من هم جنود أردوغان في المعركة؟

جمال مُحسن العفلق

يعيش رجب طيب أردوغان حالة من العصبية تعكس حقيقة أحلامه وطموحاته، فالرجل الذي جمع بين الإسلامية والعلمانية وقدم نفسه على أنه القائد العثماني الجديد للإمبراطورية العثمانية المندثرة، عنصري ويعتبر أنّ القومية العثمانية يجب أن تستردّ ما أُخذ منها، تلك الإمبراطورية التي تمدّدت على أراضٍ عربية بقوة السيف وغطاء الدين، ولأنّ الرجل أخذ الضوء الأخضر من أميركا والاتحاد الأوروبي فهو يحاول الاستفادة من تلك المساحة للكشف عن أهدافه الحقيقة. تلك الأهداف التي سعى إليها من خلال المجندين لديه وهم من غير الأتراك الذين يقدمون له الولاء والطاعة مع كلّ مطلع شمس.

جنود أردوغان اليوم هم من المرتزقة الذين يعيشون في فنادق اسطنبول، ولهم حماية أمنية وحراسات مشدّدة ويسمح لهم بالعمل من خارج القوانين بالبيع والشراء والإتجار بالبشر وتجارة السلاح ونقله. هم مجموعة ما يسمى ائتلاف الدوحة وكذلك مجموعة تنظيم القاعدة العراقي و»داعش»، فهؤلاء هم جنود أردوغان الذين يعملون لديه، فعلى الصعيد السوري يسوق ما يسمى ائتلاف الدوحة لمواقف أردوغان وكأنها نصوص سماوية ويدافعون عنه حتى لو كان ذلك على حساب الشعب السوري الذي يتحدثون عنه ليل نهار ويبكون ويتباكون عليه، وهم الذين يتاجرون به.

ففي مؤتمر الرياض الذي عُقد تحت عنوان «توحيد المعارضة السورية» كان رجال أردوغان حاضرين يدافعون عن الحركة الإسلامية والإخوان المسلمين ويملون على المشاركين شروط أردوغان بالحلّ السوري، فأردوغان يحلم بمنطقة عازلة ويحلم بضم حلب أو الإشراف عليها ويحلم بأن تستطيع قواته الدخول والخروج متى شاء إلى سورية ومنها، وهذا كله كان حاضراً في مؤتمر الرياض بحجة حماية المدنيين، وفي الوقت نفسه لإرضاء سلطانهم العثماني وتحقيق رغباته.

فمن يدعون الانتماء للوطن ويدعون الوطنية لم يكن لديهم الوقت الكافي ولا القدره على التعليق أو اتخاذ موقف اتجاه الدخول التركي الى العراق، ولم يكن لديهم موقف واضح تجاه ادعاء أردوغان بضرورة حماية التركمان السوريين، والأكراد الموالين لحكومة كردستان العراق، بل تصريحاتهم تتمحور ضد الأكراد المعادين لأردوغان والرافضين له، ولا يجب أن نحمل أردوغان الكثير فهو بالنهاية رجل له طموحاته وله تطلعاته ولكن علينا أن نسأل الذين يخدمونه ماذا بعد؟

لا أعتقد أن أردوغان بسياسته العنصرية تجاه العرب وتجاه الدول المجاورة يرى بهؤلاء حلفاء إنما موظفون عليهم تسويق سياسته، وأي خروج أو اعتراض ستكون عقوبته القتل أو إخراج صاحب الصوت المخالف من تكوين ما يسمى ائتلاف الدوحة، فالقضية ليست حلماً لأردوغان وحده، فحلفاؤه من العرب وخصوصاً السعودية رغم اختلاف المدرسة التي تنتمي إليها، لكنها تمتلك الحلم نفسه وهو تفتيت المنطقة وخصوصاً سورية وإشغال إيران بحماية حدودها مع العراق حيث تفكر تركيا بالوصل الى هناك وحماية أمن ما يسمى «إسرائيل».

وإذا كان أردوغان نجح في الدخول الى العراق والتمسك بالبقاء، فهذا لا يعني الانتصار إنما يعني انتحار وما يمكن تسميته إطلاق الرصاصة الأخيرة، فالحلفاء الذين فشلوا في اليمن، وشعور أردوغان بخروج الملف السوري من يده دولياً، دفع به الى هذه الخطوه التي إذا لم يتراجع عنها فالعراقيون ليسوا جميعاً مرحب بهم، وهذا يعني أن العائلات التركية ستستقبل قريباً جثثاًَ لجنود الجيش التركي، ويعلم أردوغان هذا تماماً ولكن سيطرة الفكر التوسعي لديه تدفعه باتجاه المغامرة، وسيكتشف أردوغان أن الذين جندوا من أجل خدمته بالمال القطري والسعودي لن يكونوا بقدر المسؤولية ولن يكون لهم دور خلال أشهر.

فالمقاومة الوطنية في سورية والعراق سوف توقف مشروع أردوغان، كما أن الإيرانيين رغم تصريحاتهم المحدودة حول تركيا إلا أنهم يراقبون بحذر شديد الخطوات التركية ولن يسمحوا للعثماني الجديد أن يتمدد في المنطقة كما يريد، أما الروس الذين لم يقعوا في فخ محاربة تركيا بعد حادثة إسقاط الطائرة ولكنهم استخدموا أسلحة صامتة ولكنها فتاكة سوف يكون لها أكبر الأثر على مستقبل تركيا، ومحاولات بعض الدول العربية تعويض تركيا عن الخسائر الاقتصادية التي سوف تصيبها لن يكون مجدياً فالاقتصاد الذي يعيش على التمويل الخارجي، سيأتي وقت وسيعلن فشل كل خططه الاقتصادية واليوم لا يمكن فصل جنون أردوغان عن التغير الدولي الواضح تجاه سورية، فالرجل جهز نفسه لنتائج أكبر من ذلك واعتبر نفسه حسب وصف أحد المجندين له على أنه خليفة المسلمين ولكن واقع الحال يكشف عكس ذلك، فأصابع الاتهام تتجه إليه كممول ومسهل للإرهاب الدولي، وضرب ناقلات النفط عبر الحدود السورية والعراقية أشعل قلب الرجل فملايين الدولارات تضيع منه وبنفس الوقت جنوده من داعش والنصرة ومن المعارضة السورية يفقدون مصدر تمويلهم.

فالذين صفقوا منذ سنوات لكلمة أردوغان حين قال إنه سوف يصلي في مسجد بني أمية الكبير في دمشق ووعد أنصاره من السوريين الذين يخدمون مشروعه بأن الموعد قريب هم أنفسهم الذين يبيعون سورية كل يوم منهم من يكتب في الصحف ومنهم من يطل على شاشات الموساد الناطقة بالعربية ومنهم من يحمل السلاح لقتل أبناء وطنه، هؤلاء ببساطه هم الجنود الخادمين لجنون أردوغان الذي يعيش عقدة السلطان العثماني الجديد ويحاولون ليل نهار كسب الرضا والقبول منه.

وإن كنت لا أجد مبرراً للخيانة ولم يسجل التاريخ أن الخائن لوطنه استطاع أن يقدم مبرراً إلا أن الغارقين في خدمة المشروع التركي والمشروع الوهابي وهما مشروعان امتداد للمشروع الصهيوني في المنطقة يجدون كل يوم ألف مبرر لخيانتهم مع الأسف. فأصواتهم اليوم في الرياض تعبر عنهم وتعبر عن مدى سيطرة المال عليهم كيف لمعارض يتحدث عن الديمقراطية وحرية الرأي أن يعقد مؤتمره في بلد لا يعترف بالآخر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى