محمد عبد العزيز الحبابي 1993 ـ 1923 في الفكر المغربي والعربي المعاصر، من دون ربطها بالسياق الثقافي والمجتمعي العام، الذي نشأت وتطوّرت في إطاره. ونقصد بذلك واقع المجتمع والثقافة المغربية والعربية، في نهاية النصف الأول من القرن العشرين، إضافة إلى واقع الدرس الفلسفي الجامعي في فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية… لم يكن الحبابي الفيلسوف بعيداً عن أسئلة المشروع السياسي الإصلاحي للمغرب المعاصر، إنما كان منخرطاً فيه بطريقته الخاصة. وقد سمح له تكوينه الفلسفي في الجامعة الفرنسية في نهاية الأربعينات وبداية الخمسينات من القرن الماضي. ونقصد بذلك الفلسفة الشخصانية وما يرتبط بها من مذاهب ومفاهيم فلسفية في دائرة الفكر الفرنسي المعاصر، إذ حاول استيعابها ثم تقديمها والتعريف بها. كما سعى إلى تطوير بعض جوانبها، استناداً الى بعض الأسئلة المرتبطة بالمشروع الثقافي المغربي والعربي في أبعاده التحرّرية.

وأضاف: حاول الحبابي إعادة التفكير في مفاهيم الشخصانية وأطروحاتها، حيث ساهمت مؤلفاته المنشورة خلال عقد السبعينات من القرن الماضي وما تلاها، في بلورة أسئلة تتعلق بمصير العالم الثالث، وهي أسئلة تستهدف التفكير في تناقضات العالم المعاصر، وتقترح إعادة تأسيس قواعد جديدة للتضامن الإنساني، بمعايير اجتماعية وأخلاقية، ومن منظور تحرّري يركّب النظر بالاعتماد على معطيات نفسية ووجودية.

وختم عبد اللطيف قائلاً: يعتبِر الحبابي في مقدّمة الطبعة العربية لكتابه من الحرّيات إلى التحرّر أن الفيلسوف كائن له جذور في أرض وتاريخ. ومن هذا، فإن حرّيته وتحرّره يرتبطان بتلك الجذور وضمنا له السياق، ودعا إلى ضرورة التسلّح العلمي بالمعطيات الأساسية لعلم الاقتصاد والديمغرافيا ومختلف المعارف والعلوم الاجتماعية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى