«بيت السينما» للتعريف بالسينما البديلة والترويج للأفلام غير التجاريّة
اللاذقية – ياسمين كروم
يعمل مشروع «بيت السينما» الذي انطلق منذ أكثر من عام في محافظة اللاذقية على تأسيس جيل سينمائي شاب بعيد عن تلقي الأعمال السينمائية بطريقة مؤدلجة، وعدم الترويج للسينما التجارية التي يسوّق لإنتاجاتها عبر القنوات العربية المتخصصة بالسينما، كأكثر الأفلام مبيعاً أو مشاهدة من دون أن تتوافر فيها عناصر الفيلم المثالي.
يتجه المشروع إلى إيجاد بيئة مناسبة لسينما بديلة تستقطب محبي هذا الفن ضمن مكان تتوافر فيه عناصر النادي السينمائي بطريقة مصغرة لتعريف الشباب السوري بالسينما المستقلة المعروفة في جميع أنحاء العالم.
يعتبر «بيت السينما» المشروع الأول من نوعه على مستوى المحافظة ويضم أرشيفاً ضخماً من الأفلام المتنوعة الأوروبية والآسيوية والأميركية المستقلة التي تحتفي بها مهرجانات عالمية مثل مهرجان برلين والبندقية، وهي بعيدة عن الإنتاج التجاري، كما يوفر نسخاً لأهم الأفلام الكلاسيكية العالمية، ويصل عدد الأفلام الى عشرة آلاف فيلم مؤرشف بحسب النوع يطلع الشبّان على عناوينها ومخرجيها والموضوع الذي تعالجه والإنتاجات التي يمكن أن يتابعونها بحسب الفكرة التي يحبون معرفتها.
كذلك يوجد عدد من النسخ الورقية المعنية بالسينما وأعلامها للراغبين في الاطلاع بشكل أوسع على أعلام هذا الفن ومراحل تطوره لتعميم السينما كمفهوم ثقافي يومي يدخل في حياة الشباب ويصبح ركناً أساسياً لاستقاء المعرفة.
المخرج محمد سالم، مؤسس المشروع، يوضح فكرته الأساسية والرؤى والتطلعات المستقبلية التي يسعى إليها قائلاً: «بيت السينما مشروع ثقافي في المقام الأول موجه إلى الشباب واليافعين المهتمين بالمجال السينمائي، لكنه يتميز بأنه بعيد عن الأفلام التي تحصد أعلى نسبة مشاهدة وليست بالضرورة ناجحة في المعايير السينمائية، لكن الترويج المدروس لها يعطي إيحاء بأنها متميزة».
ويؤكد ان الترويج جزء مهم من صناعة السينما التجارية التي تهدف الى الربح، مضيفاً «نعاني كشباب سوري من واقع أن الإنتاج السينمائي المحلي نخبوي عامة ولم ينجح في استقطاب فئة الشباب على نحو واسع، كما أن تجربة إطلاق مهرجانات للأفلام الشبابية القصيرة لم تنضج كاملاً بعد. إن ابتعاد الشباب عن القراءة جعلهم يبتعدون في الوقت عينه عن السينما فكان لا بد من محاولة إيجاد مكان يتجاوز فكرة المكتبة السينمائية قادر على تلبية حاجات الشباب المهتمين بهذا الفن وإرشادهم إلى ما هو جدير بمتابعتهم وإطلاعهم على تجارب شبابية ناجحة في مجال الأفلام المستقلة وفتح أفق أوسع للناس حول المعنى الحقيقي للسينما غير المعنية بالعنف والمشاهد الفاضحة وعدم الانبهار بما تقدمه سينما هوليوود واعتباره الأفضل من دون فهم الرسائل التي تمرّها لصالح منتجيها والتي تشكل وعياً شعبياً يكون خاطئاً».
يقول سالمإانه استطاع على مدى عام من انطلاق مشروعه استقطاب فئة واسعة من جيل الشباب بينهم من هو باحث بشكل أساسي عن هذه النوعية من السينما، وبينهم من أصبح لديه فهم حقيقي لما يجب أن يختاره ويتابعه، معتبراً أن المردود المادي الضعيف غير مهم مقابل المردود المعنوي الذي يعتبر ثروة حقيقية لتحقيق الفكرة التي يسعى إليها.
يردف قائلاً: «تم الاتفاق مع مقهى إن هاوس كافيه باللاذقية على تأسيس صالون أو ناد سينمائي مصغر تتوافر فيه جميع العناصر المطلوبة من أرشيف سينمائي ضخم يقدمه بيت السينما وصالة عرض بتقنية ثلاثية الأبعاد، بالإضافة إلى توافر مقهى في الوقت عينه للاجتماع ومناقشة ما عرض، فالفكرة تكمن في دمج العناصر الثلاثة ضمن مقر واحد مخصص للترفيه والفائدة وهو أمر متعارف عليه بكثرة في عدد كبير من دول العالم».
انطلق هذا المشروع عملياً قبل أسبوعين وتستقبل الصالة روادها يومياً، والإقبال جيد، خاصة بعد انتهاء الفيلم والمناقشات التي تحصل حوله تدل على وجود وعي ورغبة لدى الشباب للمعرفة والمتابعة.
يضيف سالم: «نعمل حالياً على تطوير الفكرة بشكل أكبر وأوسع بالاعتماد على ممول أو شريك مادي قادر على تقديم متطلبات النادي السينمائي بجميع تفاصيله لتفيد منه أكبر فئة ممكنة من الشباب أو الفئات الأكبر سناً التي لم تتح لها الفرصة لمتابعة ذلك النوع من الأفلام».
عن تجربته السينمائية يشير سالم الى أنه استطاع تنفيذ تجربة وحيدة في مجال الأفلام القصيرة التي استقاها من واقع الأزمة السورية، إذ عمل على إنتاج فيلم عنوانه «في وطن آخر» عرض على اليوتيوب الذي اعتبره مكاناً ممتازاً للإعلان عن التجارب الشبابية الجديدة.
والفيلم سوريالي منفذ بأسلوب «الدوغما 95» وأنجزه بالتعاون مع مصطفى القر طالب في المعهد العالي للفنون المسرحية، وحاولا فيه إثبات أن اي شخص عاشق للسينما قادر على إنتاج فيلم صغير ضمن مكان واحد وكاميرا واحدة وبظروف متواضعة. والفيلم شبابي بامتياز إخراجاً وتأليفاً وتمثيلاً ويشارك في مهرجاني أبو ظبي ودبي السينمائيين خلال العام الجاري.
يختم سالم قائلاً «إنه يحاول تطبيق ما يروج له وتعليم الشبّان أننا في حال لم نستطع إنتاج أفلامنا الخاصة فنحن بالتأكيد قادرون على متابعة انتاجات غيرنا من الشبّان والمحترفين في هذا المجال والتمتع بها»، لافتاً الى أن فئة الشبّان المتابعة «بيت السينما» أضحى لديها وعي كاف وقدرة انتقائية مهمة، إضافة الى تطور ذائقتها السينمائية وأدوات النقد الذاتي.