اليوم لبنان يتضامن مع «المنار»: يوم للمقاومة والإعلام والدفاع عن الحريات الرابية: ترشيح فرنجية يحجز له مقعد البديل… لكن معركة عون لم تنته
كتب المحرر السياسي
بينما تجرجر السعودية خيبتها وتسير نحو وقف النار في اليمن على قدم واحدة عرجاء تستند إلى عصا الأمم المتحدة، بعدما صارت حدودها ملعباً للجيش اليمني واللجان الشعبية وفشل تحالفها في التقدّم نحو صنعاء، وحفظ السيطرة على عدن واضطر إلى تسليم مناطق شاسعة لتنظيم «القاعدة»، وقعت عليها فضيحة مقتل أربعة عشر من كبار الضباط المتقاعدين البريطانيين والأستراليين والكنديين والكولومبيين العاملين كمرتزقة في شركة «بلاك ووتر» الذائعة الصيت بعملها لحساب المخابرات الأميركية، بعدما كشفتهم اللجان الشعبية وهم يحاولون زرع مُعَدَّات تنصّت ومراقبة قرب باب المندب بحماية قوات التحالف، لتثبت اليد العليا لحساب الحوثيين وحلفائهم في اليمن، رغم شهور الحرب والخراب والدمار، لذلك لم تنفع كلّ الهالة الإعلامية التي حشدت لمؤتمر المعارضة السورية في الرياض لمنحه الشرعية، فالضوضاء لا تصنع جملة مفيدة، والغبار لا ينفع لصناعة حجارة البناء، فكان يكفي أن تعلن روسيا وإيران رفض حصر تشكيل الوفد المعارض في الحوار السوري – السوري ليسقط الغطاء عن مؤتمر الرياض إلا بصفته فرعاً ومكوّناً أعجز من أن يختصر المعارضة، وقد استُبعد المكوّن الكردي كلياً، وضمّ تنظيمات لم يحسم أمر استبعادها عن لوائح الإرهاب، والبتّ بهذا التصنيف لا يملكه السعوديون، وهم متهمون من حلفائهم بالتعامل مع جماعات إرهابية، كـ»جيش الإسلام» و»أحرار الشام» و»النصرة» من خلال تسمية «جيش الفتح»، هذا علماً أنّ المؤتمر نفسه يتشقق وينقسم على نفسه وينسحب منه مشاركون.
الخيبة السعودية سورياً ويمنياً، تلاقيها خيبة تركية مزدوجة أيضاً في العراق وسورية، حيث بات التموضع التركي العسكري في العراق مكشوفاً بلا غطاء بعد موقف الحكومة العراقية، الحاسم والواضح، وصار الملف محرجاً للأميركيين وحلفاء تركيا بوضعه على طاولة مجلس الأمن من قبل روسيا، ما اضطر أنقرة إلى التوسط من أجل قبول بغداد بحوار ثنائي لحلحلة الخلاف، بينما على الضفة السورية كانت الصفعة أقوى للرئيس التركي رجب أردوغان الذي وقف يتبجّح بالتمسك بإقامة ما يسمّيه بـ»المنطقة الآمنة» في شمال سورية ليأتيه الردّ بلسان البيت الأبيض حازماً، لا منطقة آمنة شمال سورية.
واشنطن المرتكزة على قدمين تركية وسعودية حاولت التعويض عن ضعف حلفائها بالإمساك بالمبادرة السياسية والديبلوماسية باستثمار ترؤسها لمجلس الأمن هذا الشهر لنقل اجتماعات مسار فيينا إلى نيويورك، وتحديد الموعد دون التشاور مع المشاركين، خصوصاً موسكو وطهران، فكان الإصرار والمثابرة من الحليفين الروسي والإيراني على إفشال الاجتماع ما لم ترضخ واشنطن لمنطق الشراكة، ما رتب عقد اجتماع ثلاثي روسي – أميركي – أممي في جنيف غداً، وزيارة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو خلال الأسبوع المقبل، بينما في الميدان العسكري تقدّم نوعي للجيش السوري في كلّ اتجاه، خصوصاً في أرياف حلب الجنوبية والشرقية، وإمساك بحيّ الوعر في حمص بعدما خرج منه المسلحون وصارت حمص بأحيائها الستة والثلاثين بيد الجيش السوري، فيما كانت صواريخ كاليبر الروسية الصاعدة من تحت الماء من البحر المتوسط من الغواصات الروسية التي قال الرئيس فلاديمير بوتين إنها قادرة على حمل رؤوس نووية آملاً أنه لن يحتاج الصواريخ النووية في الحرب على الإرهاب.
لبنان الذي يحضر في قلب هذه التحوّلات، بقوة مقاومته وشراكتها كقيمة مضافة في الانتصارات المحققة في سورية والعراق واليمن، يجتمع اليوم حول هذه المقاومة وتحت رايتها متضامناً مع شاشتها المقاومة المستهدفة بقرار شركة «عربسات» حجب بث قناة «المنار»، فيجتمع السياسيون والإعلاميون لإحياء يوم من أيام المقاومة والإعلام والحريات في فندق «كورال بيتش» الواحدة ظهراً تلبية لدعوة «المنار» استنكاراً لقرار العدوان عليها.
وفي لبنان كانت دارة العماد ميشال عون في الرابية وجهة زيارة منتظرة للنائب سليمان فرنجية، للبحث في التسوية الرئاسية التي أطلقها تبنّي الرئيس سعد الحريري لترشيح فرنجية، ليخرج الاجتماع بصمت دون تصريحات، وفقاً لاتفاق الزعيمين على ذلك، مؤكدين تماسك جبهة تحالفهما، وحلفائهما المحليين والإقليميين، بينما التصدّع والتشقق وتبادل الاتهامات سمات العلاقات الجديدة بين الحريري وحلفائه، ووفقاً لمصادر متابعة للقاء الرابية أنّ ما خلص إليه لقاء عون وفرنجية، أنّ ترشيح فرنجية إثبات لفاعلية الصبر في خوض معركة ترشيح عون، ولذلك يجب الحفاظ على هذا المكتسب، وتثبيت فرنجية مرشحاً بديلاً وحيداً، لكن معركة فرنجية لم تبدأ لأنّ معركة ترشيح عون لم تنته بعد، ولأنّ الصبر لا يزال مطلوباً وفعّالاً.
لقاء فرنجية ـ عون والتمسّك بالثوابت
لم تحسم الأمور لمصلحة رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية، فالعقد لا تزال موجودة وبناء على ذلك سيؤجل البت بهذا الملف إلى ما بعد الأعياد، وإن كانت أجواء لقاء الرابية بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية التي خيّم عليها التكتم، كسرت الجليد وعكست ارتياحاً واسعاً في صفوف فريق 8 آذار بمختلف مكوناته.
وإذا كان فرنجية غادر من دون إدلاء بأي تصريح، وكذلك التزمت أوساطه الصمت ورفضت التعليق في حديث لـ«البناء» على الزيارة، فإن قناة الـ«أو تي في» أشارت إلى أنه «تم تأكيد صلابة الحلف بين التيار الوطني الحر وتيار المردة، وأكد فرنجية خلال اللقاء أنه باق على ثوابته السابقة حيث جدد دعمه للعماد عون». وأضافت «جرى الاتفاق على متابعة مجريات انتخابات رئاسة الجمهورية والتنسيق الدائم في هذا المجال».
وعلمت «البناء» من مصادر المجتمعين «أنه جرى الاتفاق على استمرار التواصل وعلى عدم طرح المسائل في الإعلام»، ولفتت المصادر إلى «أن الطرفين أكدا الثوابت التي تجمعهما».
وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى أنه «خلافاً لما كان البعض ينتظره أن يكون فرنجية في موقف الندّ المتحدّي، فقد ظهر فرنجية في اللقاء هو نفسه الذي لم يتغير». وأشارت المصادر إلى «أنه لم يحصل خلال اللقاء الذي دام ساعة ونيفاً أي مواجهة أو تصعيد كلامي، بل كان النقاش موضوعياً».
وذكرت المصادر بـ «كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن العماد عون هو المرشح الأساس والمدخل الأساس للرئاسة»، مشيرة إلى «أنه لا يمكن لشخصية بحجم العماد عون أن تكون خارج المشهد».
وأكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن أفضل سيناريو للموضوع الرئاسي هو في تفاهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح ورئيس تيار المردة. ونقل النواب الذين التقاهم في إطار لقاء الأربعاء النيابي عنه أن المطلوب من اللبنانيين أن يعملوا جادين للاستفادة من الظروف التي تجعل لبنان اليوم أكثر البلدان القادرة أو المهيأة لمعالجة مشاكله وإنجاز الاستحقاقات التي يواجهها.
جونز: يجري العمل على تسوية منطقية
وفي موقف أميركي جديد ولافت من الاستحقاق الرئاسي، أعلن القائم بأعمال السفارة الأميركية السفير ريشارد جونز بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي التوافق تماماً على أن وقت إجراء الانتخابات الرئاسية حان، وأن على الأحزاب المعنية أن تعمل معاً وتختار رئيساً، قائلاً: «لا يجوز وضع العراقيل على طريق هذه العملية».
وأضاف «نحن نعتقد أنه يجري العمل على تسوية منطقية، فإذا لم يتم القبول بها، فإننا نأمل من جميع الأطراف اللبنانية أن يعملوا معاً على تسوية تأتي برئيس للجمهورية اللبنانية في أقرب وقت».
إنجاز جديد للمقاومة: مجزرة مباركة في «النصرة»
أمنياً، شهدت جرود وادي الخيل في جرود عرسال شرق لبنان، إنجازاً ميدانياً للمقاومة، حيث تمكّن رجال المقاومة بعد معارك عنيفة مع إرهابيين من جبهة النصرة من قتل ثلاثة قادة في «النصرة»، في كمين محكم في وادي الخيل أدّى إلى مقتل القائد العسكري الميداني في «النصرة» المدعو «أبو فراس الجبة» مع ثلاثة من معاونيه إثر استهداف سيارته بشكلٍ مباشر صباح أمس.
وبعد وقوع الاستهداف، حاول إرهابيون من «النصرة»، سحب جثث قتلاهم، لكن المقاومة كانت لا تزال تكمُن في المنطقة، حيث فتح المقاومون نيرانهم باتجاه المجموعة ما أدى إلى سقوط خمسة قتلى وعدد من الجرحى، فكانت «ضربة معلم» مزدوجة من المقاومة.
وفق مصادر ميدانية خاصة لـ«البناء»، «فإن رجال المقاومة وبعد رصد دقيق ومتابعة على مدى 24 ساعة متواصلة ليل نهار، تمكنوا من تعقب موكب المدعو أبو فراس الجبة الملقب بالأسمر، والمؤلف من ثلاث سيارات رباعية الدفع، بينما كان يسلك طريق وادي الخيل باتجاه أحد المواقع الأمنية داخل مناطق النصرة، لعقد اجتماع أمني عسكري على مستوى قادة النصرة العسكريين والأمنيين كانوا بانتظاره. وأشارت المصادر إلى «أن رجال المقاومة تمكّنوا من استهداف موكب «الأسمر عند الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين من صباح أمس»، مشيرة إلى «أن العملية نفّذت بدقة وحرفية بواسطة شَرَكٍ من العبوات الناسفة والصواريخ الموجّهة، أصابت هدفها بدقة، وبعد تدمير السيارة بواسطة الصاروخ الموجّه موضع الهدف ومقتل مَن بداخلها الأسمر وثلاثة من معاونيه. حاولت سيارتي الحماية سحب الجثث فكانت العبوات الناسفة تتبعها بصاروخين موجهين ووابل من الأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف المدفعية المباشرة ما أدّى إلى مقتل خمسة من عناصر الحماية وجرح خمسة آخرين».
وعقب العملية الناجحة دارت اشتباكات بين مجاهدي المقاومة ومسلحي النصرة استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف المدفعية المباشرة عقب محاولات متكررة من مسلحي النصرة لسحب جثث قتلاهم وجرحاهم التي باءت بالفشل ما أدى لوقوع عدد إضافي من القتلى والجرحى في صفوف إرهابيي النصرة.
ومعلوم أن أبو فراس الجبة يتزعّم سابقاً ما يسمى «لواء أحرار القلمون»، وبايع جبهة النصرة مؤخراً، وينضوي تحت إمرته ما لا يقلّ عن 70 مسلحاً.
تزامنت الاشتباكات، مع محاولات حثيثة لتحركات مسلحي النصرة في جرود عرسال فقامت الوحدات المدفعية والصاروخية في الجيش اللبناني باستهداف تحركات وتجمّعات مسلحي النصرة بقذائف المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ محققة إصابات مباشرة.